فى هذا الجو الغائم الذي تعيشه مصر وكأن قدر هذا الشعب أن يظل يدفع ثمن تخبط و فشل من يحكمونه وفى ظل هذه المكارثية العميقة التي تحدث على ارض المحروسة يتبين لنا إننا امة فقدت عقلها أو على اقل تقدير امة ليس بها رجل رشيد أو ليس بها عقلاء لان ما يحدث على ارض مصر من أحداث تثبت إننا فى الطريق لنفقد إنسانيتنا نفسها أن لم نكن فقدناها فعلا وهو ما جعلنا نرى هذا الجو من الغل والكراهية التي انتشرت وتتغلغل للأسف برعاية نخبة فاشلة طالما تغنت بالديمقراطية و الحرية بينما كانت مستمتعة فى أحضان النظام الفاسد الذي أزالته ثورة الشباب فى يناير فتصوروا أن تلك الثورة ممكن أن تكون مطية لاحتفاظهم بمكاسبهم واستمرارهم فى الواجهة هذا فقط ما يشغلهم أن يكونوا فى الواجهة ولا يسئلون عن مصادر ثرواتهم هذا ما يريدونه وأي نظام يكفل لهم ذلك فهم خدمة المطيعون لا يهم كانوا سلطة أو معارضة فالفسدة يحنون لأمثالهم ويصعب عليهم وجود شريف بينهم وان وجد فلابد أن تستعر الحرب ضده للقضاء عليه بقسوة غير مسبوقة لان وجوده بينهم يذكرهم بما يريدون أن ينسوه عن أنفسهم وكان ثورة يناير كانت مجرد حلم ليلة صيف وانتهت. إذا تأملنا هذا الجو الكارثى المليء بمحاضن الكراهية التي يرعاها سياسيون كانوا من أصحاب الأحزاب الكرتونية الذين تجد للواحد منهم الموقف ونقيضه فى نفس الوقت دون خجل أو وجل ووجد هؤلاء وأشباههم ومن فى قلبه مرض طريقهم للإعلام فأنشاءوا الفضائيات واستقدموا لها من الإعلاميين من يوافق هواههم وأغرقوهم فى الملايين ليكونوا بوقا للدفاع عن الممول وما يمثله من فساد فى صورة للأسف أقنعت الكثير بان الفاسد هو المصلح والعكس صحيح أيضا فى صورة ساعد عليها تدنى المستوى الفكري الذي وصلنا إليه فى ظل سياسة إفساد منظومة التعليم التي يعمل عليها أعداء الأمة منذ نيف وعشرون عاما فكانت النتيجة اناسا سلموا أعينهم وعقولهم للإعلام إلى أن وصل الانحطاط الإعلامي إلى المستوى الذي وجدنا فيه أناسا ينتسبون للإعلام بمسمى إعلامي وصاحب فضائية تبث سموما بينما الحقيقة التي يعلمها الجميع أن مثله كان من بواسى أيد رائد جمهورية الإفساد المباركى فبقدرة قادر أصبح الأخ ثائرا. إن هذه الكبوة التي تمر بها بلدنا تحتاج إلى الصادقين وليس للمنافقين ولا من يهمهم الحجم الذي يلتهمونه من كيكة الإعلانات بغض النظر عن تأثير سمومهم التي ينشرونها على المجتمع وعلى بسطاء الناس من خلال إعلام غير أمين إعلام اعور لا يرى إلا ما يريد أن يراه ولنكن موضوعيين إذا نظرنا إلى أحدث ما تناقلته وسائل هذا الإعلام كان حادث السائق قتيل المنصورة الذي قدم بروايات متشابهة فى محطات وصحف ذلك الإعلام الأعور على أن الإخوان ذبحوا الرجل خلال إحدى مظاهراتهم بينما إذا بحث عاقل على اليوتيوب مثلا لوجد أن هناك سبب لتلك العركة وهى مصورة لسيارة السائق القتيل تدهس بعض المتظاهرات من مظاهرة اخوانية وسقطت إحداهن تحت عجلات السيارة وهو ما كان سببا لموجة الغضب التي كان نتيجتها مصابات بكسور من المتظاهرات بالإضافة إلى مقتل السائق هذه هي الصورة التي يجب نقلها بدقة لما يترتب عليها فمثلا سمعنا تعاطف السيد رئيس الوزراء وأمره بصرف معاش لأسرة السائق القتيل ولم نسمع منه كلمة مواساة لنساء تم دهسهن وكان خروج هؤلاء فى مظاهرة معارضة تعنى استباحة دمائهم و حيواتهم ثم نتباكى جميعا ونسال أين دولة القانون ولا ادري أي قانون يتحدثون عنه فى ظل غياب الأمن الذي تفرغ لمواجهة التظاهر متخيلا قدرته على تأديب الشعب تاركا البلد بلا أمان ولا امن الأمر الذي صور لمثل هذا أن أمنه ينتزعه بيده فأصر السائق على المضي فى المسيرة داهسا بعض النساء ونفس العدوى عند الطرف الأخر الذي صار مؤمنا أن الشرطة إذا أتت أصلا فلن تنصفه لأنه مستباح بلا دية فما كان إلا أن قاموا بدور الدولة المفقود فى اخذ حقهم بأنفسهم واجد أن ما حدث هو ظاهرة وليست مجرد حادثة حيث أن هناك جريمتين حدثتا فى الواقعة ولكن إعلامنا لا يرى إلا احداهما متذرعا بها فى الحرب ضد الآخر الذي تم اختزاله فى الإخوان فكل الآخر لدى الدولة هو إخوان. لاشك أن جو الاستقطاب الذي تعيشه مصر الآن هو جو صعب لم يسبق أن عاشته من قبل ولكن للأسف للإعلام المأجور الموجه دور كبير فى هذا البعد عن الموضوعية أو الانخراط فى التفكير فى مخرج من هذا الوضع الذي نرى فيه بلدنا يتهاوى اقتصاديا وأخلاقيا وسياسيا وغيرها من المجالات بينما نحن مشغولون بتصنيف بعضنا البعض وكان منا من يملكون مفاتيح الجنان من المسئولين و الإعلاميين الذين صاروا يوزعون صكوك البراءة والاتهام وصكوك المهانة أو الاحترام على من يريدون بعيدين كل البعد عن اى معايير مهنية أو أخلاقية أو للأسف حتى إنسانية وإذا تشكك احد فى هذا فما عليه إلا أن يفتح اى جريدة أو يستمع لنشرة أخبار على اى من تلك الوسائل الإعلامية ليرصد بالعدد كم تكررت كلمة إخوان ليعرف كم هاجس الرعب الذي يستشعره هؤلاء فكل مخالف اخوانى وكل متظاهر اخوانى وكل معارض لانتهاك آدمية اى مصري هو اخوانى أو متعاطف مع الإخوان وهذا للأسف هو ما سيهوى بنا و ببلدنا إلى الهاوية لأننا لسنا وحدنا فى هذا العالم وما يحدث يراه العالم فى لحظته عيانا بيانا فماذا نقدم لهذا العالم من سقوط اعلامى وكذب وهل نتصور أن هذا الكذب مهما كررناه على شاشات أو صحف تلك الأجهزة سيغير من نظرة العالم إلينا أو سيخرجنا من هذا الجو المذري الذي للأسف وصلنا إليه ووصل إلى حد الاستجداء و التهكم علينا من الآخرين بل وصل إلى أن إفريقيا التي نتغنى بانتسابنا إليه فى دستور الخمسين تتبرأ منا فلابد أن يسأل المرء منا نفسه ما الذي أوصلنا إلى هذا الانحدار ولابد أن يعلم إن أول طريق الاستقرار هو احترام آدمية المواطن أيا كان انتماؤه مؤيدا أو معارضا ويتبعها احترام القانون بعدالة عمياء لا تفرق بين المؤيد والمعارض بل تتعامل مع وقائع دون تسييس أو أوامر عليا أو مصالح مخبأة أو غيرها. دعونا جميعا نتذكر أن المواطن هو أساس الوطن ولبنة استقراره و الاستقرار يستدعى الصدق واحترام آدمية كل المصريين والكف عن تلك الاعتقالات العشوائية بحق المخالفين حتى يتهيأ الجو لإمكانية التباحث و الخروج من هذا النفق الكئيب الذي انزلقت إليه بلدنا و الكف عن اتهام اى مخالف لتوجه حكومة أثبتت فشلها الذي يشعر به القاصى و الداني إن اقتصاديا أو سياسيا ثم يخرج علينا منظومة الإعلام بالإضافة إلى الأمن لتوزيع التهم واخونة كل من يعترض تمهيدا لاستباحته بدلا من التفكير المتعقل فى كيفية احتواء فوران الشباب الثائر الذي لا يستطيع عاقل أن ينسبه إلى الإخوان فقط وإنما توسع ليشمل كافة التوجهات الثورية فى ظل هذا الضباب الذي تعيشه البلاد وفى ظل محاولات البعض لطمس ثورة يناير و الإساءة إلى رموزها وتكرر قرارات الحبس دون توجيه تهم ثم توجيه تهم باصطمبة واحدة تعكس إفلاسا حتى فى الفشل وحتى فى الضحك على الناس مثلما رأينا سخرية التليفزيون الفرنسي على إحدى مناورات الجيش المصري و التلاعب بالصور فهل إلى هذا الحد وصل الاستهتار متى نفيق من هذا ألغى و نلتفت إلى وطننا وفقراؤه وإصلاح تعليمه وغذاؤه لأنه يبدو أن تلك الملفات ليست على أجندة الحكومة فليس على أجندتها إلا محاربة الإخوان واخونة المعارضين. لك الله يا مصر اسأل الله للجميع الرشاد