جامعة طنطا الأهلية تعلن فتح باب التسجيل المبدئي للطلاب بالتزامن مع إطلاق موقعها الإلكتروني الجديد    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    «حماة الوطن» يعقد اجتماعًا مع مرشحي الحزب لوضع اللمسات الأخيرة استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية    «جبران» ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بقانون العمل الجديد    وزير التموين يبحث تمويل استيراد السلع الأساسية وتعزيز المخزون الاستراتيجي    سعر الأسمنت اليوم الثلاثاء 29 - 7-2025 .. تطورات الأسعار    شعبة المصدرين: أوروبا تفتح أسواقها للمنتجات الزراعية والغذائية    "معلومات الوزراء" يستعرض أبرز التقارير الدولية حول سوق المعادن الحرجة وأبرز التوقعات المستقبلية بشأنها    منظمات إسرائيلية تتهم نتنياهو بارتكاب إبادة جماعية فى غزة    الأمم المتحدة تحذر من مخاطر الإنزال الجوى على النازحين فى غزة    مقتل وإصابة 5 أشخاص فى إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    محافظ كفرالشيخ: جولات ميدانية لتعزيز روح الفريق وتطوير خدمات الشباب والرياضة    شوبير يدافع عن محمد صلاح بعد زيارته لمعبد ياباني: "زيارة ثقافية لا دينية"    تقارير.. برشلونة ينجح في تمديد عقد نجم الفريق    المصري يدرس تجميد محمود جاد بسبب أزمة تجديد التعاقد    إصابة 7 أشخاص فى حادث تصادم سيارة ملاكى وأخرى سوزوكى على طريق بنها القناطر    كسر فى خط مياه بمدينة المنصورة يغرق الشوارع وفصل الكهرباء عن المنطقة.. صور    أشرف زكي وأحمد السقا وفتوح أحمد يشاركون فى تشييع جنازة شقيق خالد جلال    بدء انتخابات التجديد النصفي على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    صناع "ريد فلاج" يصورون المشاهد الداخلية للفيلم بالسادس من أكتوبر    أنغامي ترد على خطوة عمرو دياب.. وتؤكد: تامر حسني رقم 1 في الوطن العربي بلا منازع    مجلس الوزراء: الدولة تمضي قدما نحو تطوير المنظومة الصحية    «مفعولها سحري».. 4 مشروبات خارقة ل حرق دهون الكرش بدون دايت    هيئة الإسعاف: نقل 30368 طفلا مبتسرا بشكل آمن النصف الأول من العام الحالي    رئيس هيئة الرقابة الصحية يستقبل ممثلى "منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار    الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو الاعتداء على بائع متجول في الجيزة    حبس 3 أشخاص في واقعة العثور علي جثه طفل داخل شرفه عقار بالإسكندرية    وسائل إعلام فلسطينية: مقتل 20 شخصا من طالبي المساعدات في قطاع غزة منذ فجر اليوم    رئيس مياه القناة: تكثيف تطهير شبكات الصرف الصحي بمساكن مبارك    توزيع ماكينات خياطة على 10 سيدات بقرية العامرية بالفيوم    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    سهرة فنية ب قلعة قايتباي للاحتفال بالعيد القومي ال73 لمحافظة الإسكندرية (صور)    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    "جامعة مصر للمعلوماتية" توقع بروتوكولا لإنشاء معمل وتنظيم تدريب صيفي لطلبة "الهندسة" بإسبانيا    حقيقة مفاوضات النصر مع كوكوريلا    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلًا    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    الأعور: كلمة السيسي جددت رفض مصر للتهجير    تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة    أوقاف الفيوم تنظم ندوة حول "قضية الغُرم" بالتعاون مع مؤسسة مصر الخير    «التضامن» توافق على إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن معسكر منتخب الشباب استعدادًا لبطولة كأس العالم بشيلي    سميرة صدقي: والدي قام بتربيتي كأنني رجل.. وجلست في مراكز عرفية لحل المشاكل (فيديو)    دخول 9 شاحنات مساعدات إنسانية إلى معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها لقطاع غزة    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    ياسر الشهراني يعود إلى القادسية بعد نهاية رحلته مع الهلال    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    الدين لا يقبل تفسير النوازل بالخرافات.. تنويه مهم من «وعظ سوهاج» بشأن حرائق قرية برخيل    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    «النادي ممكن يتقفل».. رسائل نارية من نصر أبوالحسن لجماهير الإسماعيلي    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقباط والوطني والانتخابات
نشر في المصريون يوم 22 - 12 - 2010

باتت علاقة الأقباط بالنخبة الحاكمة مثالا لحالة من الاقتراب الهش، أو العلاقة الحميمة المتوترة، فهي صورة للتناقضات، لا تقل عن حالة التناقض الصارخ في الحياة السياسية المصرية. فالنخبة الحاكمة أقامت تحالفا مع الكنيسة، يصبح الأقباط بمقتضاه من مؤيدي النخبة الحاكمة تجاه خصومها، وتصبح الكنيسة هي الممثل السياسي لهم، وهي التي تدير لهم تحالفاتهم، وتصدر لهم الأوامر والتعليمات السياسية، طبقا لما تصل له من تفاهم مع النظام الحاكم. وبهذا يصبح الأقباط رصيد جماهيري للنخبة الحاكمة، والتي تفتقد لأي رصيد جماهيري. ويتحول الأقباط إلى كتلة سياسية واحدة، رغم أنهم ليسوا كذلك، ويصبحوا طائفة سياسية، رغم أنهم لم يكونوا كذلك تاريخيا. وعندما تحول جماعة ما إلى كتلة سياسية،أو إلى طائفة سياسية، يصبح لهذه الجماعة مطالبها السياسية، وهي مطالب طائفية بالضرورة، لأنها المطالب التي تخصم، والتي يراد تحقيقها مقابل دعمهم للطبقة الحاكمة.
وهي كلها سلسلة متشابكة، فإذا أصبح للأقباط موقف سياسي واحد، حتى وإن كان مفترضا، وتم قيادة دورهم السياسي من خلال الكنيسة، وأصبحت الكنيسة تقييم علاقات تفاهم مع الدولة، إذن يتحول الأقباط إلى طائفة سياسية لها مطالبها الخاصة، وتعمل من أجل تحقيق مطالبها، دون أن يكون لها مشروعا سياسيا عاما، ودون أن تكون جزءا من حركة سياسية أوسع، أو مشروعا إصلاحيا عاما. وبهذا يتم مصادرة الأقباط، وتمارس معهم الطبقة الحاكمة من خلال تفاهمها مع الكنيسة، عملية تأميم اجتماعي، تخرج الأقباط من حالة الفعل العام، ليصبح كل فعلهم أو دورهم في نطاق ما هو خاص بهم، وبهذا ينعزل الأقباط، ولكن انعزالهم يظل في مصلحة الطبقة الحاكمة. وقد يظن بعض الأقباط أن ما يحدث في مصلحتهم، ولكن الوقائع بعد ذلك توضح أن ما يحدث كان في مصلحة الطبقة الحاكمة، ولم يكن في مصلحة الأقباط.
ولكن التفاهم بين الدولة والكنيسة، والذي يهدف للحصول على تأييد الأقباط لمرشحي الطبقة الحاكمة في مصر، يحتاج لثمن مقابل، حتى يصبح نوعا من تبادل المصالح، أيا كانت تلك المصالح. ولكن الطبقة الحاكمة في مصر، لا تستطيع دفع الثمن المطلوب، أو لا تقدر على دفع هذا الثمن. فالحزب الحاكم، يمثل شبكة مصالح لتوزيع السلطة والثروة على المنتمين لها، وهذه الشبكة مليئة بالمصالح المتعارضة، أو بالصراعات على المصالح، وعلى الأنصبة من السلطة والثروة، لذا لا توجد لدى الحزب مساحة كافية لترضية كل المنتمين لشبكة المصالح التي يديرها. والكنيسة لا تنتمي لهذه الشبكة، ولا كل الأقباط بالطبع، ولكن الكنيسة متورطة في تحالف مع هذه الشبكة، وهي بهذا طرف خارجي. والمشكلة تظهر في موقف الحزب من نصيب حلفاء شبكة المصالح، فالمتاح لا يكفي كل المنتمين لشبكة المصالح، وحزب المصالح الحاكم يحتاج لأنصبة حتى يوزعها على حلفاءه الخارجيين، من الكنيسة إلى أحزاب المعارضة المتحالفة معه. ولكن حزب المصالح، لا يمكن أن يتنازل عن حجم المتاح من سلطة وثروة بسهولة، فهو حزب قائم على السيطرة الكاملة على كل المتاح من سلطة وثروة، حتى لا تنمو أي سلطة أو ثروة خارجه، لذا تصبح مشكلة حزب المصالح في أنه لا يتنازل بسهولة عن المتاح له. ومن هنا لم يعطي حزب شبكة المصالح النصيب المعقول إلى الأقباط، وبالتالي إلى الكنيسة، لأن المتاح لديه، عليه صراعات شديدة. فالمقاعد المتاحة في مجلس الشعب لا تكفي كل أصحاب المصالح في شبكة الحكم، وهناك صراع داخلي شديد، والحزب يحتاج للتنازل عن بعض المقاعد لصالح من يتحالف معه، لكنه في النهاية لا يستطيع التنازل إلا عن عدد قليل، سواء لصاح الأقباط والكنيسة، أو لصالح أحزاب المعارضة المتحالفة معه.
وهنا يضع حزب المصالح الحاكم عددا من الأقباط على قوائمه، جزء منهم يمثل ثمنا لتحالف الطبقة الحاكمة مع الكنيسة، وجزء منه يعطي لأقباط من داخل شبكة المصالح الحاكمة. ولكن ما يعطى للأقباط عموما أو للكنيسة، لا يمثل حجما مهما يقابل ما يحصل عليه حزب المصالح الحاكم من منافع بسبب تحالفه مع الكنيسة. وبهذا تتصرف الطبقة الحاكمة بوصفها الطرف الأقوى، الذي يعطي أقل مما يأخذ، حتى لا يفهم أحد أنه أصبح طرفا قويا في المعادلة. وأيضا نجد أن الطبقة الحاكمة تتصرف بصورة تدل على أنها لا تخشى من انتهاء تحالف الكنيسة معها، فهي قد صادرت الأقباط والكنيسة معهم لصالحها، خاصة بعد أن حاصرتهم بالخوف من الحركة الإسلامية، لدرجة جعلتهم مستسلمين للطبقة الحاكمة رغم كل تصرفاتها معهم. ولكن هذه العلاقة تتحول إلى علاقة غير متوازنة، وربما علاقة مجحفة، حيث تأخذ الطبقة الحاكمة من الأقباط أكثر مما تعطي لهم. وهذا يعني أن الأقباط يستغلوا من الطبقة الحاكمة بدون الثمن الطائفي العادل.
يضاف لهذا ما يحدث من توتر في العلاقة بين الدولة والكنيسة، والذي يدفع الدولة للضغط على الكنيسة في بعض الأحيان، مثل ما حدث بعد قصة كاميليا شحاتة، وتصريحات الأنبا بيشوي، حيث باتت الدولة تضغط بصور مختلفة على الكنيسة، وترى أن الكنيسة قد تمادت، وخرجت عن هيمنة الدولة. ولكن الكنيسة في المقابل، ترى أن ما تقوم به يمثل حقها في التحالف مع الطبقة الحاكمة، وإلا يصبح تحالفها مع الطبقة الحاكمة بلا ثمن، وهو إجحاف بحق طرف في التحالف. وهنا تتعقد الصورة، بسبب محدودية ما يحصل عليه الأقباط بسبب تحالفهم مع النظام الحاكم. والمشكلة تتعقد أكثر، لأن الكنيسة تظل ملزمة بتكليف الأقباط بالتصويت لصالح مرشحي الحزب الحاكم، رغم أن ما تحصل عليه من النظام الحاكم لصالح الأقباط ليس كثيرا، وربما لا يوازن ما تقدمه للنظام من تأييد غير مشروط.
هكذا يتحول التحالف إلى علاقة غير متوازنة، تصيب أحد الأطراف بحالة إحباط مما يحصل له. فيصبح لدى الأقباط عموما شعورا سلبيا تجاه النظام الحاكم، وفي نفس الوقت يتكون لديهم شعور بأن هذا النظام هو الحامي الوحيد لهم، وأنه يصد خطر وصول الإسلاميين للحكم في مصر، فيصبح الرأي العام القبطي مضطرا لقبول من يرفضه، وكأنه أصبح محاصرا، وعليه أن يقبل المتاح. ولهذا يظهر غضب الأقباط تجاه النظام كثيرا، ولكن في قضايا طائفية. وهنا تحاول الكنيسة أن تدير تلك العلاقة المضطربة، فتضغط على النظام أحيانا، وتستسلم له أحيانا أخرى. وتظل تلك العلاقة متشابكة، وربما متوترة، والخاسر الأول فيها هم الأقباط. فهم بتحولهم إلى طائفة سياسية، يخسروا موضعهم في المجتمع، ويتحولوا إلى فئة منعزلة، دون أن يحصلوا على أي ثمن سياسي لهذا الموقف، مما يؤثر على دورهم في صنع المستقبل، ويخرجهم من الحركة العامة للمجتمع المصري، فيصبحوا جزءا منعزلا ومختلفا. والطبقة الحاكمة في مصر تقدم لهم التصريحات والوعود، ولكنها لا تقدم لهم ثمنا حقيقا لتحالفهم معها. فالنظام المستبد، ليس على استعداد للدخول في تحالفات اجتماعية حقيقية، فهو في النهاية يدير شئونه من خلال فرض سلطته، ويرفض بالكامل أي ندية في التعامل، فهم يعتبر نفسه الدولة والسلطة والطرف الأقوى، والذي يتنعم على غيره بقبول التحالف معه، أو فرض حمايته له، ولهذا يجب أن يحصل على الثمن الأكبر، وعلى النصيب الأكبر من أي تحالف، وربما يحصل بمفرده على كل المقابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.