وزير الخارجية: مصر تتبنى نهجًا شاملًا في ملف حقوق الإنسان    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    وزيرة التنمية المحلية تتفقد المرحلة الأولى من كورنيش بورسعيد السياحي    رئيس الوزراء يتابع موقف تسليم وتشغيل المشروعات المُنفذة ضمن المرحلة الأولى ب«حياة كريمة»    قرار هام مرتقب للبنك المركزي يؤثر على تحركات السوق | تقرير    تركيا تعلن إحباط مخططات لهجمات إرهابية واسعة خلال أعياد الميلاد    صحيفة إسرائيل اليوم: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيختتم بإعلان المرحلة الثانية من اتفاق غزة    استشهاد فلسطيني وإصابة 3 آخرين في بيت لاهيا    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا وليلاً وشبورة مائية كثيفة على الطرق    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة والذخيرة في قنا    استخراج 3 جثث من أسفل ركام عقار إمبابة المنهار    استمرار حظر استضافة العرافين والمنجمين.. قرار هام من الوطنية للإعلام    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    السبت.. استضافة الخبير الإسباني العالمي خوسيه فرنانديز بمجمع السويس الطبي للكشف الطبي المجاني    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    توسع النزاع يهدد صادرات النفط…تصاعد الأعمال العسكرية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    رباعي يعاون سامي.. في الجول يكشف الجهاز الفني الجديد لمودرن سبورت    التشكيل المثالي للجولة الأولى في كأس الأمم الإفريقية.. صلاح ومرموش في الصدارة    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    رئيس مياه الفيوم يتفقد محطة مياه الريان    التطرف آفة العصر، ساويرس يرد على كاتب إماراتي بشأن التهنئة بعيد الميلاد    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    توقيع اتفاق لتحويل مصر إلى مجتمع معرفي مبتكر مستدام    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    عون: لبنان الجديد يجب أن يكون دولة مؤسسات لا أحزاب    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    بعد زيادة الطعون عليها، توفيق عكاشة يطالب الهيئة الوطنية بإثبات صحة انتخابات البرلمان    25 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    "الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرًا اليوم لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    الكاميرا فى العزاء والمناسبات.. الجريمة والحد الفاصل بين الخاص والعام    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    بديل حضاري وآمن ومرخص.. بدء تنفيذ مبادرة استبدال التوكتوك بسيارات كيوت صغيرة بالقاهرة    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا التضامن و العمل يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتى الفيوم ووادى النطرون    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    ماجدة زكي تعود لدراما رمضان ب«رأس الأفعى» مع أمير كرارة    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجربة إطلاق صاروخ "سطح-جو" بعيد المدى    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة الإسكندرية وسياسة الإفلات من العقاب
نشر في المصريون يوم 14 - 06 - 2010

نقلت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان منذ أيام حادثة قتل شاب من الإسكندرية، وقالت إن "استمرار سياسة الإفلات من العقاب في مصر أسفرت.. عن مقتل الشاب “خالد محمد سعيد” 28 عاما، على يد بعض المخبرين.. في مقهي إنترنت بالأسكندرية، لمجرد اعتراضه على المعاملة السيئة وتفتيشه.. حيث بدأ المخبرون في ضربه بعنف وقسوة، ورغم توسلاته لهم بأن يكفوا عن ضربه، فقد استمروا في ضربه حتى تكسرت جمجمته وسقط قتيلا بين أيديهم"..
جريمة كهذه حركت في دول أخرى ثورات وتمردات شعبية من لوس أنجيليس إلى جنوب افريقيا، وهي في مصر تتكرر في السنوات الأخيرة لكن دون حساب في ظل غياب الأمن أو انشغال بعض أفراده بجمع غرامات المرور أو تأمين سيارات الوزراء والمحافظين والمسؤولين..
غير أن الأكثر خطورة هو ما جاء في تقرير الشبكة العربية من أن المخبرين "لا يتمتعون بوضع خاص أو لديهم علاقة ببعض أصحاب النفوذ، بل هم رجال شرطة عاديون حولتهم سياسة الافلات من العقاب الى قتلة ساديين فوق القانون"..
إن غياب الأمن في الشارع هو نتيجة طبيعية ومباشرة لفشل نظام الحكم في إرساء حكم القانون وفشل الحكومة في الوفاء بأبسط وظائف الحكومات المعاصرة. فجوهر المشكلة هو أن الإستبداد واحتكار السلطة وتزوير الانتخابات تعني جميعها غياب القانون وقمع الحريات وإرهاب المخلصين المطالبين بالإصلاح. وغياب القانون وقمع الحريات وإرهاب المعارضين تؤدي جميعها إلى التغاضي عن منتهكي القانون والحقوق فإلى إنفلات الأمن وتكرار حوادث التعذيب وجرائم القتل..
وسياسة التغاضي عن منتهكي عن هذه الحوادث المتكررة لا تعطي فقط الضوء الأخضر لرجال الشرطة للتعدي على حرمات الناس وممتلكاتهم وأرواحهم، وإنما - والأخطر - هو أن هذه السياسة أوجدت أجيالا من رجال الشرطة الذين لا يعرفون أدوارهم الحقيقية في حفظ أمن الأفراد وممتلكاتهم، ولا يقدرون مكانة وأهمية مهنة نبيلة كمهنة حفظ الأمن، ولا يمكنهم التفرقة بين "القانون" و"البلطجة" ولا بين "حقوق الإنسان" و"الإتاوات التي يحصلون عليها من أصحاب سيارات الأجرة في المواقف".. وهذه الأمور أوجدت بدورها عداوة وخصومة بين الشرطة وبين الناس..
وحسب تقارير حقوقية صارت مهنة الشرطة عند الكثيرين من أفراد الشرطة طريقا للتكبر والتجبر والمكانة والمنظرة والتحكم في الناس، بل وصار التكسب غير المشروع عند بعض أفراد الشرطة هدفًا في حد ذاته من الإلتحاق بالمهنة. وهذا التكسب غير المشروع له مظاهر مختلفة أهمها وأخطرها هو فرض بعض رجال الشرطة إتاوات على الضعفاء من الناس مقابل عدم التعرض لهم والتجاوز عن انتهاكات هؤلاء الضعفاء للقانون.
بمعنى أن سياسة التغاضي عن انتهكات رجال الشرطة زرعت الفساد والتسيب والجهل داخل صفوف الشرطة وداخل المجتمع الذي راح الكثير من أفراده يتسابقون على التعرف على أحد أفراد الشرطة حتى يضمنون تغاضي الشرطة عن انتهاكات هؤلاء للقانون أو يحصلون على منافع ما كان يمكن لهم الحصول عليها دون مساعدة الشرطة... إنها دائرة خبيثة من الفساد والإفساد ما كانت لتظهر لولا فشل مؤسسات الدولة في الوفاء بأبجديات وظائف الحكم وحفظ الأمن.. وهو فشل تجاوزته الكثير من الدول المجاورة ودول العالم الثالث..
جريمة الإسكندرية لا يجب أن تمر مرور الكرام لتنضم إلى الحالات السابقة، ولا يجب أن تكتفي المنظمات الحقوقية برصد هذه الحالات وتوثيقها فقط.. لابد أن تقود هذه المنظمات حملات منظمة لتقديم مرتكبي هذه الجريمة والمسؤولين عنهم إلى المحاكمة.. بل وأعتقد أنه يجب أن يُعلق صور مرتكبي الحادث والأحكام الصادرة في حقهم في جميع أقسام الشرطة في مصر كلها وفي الميادين العامة ليكونوا عبرة لمن يفكر في تكرار مثل هذه التجاوزات ولكل من تسول له نفسه أن يتكبر ويتجبر على الضعفاء والعزل..
كما حان الوقت لأكاديمية الشرطة وكل المعاهد والمؤسسات التي تشرف على تخريج الآلاف من رجال الشرطة والمخبرين أن لا تقف عند مجرد تدريس بعض مقررات حقوق الإنسان والتحدث عن مراعاة حقوق الإنسان أمام شاشات التليفزيون في المناسبات العامة.. وإنما لابد من أن تترجم تلك المقررات وذلك الخطاب إلى واقع ملموس، ولا بد من الفصل بين أمن النظام وأمن المجتمع..
إن أمن المجتمع وأمن أفراده لا علاقة له لا بالإرهاب ولا بالإخوان ولا ببقاء النظام، فلماذا الفشل هنا أيضا؟
وصدق الرسول عليه السلام القائل: "والله يمهل الظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه لم يفلته."
* أستاذ العلوم السياسية المساعد – جامعة الإسكندرية.
www.abdelfattahmady.net


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.