لاشك أن تلك الحالة المفرطة فى التشرذم والتي تمر بها المحروسة لهو شئ يدمى القلب ويملؤه بالحزن و الغضب لان ما نراه للأسف الآن على الأرض لم يكن اصل من طباع المصريين الذين اتصفوا طوال عمرهم وتاريخهم بالطيبة و التسامح فإذا بنا نرى بيننا الآن الكراهية و الغل بدل الطيبة و الشماتة و الانتقام بديلا للتسامح ونظرة قريبة لمنشئ تلك الأحداث نجد أنها ارتبطت بما حدث من عزل رئيس منتخب واستقطاب الجيش لجزء من مؤسسات المجتمع كحزب النور و الكنيسة و الأزهر لإضفاء شرعية على الانقلاب ثم لم تمضى أيام أو لنقل سويعات بعد بيان الفريق السيسي إلا ووجدنا إغلاق لقنوات وصحف من طرف واحد فقط ففسرها البعض بسلامة نية على أنها إجراء وقائي مؤقت لاستقرار الأوضاع ورفضوا تفسير الآخرين أنها بداية لحكم قمعي يقوم على إقصاء طرف دون الآخر ثم تلتها بأيام طلب التفويض المشهور الذي أكد للبعض أن النية متجهة لا للتصعيد وإنما للإقصاء بالقوة وصار المصريون بين اتجاهين أن تكون تلك الإجراءات ليست إلا للوقاية و الاستقرار واتجاه آخر يرى الصورة بدقة اكبر ويفسر أن ما يتم أن هو إلا استعداد لإراقة الدماء وهذا الخلاف الذي استنزف الكثير من وقت المصريين مضافا إليه توابل الفتنة من إعلام عاهر يتاجر البعض من رجاله بكل القيم بل بالشرف نفسه بعد أن نصب كلا منهم نفسه حكيما لزمانه ينصح البعض ويهدد البعض فى مهاترات تعدت كل حدود الإعلام و المثل و القيم المصرية بل وتعدت حدود الشرف و الكرامة وكل ذلك ليس إلا لخدمة اتجاه ودعمه فى مواجهة فصيل آخر أيا كان الاختلاف معه. هذا هو الوضع الذي تم استحداثه عقب أحداث 3 يوليو حتى بدأت أحداث الدماء المستباحة من أحداث الحرس الجمهوري إلى أحداث المنصة وما تلاها من استخدام مفرط غير مبرر للتعامل مع اعتصامي رابعة و النهضة استنكره الكثير من المصريون أنفسهم بل واستنكره الكثير ممن كانوا داعمين لما حدث فى 30 6 و 3/7 فوجدوا أنفسهم أمام أحداث القتل و الإسراف فى الدماء وما صاحبها من اعتقالات عشوائية طالت أكاديميين وشباب وأساتذة جامعات فى ظل الترويج و التهديد و التلويح للجميع بشعار إما معنا أو علينا فمن استنكر القتل هو إخواني ومن استنكر استباحة الدماء هو مدافع عن الإخوان وصارت الإخوان و فوبيا هي تيمة المرحلة وحل الشك بين الناس محل الرحمة والتواصل وبدء مسلسل التباغض بين المصريين وصرنا نسمع من ذوى القتيل ربما من يلوم القتيل وليس القاتل على تواجده بمكان القتل وكأنما قتل لوجوده بهذا المكان فقط دون سبب آخر وهذا الجو المكارثى ( كلمة تنسب لنائب الكونجرس فى الستينات جو مكارثى الذي اتخذ من كراهية أمريكا للشيوعية وإعلان الحرب عليها سبيلا لإقصاء كل من يختلف معه باتهامه بالشيوعية فى صورة مفرطة غير عقلانية فارتبط باسمه هذا المبدأ ونسب إليه ) لا يمكن أن يخرج استقرارا ولا يأتي منه خيرا لان الطريق الطبيعي للاستقرار هو التآلف و الحفاظ على حد أدنى من أخلاقنا و إنسانيتا وقيمنا يسمح لنا أن نتوحد حول مبادئ عامة لا يمكن أن يختلف عليها عاقلان فقد نختلف ولكن لا يمكن أن يكون اختلافي معك فى الرأي سبب لإقناعي باستباحة دمك أو وضعك خلف الأسوار لأنه فى النهاية كلنا مصريون يملك كل منا فى حب هذا الوطن العظيم نفس القدر الذي يملكه الآخر فلا فضل لأحد على الآخر ولا يصح أن تكون المواطنة أو الانتساب للوطن قضية تمنح أو تمنع حسب الخلاف أو الاتفاق. نحن الآن فى مصر نحتاج إلى استعادة أنفسنا واستعادة إنسانيتنا وتحكيم عقلنا بعد هذا الجولة التي لم تتميز إلا بالدماء و الفشل وإزكاء الضغينة فى القلوب وشيطنة الآخر وشيوع الاتهام إلى الحد الذي يتصور فيه البعض أن كل كاتب يجب أن يستفتح مقاله وخصوصا أن كان نقدا وليس مدحا يجب أن يستهله بسب الإخوان أو على اقل تقدير انه ليس منهم وكأن هؤلاء فصيل هبط على مصر من الفضاء فوجدنا للأسف من تخصص الآن فى البحث التاريخي لإثبات أنهم إرهابيون وكأن ما يحدث لهم على الواقع لا يكفى فى سقوط اخلاقى للأسف يسقط فيه من يجب أن يتحلوا بأخلاق الفرسان النبيلة التي تحظر على الفارس أن يهاجم رجلا سقط عن فرسه وإنما وجدنا من كان صامتا أو مداهنا يصبح الآن باحثا فى إرهاب الجماعة ويتعامى الجميع عن بديهة يجب أن يلتفت إليها كل عاقل خائف على مستقبل هذا الوطن وهى أن ما بتم ويروج له من عنف واستباحة دماء بل وقتل واعتقال لم يمنحنا السلام و الاستقرار الذي تبحث مصر كلها عنه وألا يفرض علينا وصولنا لهذا الوضع الذي لا يسر مصري شريف أن نعيد تقييمنا لأخطائنا وان نعيد صياغة وطرح الوسائل التي تساعدنا على استعادة مصريتنا وآدميتنا وان نكون عادلين ونبدأ بإصلاح أنفسنا قبل أن نوغل فى نقد الآخرين وخاصة بعد أن ثبت أن موضوع العدالة الانتقالية الذي طالما بشر به من يحكمون وعينوا له وزيرا للأسف لم نجد على الأرض لا عدالة ولا انتقالية. مصر فوق الجميع وللجميع فهل نتآلف ونتوحد وخصوصا مع ما نراه أن إقليميا أو دوليا من محاولات الهاء مصر بصراعاتها الداخلية التي لا عائد من ورائها حتى تتم إعادة صياغة المنطقة وتحديد القوى الفاعلة بعيدا عن وجود مصر كقوة تاريخية فى المنطقة وهل يعي القائمون على أمرها لذلك وهل يتدبر هؤلاء للم شمل المصريين وتوحيدهم وتوحيد هدفهم من اجل مصر العظيمة التي نراها فى وضع غير جيد لم نحلم به فى كوابيسنا فلنفق أيها المصريون الكل مدعو لإعادة تقييم مواقفه لتغييرها بعد نضوب اى عائد من الإصرار عليها فالكل مدعوا للاعتراف بأخطائه وتجاوزها لتتحرك مصر وتتحرك أيديها العاملة بعد استبعاد الحلول الأمنية البائسة من أجندة الحكومة الرشيدة لترينا وتثبت أنها حكومة سياسية وان كانت انتقالية لديها حلول سياسية ولا تكتفي فقط بالحلول الأمنية الفاشلة فان لم يكن لديها فاشرف لها الاستقالة برجالها غير مأسوفا عليهم لتجد مصر من أبنائها من يأخذ بيدها لاشك أن مصرنا تمر بمرحلة دقيقة تستدعى جهود جميع المخلصين وتستدعى أن يكف مسئولونا وإعلاميونا عن تصنيف البشر وإطلاق التهم الجاهزة بمعنى اصح لابد أن نخرج من هذا الجو الاقصائي أن أردنا ببلدنا خيرا وليمد الجميع يده للمحافظة على ما بقى من إنسانيتنا ولنحترم ونعلن أن ثورة يناير هي ثورة فارقة فى تاريخ مصر لن تنمحي بتشويه يعض النشطاء المحسوبون عليها اسأل الله للجميع الرشاد و التوحد من اجل مصر وفقرائها التي أعلن وزير التخطيط أن عددهم جاوز 26 % فهل نشعر بهم أو يشعر بهم احد تحياتي درويش عز الدين