تحدث تقرير أصدره مركز الأرض لحقوق الإنسان عن هجرة المصريين إلى الخارج كظاهرة عامة ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين، مشيرا إلى تنوع أسباب السفر إلى خارج مصر خلال تلك الفترة، فمنها ما هو سياسي أو اقتصادي أو تعليمي أو لاستكمال الدراسة بالخارج. ووفقاً لما نقله عن الجهاز للتعبئة والإحصاء، فإن إجمالي المصريين المقيمين خارج مصر يبلغون عشرة ملايين مصري تقريبا، من بينهم ما يطلق عليهم "المهاجرون المؤقتون" ويقصد بهم المصريون في دول الخليج العربي أو العمالة المصرية، وهؤلاء يقدر عددهم بمليون و902 ألف مصري يشكلون نسبة 69.8 % من إجمالي عدد المهاجرين المؤقتين، ويتوزع الباقون ويقدر عددهم ب824 ألف مصري على دول أوروبا وأمريكا الشمالية ويطلق عليهم "المهاجرون الدائمون". وكشف التقرير عن وجود عدد كبير يقدر بالآلاف من علماء مصر وأبنائها المتميزين خارج أرض الوطن، فاستنادًا إلى دراسة أجراها باحثون في الجهاز المركزي للإحصاء والهجرة العام الماضي، فإن هناك نحو 2600 عالم وخبير مصري يشغلون أرقى المناصب العلمية في مجالات الطب والهندسة وعلوم الفلك والفضاء والأحياء الدقيقة والليزر والحاسبات والإلكترونيات والعلوم الإنسانية خارج مصر، من بينهم 844 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، و340 في ألمانيا، و196 في كندا التي يوجد بها وحدها 8 مصريين يشغلون مناصب عمداء جامعات كندية، و142 في انجلترا، و132 في فرنسا، و131 في النمسا، و107 في سويسرا، و86 في هولندا، وغيرهم في اليونان وإيطاليا ودول أخرى. وتطرق التقرير إلى اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية التي دخلت حيِّز التنفيذ منذ يونيو 2004، حيث انتقد خُبراء مصريون متخصِّصون في الاقتصاد والتجارة والدولية الجانب الأوروبي أكثر من الجانب المصري، حيث أنها فتحت السوق المصري (80 مليون نسمة) أمام المنتجات الأوروبية بدون رسوم جمركية، فيما لم ينجح الجانب المصري في الاستفادة من الاتفاقية بالشّكل المأمُول، كما لم تنجَح في استثمار المِنحة الأوروبية في تطوير وتحديث الصناعة المصرية. فقد تصاعدت الصّادِرات المصرية لدول الاتحاد الأوروبي من 3.5 مليار دولار عام 2004 إلى 9.8 مليار دولار عام 2008، كما تصاعدت الواردات المصرية من دول الاتحاد الأوروبي خلال هذه السنوات الخمس من 9.5 مليار دولار إلى 18 مليار دولار عام 2008، وذلك وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري. وذكر التقرير أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية تنطوي علي أجندة غير تنموية، فكافة أهداف الألفية تتأثر سلبيا بالمبادئ الاقتصادية التي تروج دون تمييز وبموجب اعتبارات خارجية، حيث تفرض أوروبا هذه الاتفاقيات علي مستعمراتها السابقة في أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي، وأن هذه الاتفاقيات ستضم هذه الأقاليم في منطقة تجارة حرة مع أوروبا، وتتيح لقطاع الأعمال الأوروبي صفقات احتكارية ضخمة، ما يتعارض مع جهود التنمية. وشدد على أن مثل هذه الاتفاقيات الأوروبية ستدمر قطاعي الزراعة والصناعة في أفريقيا، وستمنح أوروبا سلطة ونفوذا علي السياسات الاقتصادية في دول أفريقيا والكاريبي والهادي، وتحول حكامها إلي مجرد مديرين محليين لمصالح الشركات الأوروبية وأرباحها.