هذا السؤال ليس من عندي، ولم يخطر ببالي أن أسأله، إنما سأله شخص يدعى جاك عطا لله، كتب مقالا في موقع إلكتروني اسمه "الأخبار القبطية" تعليقًا على أحداث الطالبية أنهاه بذلك السؤال بعد أن قال: " لقد فوجىء الأقباط بأن قيادة الدولة نفسها هى التى تنفذ تهديدات منظمة القاعدة، والآن وقد عرفنا مدى تغلغل منظمة القاعدة بمصر ووصولها إلى رأس مصر فماذا سنفعل ومن سينقذ الاقباط من الإبادة المخططة لهم؟ في اليوم نفسه سمعت السؤال الصاعق: "فين أمريكا تحمينا؟" سألته إمرأة مسيحية أمام عدسة تلفزيون بي بي سي العربية. كانت تتكلم وحولها جمع من المسيحيين، لم نر أحدًا منهم يستنكر مناشدتها لأمريكا التدخل، أو يقول إن اللفظ قد خانها، أو أن المرأة غلبتها عاطفتها فأخطأت. وعلى موقع"الأخبار القبطية " نفسه نشر شخص يدعى الأب يوتا ما أسماه "بيان لتوضيح الحقائق حول مذبحة كنيسة الطالبية"، وغني عن القول أن من ينشر بيانا لتوضيح الحقائق لا بد أن يكون شخصًا مسئولا في الكنيسة، عالمًا بالأمور ومجريات الأحداث، ويبدو أنه كذلك، وإن كتبه باسم مستعار، علمًا بأن الموقع تتصدره صورة الأنبا شنودة، وأحاديثه بالصوت والصورة، الأمر الذي يدعو للتساؤل: هل يعمل الموقع تحت رعاية الكاتدرائية؟ وإن لم يكن كذلك فلماذا لا نسمع كلمة استنكار أو تبرؤ مما يقال فيه، أوعلى الأقل دعوة الموقع لعدم التمسح في ثياب شنودة؟ ونعرض لما قاله يوتا بألفاظه، مع الاعتذار للقراء عن أسلوبه: - "مطرانية الجيزة طالبت ببناء كنيسة لمنطقة الطالبية لكن الجميع يعلم استحالة تلبية هذا الأمر، فكان الاتفاق هو بناء كنيسة تحت مسمى مبنى خدمات ( ودفعت الكنيسة مضطرة أموالا طائلة للمسئولين فى محافظة الجيزة " - "أوجه كلامي لمحافظ الجيزة والذي صرح كاذبًا ( والكذب مباح لأى مسلم وخاصة إذا كان مسئولا ) أن هناك مخالفة للقانون والدستور، إننى أسأله وهل الدستور والقانون أباح للمسلم بناء المساجد في أي مكان وأى وقت وبأى شكل دون اى مشكلة لكن الاقباط ممنوع عليهم بناء كنيسة عليها قباب او صلبان وعندما يوافقون على شروط المسلمين المجحفة باستبدال الكنيسة بمبنى خدمي يتم اتهامهم بأنهم خالفوا القانون والدستور، اذا كان هذا هو القانون والدستور فى نظر المسئولين المسلمين ومنهم محافظ الجيزة فليذهب هذا القانون والدستور إلى الجحيم، ولتذهب معه عنصرية وتعصب واضطهاد المسلمين لأصحاب الديانات الأخرى إلى الجحيم". - "إن الأقباط يعرفون تمامًا مدى همجية وبربرية وتعصب المسلم ضد الأقباط. إن الاقباط أيضًا يعرفون أن المسلمين داخل مصر لا فرق بين مبادئهم ومبادئ تنظيم القاعدة الإرهابي فى تعاملهم مع الأقباط لأنها مبادئ مبنية على تعاليم الإسلام التي هي ضد حرية العقيدة، كما أن الأقباط يعرفون أيضًا أن الحزب الوطنى والإخوان المسلمين لديهم توجه واحد ضد حقوق الأقباط، والحزب الوطني مسئول عن كل ما يحدث للأقباط ( لذلك أطالب جميع الأقباط بالذهاب إلى صناديق الانتخابات والتصويت ضد الحزب الوطنى وضد الإخوان المسلمين) لأن أهدافهم نفس الأهداف، والاثنين متفقين تمامًا على اضطهاد الأقباط وارتكاب الجرائم ضدهم". - "نتساءل هل وجود سلم داخل هذا المبنى يستدعى هذا العداء الشديد من المسئولين المسلمين فى محافظة الجيزة؟ وهل الهجوم بالرصاص الحي والقنابل على المحتجين الأقباط على قرار هدم المبنى الخدمي ( يختلف عن هجوم المسلمين من أعضاء القاعدة في العراق على كنيسة سيدة النجاة )؟؟ الحقيقة أنه لافرق سوى فى الاسلوب والحجة، لكن النتيجة واحدة والسبب واحد وهو العداء الاسلامي ضد المسيحيين، وتعاليم الإسلام الإرهابية ضد أتباع المعتقدات الأخرى". - "إننا نؤكد أن كل شهيد قبطي يسقط من أجل حرية العقيدة لهو خير شاهد على بربرية وهمجية وإرهاب الإسلام والمسلمين ضد غير المسلمين، وأكبر دليل على أن الارهاب منبعه الأساسي هو الإسلام وتعاليمه، وأن المسلم سواء كان فى مصر أو العراق أو افغانستان أو أى دولة هو أداة هذا الارهاب". - "نؤكد أننا كأقباط نفهم الواقع الحقيقي في مصر ونحن مستعدين للاستشهاد لأننا نؤمن تمامًا أن الإسلام والمسلمين لن يتوقفوا أبدًا عن ارهاب الآخرين أو عن العنف وسفك الدماء لأن اللحظة التى يتوقف المسلمون فها عن ارهاب وايذاء غير المسلمين (ستكون لحظة موت الإسلام، لأن استمرار الإسلام إلى هذا اليوم مبني على ارهاب الآخرين)". - "نؤكد أن اعتقال أكبر عدد من الأقباط للضغط عليهم للسكوت وعدم تصعيد الامر واستخدام رجال النيابة العامة ضد الاقباط هو تصرف أحمق وغير مسئول يزيد الغضب داخل صدور الأقباط، ويؤكد لهم أن العدالة مفقودة، وأن الاضطهاد الذي يتعرضون له هو منظم من جميع المسلمين، لافرق بين مسجل خطر مسلم، أو محافظ مسلم، أو وكيل نيابة مسلم أو حتى قاض مسلم، أو وزير، أو حتى رئيس مسلم لأنهم جميعًا تربوا وآمنوا بتعاليم دينهم الإسلام التي تشجع على إيذاء وارهاب وظلم الآخرين". -"لابد من تقديم شكوى لدى الهيئات الدولية وعلى الأحباء أقباط الخارج الذين يحملون جنسيات الدول التي بها تقديم شكاوى لبرلمانات هذه الدول والمطالبة بتحقيقات دولية حتى يأخذ العدل مجراه". كيف يكتب شخص يدعي أنه "أب" مثل هذا الغثاء الطافح بالحقد والزيف والتضليل والتحريض واللاعقلانية؟ وكيف يحمل في قلبه كل هذا الكره للإسلام، حتى اعتبره سببًا لكل المصائب؟ وما هذه الجرأة على المسئولين، بما فيهم رأس السلطة؟ لماذا يلجأ يوتا والمشرفون على الموقع وكل دعاة الاستنجاد بأمريكا وإسرائيل، وهم كثيرون، لماذا يلجأون إلى استفزاز مشاعر المسلمين، وتأجيج مشاعر الكراهية؟ لماذا يحاولون قطع كل "شعرات معاوية" بين المسيحيين والمسلمين؟ ما حكاية النبرة المتزايدة لطلب التدخل الدولي؟ هل يرون أن ساعة المواجهة قد حانت؟ هل يريدون فعلا أن تنفلت الأعصاب، وأن يتصرف البعض خارج نطاق العقل؟ هل هي مسألة جر شكل يخرجون منها رابحين في كلتا الحالتين: إن سكت، كنت في موقف الضعيف المستكين الذي سينال المزيد من الإهانة، بينما هم في موقف القوي المستعلي الذي سينتشي بالمكسب الذي حققه ويطلب المزيد، وإن رددت كنت المعتدي الذي يحتاج إلى تدخل دولي لتأديبه. لقد برعت الكنيسة في اللعب على الظروف، واستغلال المواقف، وهي تستغل ضعف النظام داخليًا، وضعف مناعته أمام الضغوط الغربية، فضلا عن استكانة "جينية" داخله، وحققت بهذا الأسلوب مكاسب لم تكن تحلم بها، لكن نشوة النصر أسكرتها على ما يبدو، فلم تدرك أن الأمر زاد عن حده، ودخل منطقة الخطر الشديد، والخطأ الجسيم. وفي مشكلة مبنى مجمع الخدمات بالطالبية وضح جليًا أسلوب استغلال الظرف السياسي، فهناك مخالفات واضحة تعمدت تحويل المبنى إلى كنيسة، ولكن الظرف السياسي مناسب تمامًا للتصعيد، وليذهب القانون إلى الجحيم كما قال يوتا، ففي لحظة واحدة تم حشد 400 عامل ليبنوا طابقًا واحدًا في المبنى.. تخيلوا العدد، وحين اعترض مهندسو الحي على المخالفات احتشد أكثر من 3 الآف شخص.. كيف يمكن حشد هذه العدد في سويعات؟ نحن إذًا أمام "تنظيم" مسيحي متشعب وجاهز، أفراده معروفون بالاسم والعنوان والتليفون، يتم استدعاؤهم وقت الحاجة لأداء مهام محددة سلفًا. ومن مظاهر استغلال الموقف السياسي أيضًا تلك الدعوات التي أطلقها عدد من الرموز المسيحية بعدم التصويت للحزب الوطني والإخوان (وهل سبق أن صوتوا للإخوان؟!)، ورغم أن الوطني لا يحتاج لأصواتهم ولا أصوات غيرهم، لأنه يعرف كيف يحصل على أصوات الجميع، إلا أنه في حاجة إلى الديكور، ويخشى أن يتعلل الأنبا شنودة بأي علة فلا يذهب يوم الانتخابات للتصويت، وتختفى صورة طالما طالعناها في كل انتخابات. وفي هذه المرة، كما في كل مرة سابقة، تحقق الهدف وأضيفت كنيسة جديدة.. ومعها فتيل قابل للاشتعال. [email protected]