"إننا نخاطب ضميركم الديني والإنساني والوطني، هل ما فعلتموه هو دوركم ووظيفتكم؟ هل يشتري الشعب السلاح ويوفر لكم ما تحتاجونه من عتاد ومؤن وتدريب كي تقتلوه؟" بتلك العبارة خاطبت جماعة الإخوان المسلمين الجيش، في محاولة منها لإقناعه بالعدول عن الانقلاب العسكري، مقدمة الأدلة التاريخية على خطورة تلك الانقلابات وتأثيرها في الدول وكيف أنها لا تأتي بالخير. وقالت الجماعة: "نتحدث إليكم حديث العقل والضمير، حديث العاطفة والشعور، حديث الوطنية والإخلاص، لا ريب أن كل من يعيش على أرض مصر من أبنائها هم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، ولا ريب أن الحاجة للأمن من أهم الحاجات، لذلك قامت الشعوب بإنشاء الجيوش لتحميها من العدوان الخارجي وتحافظ على حدود الوطن، وقامت بتفريغ أعداد من أبنائها ليكونوا ضباطًا وضباط صف وجنودًا، ووفرت لهم كل أسباب القوة من سلاح وعتاد وتدريب ومؤن واحتياجات مالية، ولم تبخل عليهم بشيء وإنما تقتطع من قوتها كل ما يحتاجه جيشها، لأنها لا تستغني أبدًا عنه، وفي ذات الوقت هو لا يستغني أبدًا عن شعبه فهو مصدر الرجال وهو صانع السلاح ومصدر المال الذي يشترى ما لا يصنعه في الداخل من السلاح والمؤن ويفي بالمرتبات". وأضافت: "والسياسة هي إحدى هذه التخصصات لأنها تتعلق بالحياة المدنية وتقوم على المبادئ الديمقراطية والمنافسة بين الأحزاب وتداول السلطة وحرية الرأي والتعبير، وعلى الانتخابات، وهذا كله يتناقض مع الحياة العسكرية التي تقوم على الأمر والنهي وعلى طاعة القائد وعلى استعمال السلاح وعلى التدريب على القتال والقتل، إضافة إلى أن الجيش – كما أسلفنا – هو ملك للشعب كله وليس لحزب من الأحزاب ووظيفته حماية الشعب كله وليس فصيلًا من فصائله، لهذه الأسباب كلها كان واجبًا على الجيوش وليس جيشنا فحسب أن تبتعد عن السياسة وتتركها لأهلها". وأشارت الجماعة ، في رسالتها التى حصلت "المصريون" على نسخة منه، إلى أن هناك بعض القوى تسعى إلى إضعاف الجيش من خلال الزج به في السياسة، وتابعت : نعلم أن القادة الانقلابيين استخدموا التوجيه المعنوي والإعلام لشحنكم بالكراهية ضد إخوانكم وأبناء وطنكم بزعم أنهم إرهابيون وأنهم من الإخوان المسلمين، والآن وبعد خمس شهور وبعد اعتقالكم أنتم والشرطة نحو 15 ألف معتقل، كثير منهم من الإخوان، هل قاومكم أحد عند اعتقاله؟، هل وجدتم عندهم قطعة سلاح واحدة؟ فأين الإرهاب؟ ومن الذي يمارسه؟ ثم إن الإخوان الذين أوهمكم قادتكم أنهم أعداء للوطن، ألم ينشروا الخير في ربوع مصر ويقدموا الخدمات لمن يحتاجها ؟ ألم ينتخبهم الشعب في مجلسي الشعب والشورى والنقابات ونوادي أعضاء هيئة التدريس والاتحادات الطلابية بالجامعات؟ وأخيرًا ألم ينتخب منهم رئيسًا للجمهورية في انتخابات نزيهة؟ ثم ألم يلفت أنظاركم أن المعتقلين يضمون نوابًا لرؤساء بعض الجامعات وعمداء لبعض الكليات وأساتذة جامعات وأعضاء برلمان ورئيسه وأطباء ومهندسين ومحاميين وطلابًا وكل المهن والتخصصات في المجتمع؟ بل عددًا من السيدات ؟ فهل كل هؤلاء إرهابيون؟!" واستشهدت الجماعة بما ترتب على ثورة 23 يوليو، قائلة: "وعندما اقتحم الجيش عالم السياسة وقام بانقلاب عسكري في بعض الدول فإنه أدى إلى تخلفها في كل المجالات حتى المجال العسكري نفسه، ففي عام 1952 قام الجيش بانقلاب عسكري أيده الشعب للخلاص من الملك الفاسد والاحتلال البريطاني، إلا أن الجيش قرر الاستيلاء على السلطة وإدارة البلاد وكانت مصر والسودان دولة واحدة، فتم فصل السودان عن مصر نتيجة خلافات بين قادة حركة الجيش، وكانت مصر دائنة لبريطانيا وكان الجنية الإسترليني يساوي سبعة وتسعين قرشًا مصريًا، فماذا حدث بعد ستين عامًا من حكم العسكريين؟ أصبحت مصر مدينة للداخل بألف وخمسمائة مليار جنيه ومدينة للخارج بثلاثة وأربعين مليار دولار، وأصبح الجنية الإسترليني يساوي أكثر من أحد عشر جنيهًا مصريًا، إضافة إلى نكبة 1967 التي أدت إلى احتلال شبه جزيرة سيناء، وعندما أسندت قيادة الجيش إلى قادة محترفين بمنأى عن الخوض في السياسة حققوا نصر 1973، الأمور التي تؤكد عدم تأهل الجيش لإدارة الحياة المدنية وأنه ينجح إذا تفرغ لمهمته الأصلية في الدفاع عن حدود الوطن. كما اعتمدت الجماعة في رسالتها على الجانب الشرعي قائلة: "من الممكن أن يقال إن الجيش يقوم على مبدأ الطاعة وأن أوامر القيادة واجبة التنفيذ، وهذا الكلام صحيح في حالة الحرب وقتال الأعداء والدفاع عن الوطن، أما إن كانت الأوامر بقتل الشعب المسالم حتى وإن كان يعبر عن رأيه بالتظاهر أو الاعتصام السلمي فهذا لا يجوز التنفيذ لأنه من المقرر قطعًا أن طاعة الله فوق طاعة الجميع، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" ويقول "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".