تعرفت طوال رحلتى الصحفية على العديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين واقتربت كثيرًا منهم فى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من خلال عمل صحفى فى مجلة "الدعوة" الشهيرة لسان حال الجماعة ووسيلتها الأكثر تأثيرًا وانتشارًا فى ذلك الوقت. على مدى ثلاث سنوات اقتربت من رموز الجماعة فى ذلك الوقت، وفى مقدمتهم المرشد التاريخى للإخوان عمر التلمسانى ونائبه مصطفى مشهور وغيرهما، وأشهد لهذا الجيل من قيادات وكوادر الجماعة بكل ما هو أخلاقى ومحترم، فلم أسمع منهم إسفافًا ضد خصومهم، حيث كانوا يتصدون لكل المختلفين معهم بقوة وصلابة دون أن يصدر من أحد منهم لفظ جارح أو عبارة مسفة أو وصف قبيح، فتعاطف معهم الكثيرون من مختلف فئات الشعب المصرى، بل ودافع عن حقوقهم بعض خصومهم وأدانوا ملاحقتهم أمنيًا ومصادرة حرياتهم. هذا الأدب الذى شاهدته وعايشته من بعض قيادات وكوادر الجماعة خلال تجربتى الأولى فى مجلة الدعوة فى مقتبل حياتى الصحفية لم يعد له وجود – للأسف الشديد - عند قيادات اليوم، خاصة بعد أن ابتلى الله الجماعة بعناصر ذات أصوات منكرة وطباع مستفزة وأدمغة بها برامج عقلية "مهنجة" وتحتاج إلى "فرمطة" من نوعية محمد البلتاجى وعصام العريان وصفوت حجازى وحسن البرنس وغيرهم كثيرون، حيث سلط الله ألسنة هؤلاء الزالفة على كل خلق الله، فأخذوا يهذون بكل ما هو قبيح وشاذ ومنفر، فجنت الجماعة من وراء شرور هؤلاء نفورًا شعبيًا عامًا وسخطًا وغضبًا غير مسبوقين من المصريين والعرب والمسلمين، فضلاً عن حالة الخوف والهلع التى أصابت الشعوب العربية والإسلامية من مخططات الجماعة وأهدافها الاستيطانية فى كافة الدول العربية. ***** من فوق منصة رابعة العدوية، مارس قيادات الإخوان والمناصرون لهم من الجماعات الإسلامية وبعض السلفيين والباحثين عن شو إعلامى وسياسى من الإعلاميين ومحترفى الدجل السياسى، كل ما هو شاذ وقبيح وغير أخلاقى ليس ضد خصومهم فقط، ولكن ضد الشعب المصرى كله، فسمعنا وشاهدنا من خلال هذا المسرح الدائم كل صور الإسفاف ضد الجيش وقياداته، فضلاً عن وصلات الردح وسيل الشتائم والسباب التى استهدفت شيخ الأزهر والفريق السيسى والبرادعى والرئيس المؤقت عدلى منصور ورئيس الوزراء ووزير الداخلية محمد إبراهيم، حيث انحط كثير من المتحدثين بخطابهم ضد خصومهم، لما هو أدنى من لغة البلطجية والمسجلين خطر. وأكد بعض قيادات الجماعة من خلال خطبهم المسائية فى ليالى رمضان المباركة، أنه لا علاقة لهم بقيم الإسلام العظيم وأدبه وأخلاقياته، حيث يجيدون كل فنون السب والقذف، وأن لديهم مخزونًا استراتيجيًا من القدرة على الاستفزاز وتوجيه الإهانات لكل خلق الله فضلاً عن الإبداع فى خلط الأوراق وتزييف الحقائق ونشر الشائعات والأكاذيب. لم نسمع منهم من خلال منصة رابعة العدوية التى تنقل تفاصيلها ست قنوات فضائية مناصرة للإخوان خارج مصر فى مقدمتها الجزيرة القطرية، حقائق وأدلة وبراهين تساند الحق والشرعية التى يدافعون عنها، ولكن سمعنا منهم شتائم وسبابًا وإشاعات كاذبة وصورًا نادرة من الدجل والشعوذة التى أبدع فيها صفوت حجازى، حيث يواصل كل يوم تخدير عقول البسطاء الواقفين والجالسين أمامه بخزعبلات تشوه صورة الجماعة والمتحدثين باسمها إلى أن تقوم الساعة.. وكل هذا الإسفاف مسجل ومتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعى ويشاهده الملايين فى العالم كل يوم. ***** داخل إحدى القاعات المرفقة بمسجد رابعة العدوية، تعكف مجموعة من ميليشيات الإخوان الإلكترونية فى ورديات عمل على مدار ساعات الليل والنهار، وتساندها من خلال مئات المراكز والأوكار الإلكترونية فى أماكن متفرقة من مصر.. هذه الميليشيات التى تم تصوير بعض أوكارها وتدوالها عبر مواقع التواصل الاجتماعى مهمتها نشر الشائعات وممارسة أبشع صور الإسفاف ضد المختلفين مع الجماعة والناصحين لها بالتعقل وحقن دماء أنصارها والمطالبين لها بتغليب صوت العقل والحكمة حرصًا على أمن واستقرار الوطن. كل من يعبر عن احترامه وتقديره لجيش مصر العظيم ورفضه للعدوان على أفراده فى سيناء، هو فى نظر الجماعة بدءًا بمرشدها وانتهاء بأصغر طفل فيها خائن وعميل للفريق السيسى، وكل من يبدى تعاطفًَا مع رجال الشرطة الذين يتساقطون كل يوم بين قتلى وجرحى على يد الإرهابيين والبلطجية المناصرين للجماعة، هو فى نظر الجماعة مجرم وخائن لدينه ووطنه. أما إسفاف بعض العلماء والدعاة المناصرين للإخوان ورئيسهم الفاشل المعزول محمد مرسى، فحدث عنه ولا حرج، فملايين المصريين الذين خرجوا فى 30 يونيه و26 يوليو يعبرون عن رفضهم لحكم الإخوان المسلمين هم "حثالة وزبالة الشعب المصرى" فى نظر داعية غمره المصريون بالاحترام والتقدير، مثل زغلول النجار، والذين خرجوا فى هذين المشهدين التاريخيين ليرفضوا حاكمًا فاشلاً هم فى نظر داعية شهير مثل الشيخ محمد عبد المقصود كافرين ومنافقين.. وهكذا ينحدر بعض الدعاة الموالين للمعزول بلغة الخطاب، ولم يعد هناك أدنى فارق بينهم وبين من يحملون السنج والمطاوى ويلقون بقنابل المولوتوف ضد كل خصومهم. ***** أبشع صور الإسفاف وكل فنون السب والشتم والعبارات والأوصاف المسيئة والأدعية الظالمة، هى نصيب كل كاتب يتحدث عن أخطاء وتجاوزات الإخوان ويطالبهم بالتعقل.. ادخل على تعليقات الكثيرين من مناصرى المعزول على مواقع الصحف الإلكترونية ومواقع التواص الاجتماعى، لتقرأ كل ما هو مهين ومقرف ومقزز من الشتائم، حيث فقد كثير من المناصرين للرئيس الفاشل صوابهم وتوازنهم النفسى والأخلاقى وتعاملوا بسوء أدب مع كل معارض لمرسى والجماعة. لم ينج من ألسنة هؤلاء الزالفة وسوء أدبهم أحد، وهم مغيبون لا يدركون أنهم بهذا الإسفاف يضاعفون من سخط الشعب على الإخوان ومن تغيير نظرته لهم ومن منهجه فى التعامل مستقبلاً معهم. أنا شخصيًا تلقيت مئات الشتائم القبيحة والأدعية الظالمة وعبارات الإهانة بسبب نصائح صادقة، قدمتها لقيادات الإخوان لدفعهم إلى حقن دماء أنصارهم وحماية أتباعهم، وكان آخر تعليق من إخوانى على بريدى الشخصى "اتفوه عليك وعلى اللى خلفوك يا جاهل يا كلب يا ابن الكلب"، بينما قال لى آخر "يا حيوان يا خنزير يا وسخ.. أنت من عبيد الجيش والسيسى الخائن"، بينما عقب على مقال لى أحد أصحاب اللحى الكثيفة، قائلا: "أسأل الله العظيم رب العرش العظيم فى هذه الأيام المباركة أن ينتقم منك".. هذه مجرد نماذج من شتائمهم وأدعيتهم الظالمة. أدرك أن المنتمين لجماعة الإخوان والمناصرين لرئيسها الفاشل يعيشون أزمة نفسية وانكسارًا حادًا، كما شخص حالتهم أستاذ طب النفس الشهير د.محمد المهدى الأستاذ بجامعة الأزهر، وأدرك أن الضغوط النفسية الصعبة التى يعيشونها تدفع بعضهم إلى ممارسة الإسفاف والتسلح بكل فنون السب والقذف.. لكن ما أنا على يقين منه أن هذا الإسفاف اليومى الذى يمارسه أنصار الرئيس المعزول سيلحق المزيد من الخسائر بالجماعة واسمها وتاريخها. من الصعب أن أشتمك وأسبك وألعن من أنجبوك، وأصفك بكل ما هو شاذ وقبيح وأحيط بالشائعات الكاذبة والاتهامات الملفقة، ثم أدعوك إلى مناصرة الإسلام والدفاع أو حتى التعاطف مع الرئيس المعزول. من المستحيل أن أتهمك بالكفر والنفاق، ثم أدعوك إلى دعمى ومناصرتى، باعتبارى صاحب حق مغتصب. الجماعة تنتحر سياسيًا وأخلاقيًا.. فهل من منقذ؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.