قام الكاتب ياسر عبد العزيز فى مقاله له اليوم بدراسة تحليليه للرئيس محمد مرسى ، واصفا اياه بانه شخصية انطوائية ودائم الشعور بنظرية المؤامرة ،كما انه يعانى من اضطراب ذهنى سياسي وتعرض الكاتب لعدة مواقف فى خطابات مختلفة للرئيس. و على سبيل المثال استشهد الكاتب بقول مرسي في احدى خطاباته "" انا عارف مين بيقول ايه وازاى وعشان ايه "" وانا شايف صباعين تلاته بيتمدوا جوا مصر" اويشير الى انه يعرف مايدور فى "الحارة المزنوقة " فيصرخ البعض من " العرض السوقى المبتذل"والبعض يخجل من هذه الطريقة التى يتحدث بها راس الدولة المصرية ويكتفى اًخرون بالسخرية والتندروالتهكم على ما وصلنا اليه من عبث وهوان. ويرى الكاتب ان تحليل تلك العبارات يقود إلى ما هو أهم من ذلك وأكثر خطورة، إذ يكشف عن انطواء الرئيس على شعور بامتلاك الحقيقة المطلقة من جهة، وإحساسه بتعرضه للظلم والتربص من قبل «الأشرار» من جهة أخرى. وعادة ما يتهم صاحب هذا الشعور المزيف آخرين باضطهاده والتآمر ضده، وعادة ما يمتنع أيضاً عن تقديم الأدلة بحق من يلصق بهم الاتهامات الخطيرة. إنه اضطراب ذهنى سياسى إذن، يقود صاحبه إلى الشعور بأن مشكلته ليست فى عجزه ومرضه، لكن فى تآمر الآخرين عليه. واشار الكاتب عبد العزيز فعن مواقف الدكتور مرسى مع الاخرون كحديثه لرجال الشرطة فيقول لهم: «كنتم فى القلب فى أحداث ثورة يناير»، ثم يزور باكستان فيخترع أنها «لعبت دوراً فى حرب أكتوبر»، ثم يخطب فى علماء أزهريين فيدعى أن الله جل وعلا «يخشى» العلماء «خشية تقدير لا خوف». يصرخ البعض من هول تلك الأخطاء الفادحة، ويرجعها البعض إلى «قلة الكفاءة وتدنى المهارة»، لكن تحليل تلك العبارات يقودنا إلى ما هو أهم من ذلك وأكثر خطورة، إذ يكشف عن نزعة انتهازية وسلوك متملق ورغبة فى كسب رضا المستمعين وتصفيقهم على حساب الحقيقة.. بل على حساب أعظم القيم وأكثرها قداسة. وقام الكاتب بمقارنه لخطاب الدكتور مرسى قبل وبعد انتخابه رئيساً فى حديثه عن إسرائيل فيقول بوضوح: «أرضعوا أبناءكم كراهية اليهود»، و«يجب أن تستمر الكراهية»، ثم يعود بعد انتخابه رئيساً لينفى ذلك، ويتراجع عنه، ويقول إنه «انتزع من سياقه»، بل ويبعث خطاباً لبيريز يصفه فيه ب«الصديق العظيم»، ويتمنى فيه لإسرائيل «التقدم». يروج الدكتور مرسى قبل انتخابه رئيساً لنفسه، فيقول إنه عمل «مستشاراً» فى وكالة «ناسا»، ثم يعود بعد انكشاف «زيف» ما قاله فى هذا الصدد ليقول بإصرار بالغ وجرأة مفجعة: «لم أقل إننى عملت فى (ناسا)». وعن حديث مرسي عن الراحل جمال عبد الناصر يغمز الدكتور مرسى فى قناة عبد الناصر، فيقول: «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، ثم يعود للإشادة به وبما حققه من إنجازات من أجل رفعة وطنه، فيذكره بالخير فى قمة عدم الانحياز، قبل أن يتعهد ب«السير على خطاه» فى محفل عمالى. يصرخ البعض من هول ما يبديه الرئيس من تناقض، ويبدى البعض دهشته من جرأة الرئيس على الحقيقة واستهانته بذاكرة الجمهور وعقله، لكن تحليل تلك التناقضات يقودنا إلى ما هو أهم من ذلك وأكثر خطورة، إذ يكشف عن عقل سياسى مدع، فارغ من اليقين، ومتلون، وبلا ضمير. يخطب الرئيس فى أى محفل، فيأتى الحديث عن مصر، فيصر على أن يعدد ما تدركه به حافظته من أسماء المحافظات المختلفة. فإذا كان الحديث عن المصريين، فلابد أن يذكر الرجال، والنساء، والشباب، والأطفال، والشيوخ، وغيرهم، وإذا كان الكلام عن محافظة بعينها، فيعدد أسماء مدنها وقراها، وإذا تحدث عن الشعب فيجب أن يذكر المدرسين، والمحامين، والأطباء، وسائقى «التوك التوك» و«التاكسى الأبيض» وصولاً إلى «اللى بيسترزقوا على الطريق». تكشف تلك الطريقة فى الخطابة عن «عقل إنشائى»، لا يجد حلاً لإدراك الغاية الخطابية إلا عبر التمسح والنفاق، وهى طريقة، وإن كانت تشبه ما يفعله «نباتشى الفرح» طمعاً فى الحصول على أكبر قدر من رضا الحاضرين واهتمامهم، وبالتالى هباتهم المالية الممثلة فى «النقوط»، فإنها توضح فى الوقت ذاته أن القائم بالاتصال لا ينظر إلى جمهوره باعتباره متلقياً يستحق أن يستمع إلى معلومات وحقائق وحجج وذرائع، لكنه ينظر إليه باعتباره «غنيمة» أو «زبوناً» يجب إيصاله إلى حالة الانتشاء التى تسهل الحصول منه على أكبر منفعة. سيمكن بالطبع أن نجد الكثير من العبارات الملتبسة وغير المفهومة فى خطابات بعض القادة والزعماء، كما سنجد خطباء مشهورين ضربوا الأرقام القياسية فى التكرار والإطالة، ولدينا أيضاً أمثلة عديدة على المراوغة والكذب، والابتذال والسوقية، ونفاق الجمهور والتمسح به، كما يعطينا التاريخ أمثلة كثيرة على خطباء مهووسين بفكرة «المؤامرة»، ورؤساء منقادين لاضطرابات ذهانية حادة، لكن ما يمكن أن نكون أصحاب سبق تاريخى فيه هو أن لدينا خطيباً يجمع كل هذا معاً، ويجلدنا به بانتظام وشغف.