عندما تأسست حركة "كفاية" في صيف عام 2004، كانت "نبتة" عفوية، وكان أهم ما يميزها، هو استقلاليتها عن بقية القوى السياسية التقليدية في مصر. خصائص الحركة كانت في حينها كثيرة، ابتداءا من اسمها، وانتهاءا بسقف مطالبها، والذي كان فيه من الجسارة ما لم يألفه المصريون من قبل، فضلا عن أنها نقلت النشاط الاحتجاجي من الغرف المغلقة إلى الشارع. كان التكوين الداخلي للحركة، مُشكلا من نشطاء جدد، لا يملكون أية خبرات سياسية، وإنما "الحماس" و"النقاء التنظيمي" غير "الملوث" بأمراض المعارضة التقليدية. ظلت الحركة على هذا النحو، إلى أن تم اختطافها من قبل تيارات تبحث عن التطفل السياسي والبحث عن مكان في صدارة المشهد يمكن توظيفه إعلاميا من خلال "بزنس المعارضة".. وهي ذات التيارات التي نشأت في أجواء المؤامرات والانقلابات الداخلية والقابلية للاختراق والبيع والشراء داخل أحزاب "الديكور" الديمقراطي، وابرام الصفقات مع الدولة. مشروع "كفاية" أُجهض بعد هزيمة مشروع "الإصلاح" وانتصار مشروع "التوريث" عقب التعديلات الدستورية التي أدخلتها القيادة السياسية المصرية لقطع الطريق على أي مرشح من خارج الأطر التي ربما تكون قد حددتها بدقة منذ عشر سنوات مضت. بعدها انتقلت ثقافة الانقلابات الداخلية الموروثة عن الأحزاب السياسية السائدة، إلى الحركة، وتخلت عنها النخبة التي اجهتضها وتركتها بحثا عن حركة أخرى تجد فيها خبزها اليومي واشباع شهوة "النضال" لديها عبر شاشات الفضائيات. لم يبق في "كفاية" إلا قلة من المناضلين "المهمشين" وما انفك الزميل النبيل عبد الحليم قنديل، يحاول إعادة انعاشها مجددا عبر لغة وخطاب يبحث عن إحياء استقلاليتها ونبلها "القديم" مجددا. اللافت.. أن النخبة التي شاركت في هزيمة مشروع الإصلاح، واجهضت "كفاية" من قبل، انتقل غالبيتها للعمل تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير والتي حلت محل "كفاية" وكانت أكثر منها شبابا وحيوية.. والتي نقلت بدورها الجينات الوراثية لثقافة المؤامرات والانقلابات الداخلية وشهوة البحث عن كاميرات وسهرات ال"توك شو" المسائية وقعدات "السواريه" المخملية إليها. كان اعتذار د. حسن نافعة عن الاستمرار في العمل تحت مظلة جمعية "البرادعي" انعكاسا لهذا الصراع بين النخبة القادمة عبر فلاتر عفوية وغير ملوثة بالعمل التنظيمي الانقلابي والمتآمر داخل الأحزاب وقوى اليسار الانتهازي، وبين تلك التي تتخذ من المعارضة "بزنس" و"سبوبة" وبحثا عن دور للوجاهة الاجتماعية والسياسية والإعلامية.. وكان من الطبيعي أن تنتصر الأخيرة بحكم خبراتها الطويلة في حبك "المؤامرات" على الانقياء وقليلي الخبرة في العمل التآمري. [email protected]