بالرغم من الجو الطائفى المسير على لبنان، إلا أن النصارى هناك ساهموا وما زالوا يساهمون فى خدمة اللغة العربية والحضارة الإسلامية، فهم من هذه الناحية جادون يطبعون الكتب العربية التراثية والجديدة فى طبعات أنيقة شهد لها الجميع، يروجون لها فى الوطن العربى وفى العالم كله، لم نجدهم يطالبون المسلمين بأنهم ضيوف على أرض لبنان، ويجب أن يرجعوا إلى جزيرة (المعيز)، وقد اضطرت بعضهم الظروف لأن يهاجروا إلى الأمريكتين جريًا وراء لقمة العيش، لم يطلبوا اللجوء السياسي، أو يستخدموا سياسة "اللبط" فى التعامل مع حكوماتهم والادعاء بأنهم مضطهدون فى بلادهم.. وجدنا نصارى لبنان فى مهجرهم فى أمريكا الشمالية يؤسسون "الرابطة القلمية"، ونبغ منهم شعراء أجلاء، جددوا فى مضمون القصيدة وحافظوا على عمود الشعر العربى، وهاجر البعض الآخر إلى أمريكا الجنوبية، وأسسوا "الرابطة الأندلسية" ارتباطًا بعراقة الحقبة الأندلسية العربية، ولم يسايروا شعوب دول أمريكا الجنوبية ذات الأصل الإسباني المتعصب، الذين أهلكوا المسلمين وأقاموا لهم محاكم التفتيش، كانوا يعتزون بأصلهم العربى وبلغتهم العربية وتاريخهم التليد، بعضهم وصل لأعلى المناصب فى الأرجنتين، حيث تولى "كارلوس منعم" رئاسة البلاد، وكان يعتز بأصله العربى السورى، بل إن كثيرين منهم مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم، منهم الشاعر جورج صيدح: يا من سريتَ على البراق وجُزت أشواط العَنان آن الأوان لأن تجدّد ليلة المعراج .. آن عرّج على القدس الشريف ففيه أقداسٌ تهان ماذا دهاهم؟ هل عصوْك فأصبح الغازي جبان؟ أنت الذي علمتهم دفع المهانة بالسنان ونذرت للشهداء جنات وخيرات حسان يا صاحبيّ: بأي آلاء النبي تكذبان؟! ومنهم الشاعر محبوب الخورى الشرتونى: قالوا تحب العُرْب؟ قلت: أحبهم يقضي الجوارُ عليّ والأرحامُ قالوا: لقد بخلوا عليك، أجبتهم أهلي وإن بخلوا عليّ كرام قالوا الديانة؟ قلت: جيل زائل وتزول معْه حزازةٌ وخصامُ ومحمد.. بطل البرية كلها هو للأعارب أجمعين إمام ومنهم الشاعر القروى رشيد سليم الخوري: يا فاتح الأرض ميداناً لدولته صارت بلادُك ميداناً لكل قوي يا قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم لا يُنهِض الشرقَ إلا حبُّنا الأخوي فإن ذكرتم رسول الله تكرمة فبلّغوه سلام الشاعر القروي ويتمنى الشاعر القروي أن يعود عهد المجد في بغداد والأندلس، فيقول : يا حبذا عهد بغداد وأندلسٍ عهد بروحى أفدِّى عَْودَهُ وذوي من كان في ريبةٍ من ضَخْم دولته فليتلُ ما في تواريخ الشعوب رُوي على النقيض من هذا، وجدنا نصارى مصر فى المهجر، بمجرد أن يغادرون الوطن، فإذ بهم يشيعون جواً من الأكاذيب حول الاضطهاد المزعوم الذى دفعهم لمغادرة مصر، هرباً من المسلمين البرابرة الذين يسلقون بنات الأقباط فى القدور، بل يعلنون دوماً بأن المسلمين محتلون يجب أن يرحلوا إلى الصحراء التى أتوا منها قبل 15 قرناً، ويقودون حملة شرسة على الأدب العربى والتاريخ الإسلامي واللغة العربية، بل وصلت الوقاحة مداها بالهجوم على نبى الإسلام نفسه وتعاليم الإسلام من خلال ما يبثه القس الكافر زكريا بطرس، وعندما سئل البابا شنودة، لماذا لم يتصرف معه التصرف اللائق مراعاة لشعور المسلمين؟ قال: (ردوا عليه)، بل وجدنا أحد صبيان شنودة يخطب فى معهد "هدسون" الصهيوني بأمريكا، واعتدى فى خطبته على المسلمين، وقال إن القبطى ليشعر بالعار إذا وصف بأنه عربى، كما نشط أقباط المهجر على تحريض الدول الغربية على الأنظمة المتتالية فى مصر، وصلت إلى زيارة إسرائيل وطلب منها التدخل لتحرير مصر من المسلمين، بل إن منهم من أعلن قيام دولة الأقباط المزعومة، ففى الوقت الذى رأينا فيه نصارى لبنان فى المهجر يشيدون بالنبى صلى عليه وسلم، كما أسلفنا وبينّا، وجدنا نصارى مصر فى المهجر يسيئون إلى النبى، وكانت خاتمة جرائمهم البغيضة إنتاجهم للفيلم المسيء الذى أثار ضجة فى العالم الإسلامى، بل وجدنا الأب يوتا، ويرجح البعض أنه الأب مرقص عزيز، يكتب رواية وقحة "تيس عزازيل فى مكة" حشد فيها الأكاذيب والمفتريات الوقحة حول نبى الإسلام. ننصح الأقباط فى مصر اليوم بأن يعودوا إلى رشدهم ويلتحموا بإخوانهم المسلمين، ونذكرهم بأنهم قد لجئوا مرارًا إلى المحتلين الذين وردوا إلى مصر ليخلصهم من الاحتلال الإسلامى المزعوم، ويرجعون من كل خيانة بخفى حنين، قلدوا نصارى لبنان فى المهجر الذين اعتزوا بالعروبة والإسلام فى أدبياتهم، ولم نر أحدكم قد فعل معشار ما فعلوا، تحرروا من الحقد والغل، وتذكروا كرم المسلمين عليكم، الذين حرروكم من نير الرومان، الذين يعتنقون النصرانية مثلكم، وقد كنتم تستلذون بعبوديتهم.. لا تستكثروا على المسلمين الاحتكام إلى شريعتهم، فمسلمو فرنسا يبلغون ضعف عددكم وأكثر، ولكن لا يجرءون أن يتمردوا على علمانية الدولة، ونختم ما قاله الدكتور محمد الجوادى بأن المسيحيين عندما يتعاونون مع المسلمين يصلون إلى قمة الوطنية والإخلاص، أما عندما يتمردون عليهم، يتحولون إلى خونة بطريقة لا إرادية!!