بعد انتخاب السيد الرئيس محمد مرسي وظهور جماعة الإخوان والأحزاب الإسلامية كقوى سياسية وتحقيقها الأغلبية في البرلمان (المنحل) ومجلس الشورى ونجاحها في القدرة على الحشد والتوجيه، ظهرت وتبلورت لدى الأحزاب المعارضة فكرة إنشاء جبهة موحدة يتم من خلالها تنسيق عمل المعارضة وتكوين جبهة قوية ضد حزب الأغلبية والأحزاب التي تسير في فلك التيار الإسلامي، فظهرت جبهة الإنقاذ المعارضة، ومع اختلاف مشارب هذه الأحزاب وتوجهاتها، إلا أنها تعطي نموذجًا ناضجاً في العمل السياسي في مصر بعد الثورة إذا ما قامت بدورها كمعارضة بناءة. ولكن سياسة الجبهة أرى أنها تجتمع مع حركة المقاومة الإسلامية حماس في عدة نقاط وتسير في خطوط متوازية جنباً إلى جنب وعلى نفس النهج والمنهج والطريقة والمنوال، وكأن بينهما اتفاق غير معلن، وإن اختلفت الأوضاع جذريًا بين معارضة وكفاح حماس ومعارضة جبهة الإنقاذ في مصر. فمنذ نشأة حركة حماس الإسلامية وهي لا تؤمن ،حماس، بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية. وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود". وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي. وتعتقد بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هي مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق. من هذا المنطلق والمأساوي الذي آلت إليه الأوضاع في فلسطين شعباً وأرضاً لا أحد يستطيع أن يستنكر أو يزايد على كفاح ونضال حركة حماس، لأنها تسعى وراء حقها الإنساني الذي كفله لها كل أعراف التاريخ الإنساني في مقاومة المحتل الذي اغتصب الأرض والعرض والتاريخ والإنسان.
وحينما تستعرض منهج وفكر جبهة الإنقاذ تجاه التيار الإسلامي عامة والإخوان خاصة منذ نشأتها، نراها تنتهج سياسة أقصي اليسار المتشدد، فهي لا تؤمن أن الإخوان كانوا فصيلاً أساسياً، كان له دوراً أصيلاً في حماية الثورة، بل وتعتبر أنهم جاءوا من الصفوف الخلفية ليحتلوا المقاعد الأمامية، ومن هذا المنطلق فهي ترفض مطلقاً الجلوس أو التحاور مع الرئاسة المنتخبة، حتى وإن كان الحوار لبحث تداعيات مشكلات تحتاج إلى التشاور والتحاور مع كافة القوى السياسية للخروج من الأزمة التي تهم أمن الوطن سواء في الداخل أو الخارج، كما نراها تصر على الرفض والجلوس، لأنه في عقيدتها أنها غير شرعية ومن ثم الجلوس سيعطيها الشرعية التي تفتقدها. هكذا تفعل حماس مع أي مفاوضات مع إسرائيل، فهي ترفض الجلوس لإيمانها بعدم شرعية الغاصب المحتل الإسرائيلي. وحينما تطالعك بعض الخطابات الثورية لبعض قادة الجبهة تكاد تصيبك صاعقة من استخدامهم لبعض المفردات والتعبيرات. فتسمع أحدهم يتحدث عن أنه لا استقرار للبلاد إلا بعد إنهاء الاحتلال الإخواني. وآخر يقول لن ينصلح حال الوطن إلا بعد رحيل الإخوان ولا أتصور أن تخرج هذه التعبيرات من فصيل معارض تجاه فصيل أصيل وأحد مكونات الحياة السياسية، ولا أري منطقًا يمكنه أن يستسيغ مثل هذه اللغة التحريضية إلا حينما تخاطب معتديًا ومحتلاً أجنبيًا جاء على أصوات المدافع وفوق ألسنة النيران المندفعة من فوهات الدبابات واحتل مقاليد البلاد بقوة السلاح لا بالانتخابات الحرة والنزيهة. والوصول إلى هذا المنحدر يعد من الجهل أو الغباء السياسي وتصوير الوضع بهذه الكيفية، فإنها مبشرات لرفع رايات الحرب وتهيئة النفوس الضعيفة والعقول المغيبة لفعل ما تراه خلاصاً وتطهيراً، مما يجعلنا مقبلين على حالة من الفوضى المدفوعة بإيمان بضرورة الخلاص، وها نحن مقبلون وعلى مشارف حصاد ما قالوا.