أعلن الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، أن الحصيلة الإجمالية لحادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية ليل الجمعة الماضي بلغت 19 حالة وفاة، هم سبع رجال وسبع سيدات وثلاث جثث مجهولة وإشلاء جثتين، وقد أمرت النيابة بدفن جثث الضحايا. وقال شهاب في بيان أمام مجلس الشورى أمس برئاسة صفوت الشريف إن عدد المصابين بلغ 74 مصابا، هم 56 مسيحيا و18 مسلما، وقد تم علاج 28 حالة منهم ويتبقى 46 مصابا آخرين لا يزالون يخضعون للعلاج، كما أسفر الحادث عن تلفيات في 19 سيارة، واحتراق ثلاثة سيارات بالكامل، وحدوث تلفيات بمبنى الكنيسة وكشك الحراسة، ونوافذ المسجد المواجه للكنيسة. وأضاف إن أجهزة الشرطة المصرية لا تزال تبذل جهودا مكثفة من أجل الوصول لمرتكبي الجريمة، وأوضح أن التقارير النهائية للمعمل الجنائي والنيابة العامة لم تصدر بعد، بيد أنه أشار إلى أن الفحوص المبدئية تشير إلى تأكيد عدم مطابقة نقطة ارتكاز بالتفجير بإحدى السيارات أو بالطريق العام، بما يرجح أن العبوة التي انفجرت كانت محمولة من شخص انتحاري لقي مصرعه في الحادث، ومن ثم فالأمر لا يتعلق بسيارة مفخخة كما كان الاعتقاد عندما وقع الحادث. وأوضح أن المعمل الجنائي أكد أن العبوة الانفجارية التي تسببت في الحادث محلية الصنع تحتوي على صواميل ورومان بلي لإحداث أكبر عدد من الإصابات، وأن الموجة الانفجارية التي تسببت في تلفيات لسيارتين كانتا موضع اشتباه كان اتجاهها من خارج السيارتين، وبالتالي لم تكن أي منهما مصدر للانفجار. وذكر أنه في أعقاب الحادث تجمع عدد من أبناء الطائفة المسيحية أمام الكنيسة وقاموا بترديد بعض الهتافات الدينية وتحطيم بعد السيارات والمحلات وتكسير باب المسجد القريب من الكنيسة، وإلقاء لقافات مشتعلة بداخله، الأمر الذي دفع بعض المسلمين بالمنطقة إلى التعدي على بعض محال مملوكة لأبناء الطائفة المسيحية وتم اتخاذ الإجراءات التأمينية والسيطرة على الموقف. وأشار إلى تجمع حوالي 70 من المسيحيين أمام الكنيسة أمس الأول وقاموا بترديد الهتافات المنددة بالحادث وإلقاء الحجارة على قوات الأمن المتواجدة بالموقف وتم التعامل معهم وإعادتهم داخل الكنيسة لكنهم قاموا بالصعود أعلى المبنى وألقوا الحجارة على المارة وقوات الأمن وتم التنسيق مع مسئولي الكنيسة لاحتوائهم. وقال إن القداس الذي أقيم مساء السبت بدير ماري مينا ببرج العرب على أرواح الضحايا حضره عدة لآلاف من بينهم عدد كبير من الشباب، وساد مراسم القداس جو من التوتر الشديد والانفعالات والهتافات الصاخبة. وأوضح أن رئيس الجمهورية كان قد كلفه حضور هذا القداس وتقديم واجب العزاء وشارك في القداس عدد من الوزراء ومحافظ الإسكندرية وممثلو الأجهزة التنفيذية والشعبية وعدد من نواب البرلمان وأعلنوا جميعا تصميمهم على اقتلاع جذور الإرهاب لتبقى مصر بلد الأمن والأمان. من جانبها، أعطت لجنة الصحة والسكان والبيئة برئاسة النائب صالح الشيمي التي قامت بزيارة ميدانية إلى مستشفيات الإسكندرية أرقاما مختلفة عن التي أعلنها شهاب أمام مجلس الشورى حول أعداد القتلى والجرحى. وقالت إن إجمالي عدد حالات الوفاة من الحادث حتى مساء الأحد 21 حالة، وإن عدد الحالات تحت العلاج 47 حالة والحالات التي خرجت من المستشفى 45 حالة بعد علاجها. وأوضحت أن حالات الإصابة تتراوح ما بين كسور وحروق وجروح سطحية وقد تم إرسال عدد من الحالات لعلاجهم بالقاهرة. وطالبت اللجنة بصرف معاشات لأهالي الضحايا من أرباب الأسر حتى يتم تعويضهم عما أصابهم. وذكرت اللجنة أن مستشفى الشرطة يوجد به ثلاثة من كبار رجال الشرطة أصيبوا في الحادث وهم مصابون بإصابات مختلفة، علاوة على أن المستشفى الجامعي يضم عدد من حالات الإصابة التي عولج بعضها جراحيا بكفاءة عالية وبعد وقت قصير من الحادث. وقالت اللجنة إنه خلال زيارتها لمستشفى شرق المدينة وصل عدد من المتبرعين بالدم 147 متبرعا في اليوم الأول و168 متبرعا في اليوم الثاني من مواطنين مسلمين وأقباط. إلى ذلك، أصدر مجلس الشورى بيانا أكد فيه أن "منفذي الاعتداء الإرهابي على كنيسة القديسين سعوا إلى تنفيذ مخططهم الآثم في محالة لاغتيال استقرار وأمن مصر وشعبها وزرع بذور الفرقة بين أبنائها، إلا أن الجماهير المصرية أجهضت ذلك المخطط الإرهابي والإجرامي من بدايته بانتقاض المسلمين قبل المسيحيين رفضا لهذه الجريمة البشعة وشجبا الحادث الغادر الذي استهدف الأبرياء وهم يؤدون صلواتهم في ليلة أمنة تفصل بين عامين". وأكد المجلس أنه يعبر بكل أعضائه بغير استثناء وبكافة الاتجاهات السياسية والحزبية عن تأييده لكلمة الرئيس حسني مبارك التي توجه بها للأمة حول الحادث الأليم، وأن دولة القانون في مواجهة مشعلي الفتنة هي القادرة على ردع كل من تسول له نفسه أن ينال من استقرار مصر ووحدتها الوطنية. وطالب بتغليظ العقوبة في الجرائم الإرهابية والأحداث الطائفية، ودعا وسائل الإعلام خاصة الصحافة المصرية العريقة وبعض الفضائيات إلى الكف عن عمليات الشحن الطائفي التي تبغي الإثارة على حساب المصلحة العليا للوطن. وطلب كل من يعتلي منبرا بمسجد أو كنيسة أن يراعي روح الأخوة التي تربط أبناء الشعب الواحد، مع الكف عن التراشق الديني الذي يمس العقائد التي نزلت بها الشرائع السماوية، ودعا إلى العمل على حسم القضايا العالقة التي تشغل أبناء الوطن والتي من شان تحقيقها تعزيز قيم المواطنة ونشر روح الصفاء في المجتمع. وأهاب البيان بالمواطنين المصريين الشرفاء توخي الحذر والتقدم بأية معلومات لمساندة الأمن المصري الذي يتحمل عبئا كبيرا في الحفاظ على الوطن وسلامة أبنائه، كما دعا المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين إلى مواصلة الوقفة الصلبة التي شعر بها لجميع بعد ذلك الحادث الإجرامي البغيض ولتدق أجراس الكنائس في عيد الميلاد المجيد وترتفع نداءات المآذن مردد الله أكبر على كل معتد أثيم. وحذر البيان ما دعاها ب "قوى الظلام التي تحاول أن تبعث بسلامة أرض مصر مهد الحضارات وملتقى الثقافات"، مؤكدا أن المصريين قادرون على قطع يد تمتد بالعدو عليهم من قبل أعداء الحياة والدين.