في خضم الحملة الرسمية لتبرير استمرار العمل بقانون الطوارئ تبلورت فكرة تقول إنه لابد من مد العمل بهذا القانون حتى صدور ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب حتى لا يحدث فراغ تشريعي!. وهذه الحجة الغريبة تتناسى أنه يوجد في مصر عشرات التشريعات العقابية بحيث لا يتصور حدوث فراغ تشريعي إذا أبطل قانون الطوارئ (وهو قانون استثنائي بطبعه أي مفروض فوق النظام القانوني العادي والكامل والوافي) ولم يحل محله قانون مماثل له في الاستثنائية وإن كان يحمل اسما أخر ويحتوي نصوصا أشد قمعا وبطشا بالحريات العامة الأساسية. إن الذي يقول بأكذوبة الفراغ التشريعي يحمل تصورا عن القانون وكأنه هراوة أو مسدس يحمله في يده لإرهاب الناس وتخويفهم وهو يخشى أن ترك هذه الهراوة من يده لحظة واحدة ولو ليحل محلها بعد لحظة هراوة أخرى أشد فتكا أن يصبح عاريا لا يغطيه شيء. هذا هو التصور السلطوي للقانون كغطاء ودرع لضرب الخصوم وسيف مشهر لغرض ما. وفي هذا الإطار يصبح مجرد الحديث عن إسقاط هذه الهراوة من اليد السلطوية الدكتاتورية أمرا لا يتصور ولا يقبل لأن الدكتاتورية لا تتصور أن تعيش بدون أدوات قهر وقمع والقانون (أي قانون) في تصورها هو أداة من تلك الأدوات. ويكشف هذا التصور عن أن البعض يرى أن القانون موجود لصالحه هو ولصالح استمراريته وليس موجودا للتعبير عن قيم وقواعد وحماية هذا المجتمع. والقانون وفق هذا التصور ليس أكثر من أداة قمع في يد السلطة لكنه ليس مجال أداة حاكمة ومفسرة للدستور وموضوعة في إطار الشعب وعقيدته وأهدافه. وفوق هذا فإن أصحاب هذه التصور يكشفون عن خوف مرضي عجيب فهم يكشفون عن أنهم بحاجة إلى غطاء قمعي يحميهم وأنهم لا يتمتعون بأية قوة معنوية أو دعم شعبي يسندهم. إن أصحاب هذا التصور من دعاة الدكتاتورية يكشفون وبسهولة عن أنهم في الحقيقة ليس لديهم شيء سوى أدوات القمع والقهر الذين حولوا القانون إلى أحدهما وهو ليس القانون العادل بل القوانين الاستثنائية. فلا أحزاب هناك ولا رأي سياسي يحميهم بل مجرد قوانين الأحكام العسكرية. والمدهش أنهم وهم يتحدثون برعب عن وجود فراغ تشريعي لمجرد أن فترة زمنية مقبلة قد تمضي بين قانون استثنائي وآخر أشد منه سطوة لا يتحدثون عن الفراغ التشريعي المتمثل في إبطال القوانين التي يفترض أن تفعل لمحاربة الفساد والإفساد والانحراف بالسلطة وإهدار المال العام ومخالفة الدستور وتزوير الانتخابات. [email protected]