فوز 3 طلاب بجامعة أسيوط بمنحة للدراسة بجامعة كاستامونو بتركيا    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع جولة الإعادة بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام المصري بالأكاديمية الوطنية للتدريب، الإثنين    مصر والولايات المتحدة الأمريكية تبحثان سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة    رئيس جهاز تنمية المشروعات: سنعمل على مضاعفة التمويلات لشباب بورسعيد خلال المرحلة المقبلة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القبرصي تفعيل وتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    أمم افريقيا 2025| التشكيل الرسمي لمنتخب بوركينا فاسو أمام غينيا الاستوائية    هيثم عثمان حكمًا لمباراة الزمالك وسموحة بكأس عاصمة مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    تليجراف: عمر مرموش يقترب من مغادرة مانشستر سيتي في يناير    تأجيل محاكمة كتيبة الإعدام لقتلهم سائق توك توك فى شبين القناطر لمارس المقبل    ريهام عبدالغفور تطالب بمحاسبة من انتهكوا خصوصيتها في العرض الخاص لفيلم خريطة رأس السنة    جامعة أسوان تشارك في احتفالية عالمية لعرض أكبر لوحة أطفال مرسومة في العالم    جامعة بني سويف تسلم أول مقررات دراسية بطريقة برايل لطالبة من ذوي الإعاقة البصرية    انفجار عبوة ناسفة بناقلة جند إسرائيلية في رفح الفلسطينية    بث مباشر.. الجزائر تبدأ مشوارها في كأس أمم إفريقيا 2025 بمواجهة نارية أمام السودان في افتتاح المجموعة الخامسة    تواصل الاشتباكات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    الحبس 3 أشهر للمتهمة بسب وقذف الفنان محمد نور    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم بحضور أحمد سعيد عبد الغنى    أصداء أبرز الأحداث العالمية 2025: افتتاح مهيب للمتحف الكبير يتصدر المشهد    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    السكة الحديد: تطبيق التمييز السعري على تذاكر الطوارئ لقطارات الدرجة الثالثة المكيفة.. ومصدر: زيادة 25%    سبق تداوله عام 2023.. كشفت ملابسات تداول فيديو تضمن ارتكاب شخص فعل فاضح أمام مدرسة ببولاق أبو العلا    أكاديمية مصر للطيران للتدريب و"سال" السعودية توقعان اتفاقية تعاون استراتيجي لتعزيز التدريب    «أبناؤنا في أمان».. كيف نبني جسور التواصل بين المدرسة والأهل؟    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    حسام بدراوي يهاجم إماما في المسجد بسبب معلومات مغلوطة عن الحمل    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    أمم أفريقيا 2025| تفوق تاريخي للجزائر على السودان قبل مواجهة اليوم    الداخلية تكشف حصاد 24 ساعة من الحملات المرورية وضبط أكثر من 123 ألف مخالفة    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى ويعقبه مؤتمر صحفي    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    بولندا: تفكيك شبكة إجرامية أصدرت تأشيرات دخول غير قانونية لأكثر من 7 آلاف مهاجر    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الإيراني أهمية خفض التصعيد وإتاحة فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد قدكت 3.5 مليون خدمة طبية وعلاجية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    دبابات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    محمد إمام يكشف كواليس مشهد عرضه للخطر في «الكينج»    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أيها المحتجّون.. اتحدوا!!
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 06 - 2010

لا مراء فى أن الحديث عن ظاهرة الحركات الاحتجاجية فى مصر، قد تواتر فى الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وأن السلوك الاحتجاجى لقطاعات كبيرة ومتباينة من المواطنين، قد تحول من كونه فعلاً غير معتاد إلى واحد من أكثر الأنشطة والممارسات اليومية تكراراً بين عدد ليس بالقليل من الأفراد غير المسيّسين داخل تضاريس المجتمع المصرى المختلفة، حيث توضح بعض الإحصاءات والتقديرات غير الرسمية مشاركة أكثر من 2 مليون عامل منذ عام 1998 فى أكثر من 3300 نشاط جماعى تنوع بين الإضراب والتظاهر والاعتصام وغيرها من الأفعال الاجتماعية المنظمة احتجاجاً على تدنى الأجور، وعدم دفع الحوافر والمكافآت، وفشل مستثمرى القطاع الخاص فى التقيد بالتزاماتها التعاقدية تجاه العمال، ويكفى أن نشير هنا إلى رصيف مجلس الشعب الذى تحول خلال الشهور القليلة الماضية إلى واجهة ثابتة لاستقبال حشود متتالية ومجموعات غير متجانسة كان من بينها العمال والموظفون والفلاحون والمعاقون من أغلب محافظات مصر، والذين لم يحركهم سوى مطلب واحد فقط هو الاحتجاج من أجل الحصول على حقوقهم المسلوبة أو المنتهكة من جانب مؤسسات وأجهزة الدولة.
والحقيقة أن انتشار هذا النمط غير المألوف من السياسة التحتية فى مجتمعنا، يمكن تفسيره جزئياً بمجموعة من العوامل والأسباب التى شكلت فى مجملها بنية لفرصة سياسية تم استغلالها من قبل المواطن فى صراعاته اليومية مع السلطة، ثم اتسع هيكل هذه الفرصة تدريجياً مع زيادة حجم الدعم والتأييد والاستخدام من قبل أغلب القوى والتيارات السياسية المعارضة لهذا النوع الجديد من سياسات الشوارع، خاصة مع نمو حالة التحول القسرى لبعض المواطنين من حالة اللامبالاة الكلية أو على أقصى تقدير من حالة المشاهدة الصامتة إلى حالة المشاركة الاحتجاجية، والناتجة عن فقدانهم الثقة فى جدوى قنوات المشاركة السياسية التقليدية، وتزايد معدلات التناقض بين السياسات والقرارات الحكومية من جانب، والإرادة الشعبية المعبرة عن طموحات المواطنين من جانب آخر، ويمكن إيجاز أهم هذه العوامل فى النقاط التالية:
أولاً: ارتفاع درجة شعور المواطن بالحرمان النسبى نتيجة الإسراع غير المدروس فى مواصلة تطبيق سياسات التحرر الاقتصادى والخصخصة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق، وجمود الحد الأدنى للرواتب والأجور، وزيادة الفوراق الطبقية وعدم عدالة توزيع الدخل، بالإضافة إلى نفاذ العديد من رجال الأعمال إلى دوائر صنع القرار التشريعية والتنفيذية فى الدولة، وانتشار مظاهر الفساد المؤسسى فى العديد من مؤسسات الدولة المدنية، بشكل ساعد على تحويل أموال عامة إلى أصول خاصة. وهو الأمر الذى أدى ويؤدى إلى تنامى الإحساس بعدم القدرة على سد أبسط الحاجات الإنسانية لدى شرائح الطبقة الوسطى الهامة من خريجى الجامعات والمثقفين والمهنيين وأصحاب المشروعات الصغيرة والعائلية.
ثانياً: زيادة درجة الانفتاح السياسى المحدود أو المقيد الناتج عن محاولة تكيف الحزب الحاكم مع ضغوط التغيير السياسى والتحول الديمقراطى الداخلية والخارجية، وذلك من خلال رغبته فى تقديم بعض التنازلات الشكلية فى مجال الحريات المدنية والسياسية للقوى والجماعات المعارضة، ولكن بالتوازى مع زيادة درجة الاهتمام وحجم الإنفاق على آليات الضبط السياسى والاجتماعى بما يضمن الحفاظ على القيم الدولانية مثل الاستقرار، والأمن، والنظام، والمحافظة على الوضع الراهن. حتى وأن لم يحقق هذا النمط الإصلاحى النخبوى الحد الأدنى من طموحات وآمال الجماهير المصرية العريضة الراغبة فى تأسيس خصائص الديمقراطية الناشئة، كمقدمة تمهيدية لترسيخ قواعد ومعايير الديمقراطية المستقرة.
ثالثاً: بداية إنهيار وتفكيك ثقافة الخوف من النظام ومؤسساته المختلفة، وهى الثقافة التى تأصلت فى داخل البنية السلوكية للمواطن المصري، وكانت تشكل عائقاً رئيسياً أمام مشاركته الفعالة فى الحياة السياسية، وربما يرجع الفضل الأول فى ذلك إلى الدور المحورى الذى لعبته الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وروافدها المختلفة فى تدشين مجموعة من التظاهرات والاضرابات التى خرجت إلى الشارع فى مواقف وأحداث متباينة دون الحصول على تصريح أو أذن مسبق من الأجهزة الأمنية، وكان هذا بداية التوجه إلى تجاوز ثقافة الخوف والإنكفاء على الذات.
رابعاً: الإستفادة من التطورات الهائلة وغير المسبوقة فى تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية، التى قدمت عمليات "تسويق سياسي" مجانية وسريعة من جانب وسائل الإعلام الجديدة، وتمثلت فى بروز دور مجموعة من القنوات الفضائية الخاصة ووكالات الأنباء العالمية ومواقع الانترنت الأخبارية باعتبارها مصدراً للمعلومات والأخبار كبديل لقنوات الإعلام الحكومى الموجه من قبل النظام، بالإضافة إلى ظهور مجموعة من نشطاء الانترنت المصريين الذين أصبحت مدوناتهم وشبكاتهم الإلكترونية عبارة عن صوت لكل مواطن يسعى إلى المطالبة بالتغيير والتحول الديمقراطى من أجل إستعادة الحقوق المسلوبة سواء كان ذلك فى إطار العمل الفردى أو الجماعي، وهو الأمر الذى تراجعت معه القدرة النسبية للنظام الحاكم فى استخدام السياسات القمعية ضد الجماعات والقوى المعارضة له.
خامساً: الدور المساعد الذى لعبه العامل الخارجي، وذلك من خلال تصاعد التلميح بإستخدام الضغوط الإقتصادية أو ما يعرف بالمشروطية السياسية عند إبرام الاتفاقيات التجارية أو عند تقديم المنح والقروض والمعونات التنموية، ونذكر فى هذا الإطار المناقشات الحادة التى شهدتها أروقة الكونجرس الأمريكى أكثر من مرة حول ضرورة تخفيض حجم المعونات الأمريكية لمصر وربطها بالتقدم النسبى تجاه مزيد من الإصلاح السياسي. بالإضافة إلى تنامى السياق الدولى الذى دفع باتجاه عولمة مرجعية حقوق الإنسان ومبادئ الحكم الديمقراطي، والدور البارز الذى لعبته شبكات المجتمع المدنى العالمى المتنوعة عبر تدويلها لبعض قضايا انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر.
و بالرغم من أن السنوات الخمس الماضية قد شهدت مجموعة من التغيرات والتطورات الملحوظة فى استراتيجة عمل حركات الاحتجاح المطلبية والفئوية تحت تزايد وطأة الاحتقان الإجتماعى والظروف المعيشية القاسية التى يعانى منها أغلب المواطنين المصريين، شكلاً ومضموناً، بدءاً من الانتشار الكمى لمثل هذه الحركات الاحتجاجية فى كل مكان بمصر تقريباً، ومروراً بتواجدها النوعى بين شرائح اجتماعية مختلفة مثل المهندسين وأساتذة الجامعات والأطباء والعمال والطلاب..ألخ، وانتهاءاً بتنوع الآليات والتكتيكات المستخدمة فى التعبير عن السلوك الاحتجاجى بين التظاهر والإضراب والاعتصام ورفع الدعاوى القضائية وتكوين الكيانات البديلة، إلا أن التساؤل الذى يطرح نفسه بشدة فى هذا السياق هو: لماذا فشلت مثل هذه النوعية من الحركات الفئوية والمطلبية حتى الآن فى ممارسة الانتقال من حالة الاحتجاج العرضية إلى حركة اجتماعية موحدة تعمل فى اتجاه الضغط على النظام السياسى لتحقيق الحد الأدنى من المطالب الإدماجية والديمقراطية للغالبية العظمى من فئات الشعب المصري؟ وذلك مثلما حدث فى التجربة البولندية التى استطاعت فيها نقابة "التضامن" المستقلة بقيادة ليخ فاليسا(Lech Walesa) التحول من مجرد لجنة صغيرة لإدارة إضراب العمال فى مدينة غدانسك إلى حركة اجتماعية شعبية منتشرة فى جميع أرجاء البلاد، استمرت فى نضالها السلمى ضد أكبر الأحزاب الشيوعية فى أروبا الشرقية منذ تأسيسها فى عام 1980 وحتى تمكنت من هزيمته فى أول انتخابات ديموقراطية شهدتها البلاد عام 1989.
والإجابة على التساؤل السابق طرحه تحتاج أولاً إلى التعرف على آليات بناء الفعل الاجتماعى الموحد من حركات الاحتجاج المطلبية والفئوية، والمتمثلة فى ضرورة تحقيق التوفيق والتلازم بين جانب الفعل الأدواتى (Instrumental actions) وجانب الفعل التواصلى (Communicational actions) فى استراتيجية عمل مثل هذه النوعية من الحركات الاحتجاجية، أو بعبارة أخرى يمكن القول أن نجاح أى فعل اجتماعى يتوقف على وجود فعل وفاعل وسياق، وفاعلين يتوجه إليهم الفعل، وتوقعات وأهداف مشتركة يسعى الفاعلون إلى تحقيقها من خلال آليات ووسائل متنوعة داخل موقف تواصلى موحد يجمعهم، وهو أمر لم يتوافر حتى هذه اللحظة فى التجربة المصرية، حيث ركزت معظم حركات الاحتجاج المطلبية والفئوية التى ظهرت فى البلاد خلال الفترة الماضية على إعطاء أولوية لأسلوب العمل الأدواتي- الذاتى على أسلوب العمل التواصلى مع الآخرين، وهى الظاهرة التى لا تتسع فيها عين المواطن المشارك فى هذا السلوك الاحتجاجى الفئوى إلا لرؤية المصلحة الشخصية الضيقة والمتواجدة فى المجال الخاص محدد النطاق دون النظر إلى المجال العام واسع النطاق الذى يتواجد فيه آخرون يعانون من نفس الهموم والقضايا، ويسعون لطموح مشترك يمكن أن يجمع مصالحهم، مما سهل من مهمة النظام السياسى أثناء تطبيقه سياسة تجزئة المطالب التى اتبعها لفترات طويلة للحيلولة دون تجميع شرائح مختلفة من المواطنين تحت لواء هدف واحد، وعزلهم عن بعضهم البعض حتى لا يتمكنوا من التضامن أو التحالف معاً.
مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.