من الواضح أن أي تحرك دبلوماسي أمريكي جدي مع أي من جيران إيران في هذا الوقت، يرتبط بالمواجهة الأمريكيةالإيرانية. لذا، فإن البساط الأحمر الذي مُدّد ترحيبا بالرئيس الأذربيجاني "إلهام أليف" هذا الأسبوع، يعكس حرص واشنطن على تهيئة وتحضير جيران إيران لأي تطور "عقابي" ضد إيران. رغم أنه، وإلى وقت قريب، ساد الاعتقاد بأن الرئيس الأذربيجاني مُدرج ضمن "قائمة المراقبة" الأمريكية للدكتاتوريين. وقبل أربعة شهور، اجتاحت حالة من الذعر العاصمة "باكو"، تحسبا لأي تخطيط من واشنطن لإشعال "ثورة ملونة أخرى"، في آذربيجان. لكن الآن، حان الوقت للتقبيل والمساحيق، ببساطة، لأن آذربيجان، بموقعها، تشكل أرضية ذات قيمة حيوية للعمليات الأمريكية الموجهة ضد إيران، وعليه لا يهم إن كان الحاكم مستبدا أو باطشا أو منتهكا لحقوق الإنسان. وفي مقابل "عودة" الدفء إلى علاقات أمريكا مع آذربيجان، بردت علاقات واشنطن مع اللاعب الإقليمي المهم الآخر، تركيا. وقد كان ملف إيران النووي أحد الموضوعات الهامة على جدول أعمال زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى تركيا يوم الثلاثاء الماضي، لكنَ حليفي الحرب الباردة سابقا، اتفقا على عدم الاتفاق. ثمة اتفاق واسع بين تركيا والولاياتالمتحدة حول منع من أن تصبح دولة نووية. لكن الاتفاق يتركز حول: كيف يمكن لإيران أن توقف برنامجها، أيهما أفضل: الأساليب عدوانية، مثل المقاطعة والعزلة والتدخل العسكري، أم الإقناع الدبلوماسي؟ ففي حين، تفضل أنقرة اللغة الدبلوماسي، تميل واشنطن إلى الخيارات العدوانية، كما أن تركيا قلقة بشأن السياسات الأمريكية في المنطقة، القائمة على سياسة فرض العزلة، إذ إن محاولات عزل سوريا، حماس وإيران، تسبب الذعر في أنقرة، وأحد الأسباب الرئيسة لهذا، هي أن مثل هذه السياسات من شأنها أن تقطع صلات تركيا بآسيا الوسطى. لكن تبقى أولوية تركيا الآن، وهو ما طغى على محادثات رايس وغول في لقائهما الأسبوع الماضي، هو ما يحدث في العراق، وتحديدا، التصعيد الجدي للعنف الكردي في محافظات تركيا الجنوبية الشرقية خلال الأسابيع الأخيرة، فالحقائق على الأرض خطيرة. وقد أشارت التقارير الإعلامية التركية في الأيام الأخيرة إلى التعزيزات الكبيرة لقوات الأمن في منطقة الحدود بشمال العراق. ومن المحتمل أن تلجأ القوات التركية إلى "مطاردة ساخنة" للمقاتلين الأكراد في ملاجئهم بشمال العراق. ويسود انطباع راسخ في أوساط الرأي العام التركي، بأن حلفاءِ الولاياتالمتحدة في شمال العراق، الأكراد، يساعدون مقاتلي حزب العمل الكردستاني، بشكل نشيط، وأن أمريكا هي سيدة "كل الدمى في العراق". من جهتها، يبدو أن الولاياتالمتحدة بصدد توجيه رسالة واضحة إلى أنقرة، مفادها أن الصداقة طريق ذو اتجاهين. فإذا كانت "الشراكة الإستراتيجية" تأخذ في الحسبان اختلافات الرأي بخصوص قضية إيران النووية أو حماس وسوريا، فهل يسري هذا التباين على المعركة ضد الإرهاب؟ لكن القضية ليست محصورة في مطاردة المقاتلين الأكراد، إذ إن هناك تعارضا أساسيا في المصالح بين الولاياتالمتحدة وتركيا على مستقبل العراق المصدر : العصر