أبو تريكة لاعب جميل ورائع ومهذب وموهوب ومؤمن وملتزم وقدوة، وهادى خشبة من النوع نفسه، وإن كان أقل موهبة كروية، وعندما يجتمع الاثنان على شاشة التليفزيون، فالأمر جدير بالمشاهدة، وطوال حلقة استمرت ساعتين كان أداؤهما طبيعيا ومتماشيا مع هدوء المقدم خشبة، والأداء الوديع لأبو تريكة ولكن (وآه من لكن) قبل النهاية بنصف ساعة، وبينما كان الحديث لطيفا وخفيفا يدور عن السيرة الذاتية للاعب وذكرياته فى الصغر والمراهقة والشباب، ويتخللها مكالمات هاتفية من أصدقائه اللاعبين، بدأ الكابتن هادى فى طرح أسئلة الرياء والنفاق والمجاملة فى غير موضعها ليقول أبو تريكة الشعر فى المايسترو وحسن حمدى والخطيب وحسن شحاتة ومانويل جوزيه، حتى حسام البدرى أخذ كلمتين حلوين رغم الخلاف الكبير بينهما، الذى انتهى باستقالة المدرب عقب تصريح لأبو تريكة فى الإذاعة قال فيه «إنه يستريح فى التدريب مع جوزيه، وشحاتة أكثر من غيرهما»، ورغم أن الأسئلة والإجابات كانت أقرب للمجاملة والرياء منها للصدق والأمانة، وهى أمور يمكن أن أمررها وأقبلها ولا أقف عندها لولا الكلام الغريب والعجيب والصادم الذى سمعته بأذنى وهو يقول: (الخطيب قدوتى بعد الرسول)، وهو كلام من هول ذهولى لا أجد ردا عليه، ما علاقة سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام) خاتم الأنبياء والمرسلين الصادق الأمين الذى اصطفاه الله ليهدى البشر أجمعين بلاعب كرة وهبه الله مثل ألوف غيره بموهبة كروية؟ من هو محمود الخطيب حتى يوضع فى جملة واحدة مع الرسول.. لم أسمع أنه مصلح اجتماعى أو داعية يقود الناس لصلاح دينهم ودنياهم أو مناضل قاد الناس للخروج من ظلمات الجهل إلى نور العلم أو شهيد ضحى بحياته من أجل وطنه أو عالم سخره الله لخدمة البشرية؟ أين يقف الخطيب من الرسول حتى يكون القدوة بعده؟ وهل وصل الناس فى ريائهم ومجاملتهم ونفاقهم إلى هذه الدرجة؟ وبعد أن انتهى الفاصل الأول المقحم على الحوار بدأ الفاصل الأهم والأخطر حيث قفز الكابتن هادى، وقام بإعادة تقديم محمد أبو تريكة كأحد مناضلى ثورة 25 يناير، مدعيا بأنه ليس كباقى اللاعبين الذين انحازوا إلى النظام القديم الفاسد، بل ساند الثورة من اليوم الأول، وأنه عندما نزل إلى التحرير كان الشباب يلتف حوله ويلتقط معه الصور ومن شدة الزحام والتكدس حوله طلب منه ضباط القوات المسلحة الانصراف حتى لا يصاب أحد من شدة التزاحم، وقد تزامن كلام هادى مع عرض صور لأبو تريكة فى الميدان (للحق لم يظهر فيها التكدس والتزاحم) ولكن ما دام هادى قال كده يبقى كده، وقد أخجل الكلام أبو تريكة وحاول جاهدا إيقاف استرسال هادى (لكن أنا نزلت فى آخر يوم) فيرد هادى، ولكنك كنت داعما للثوار والثورة، ورفضت أن تستجيب لطلب المسؤولين الكبار لتأييد النظام كما فعل فئة من الرياضيين، والمقصود هنا الكابتن حسن شحاتة وجهازه الفنى، وهم أبرز من استجاب لنداء رئاسة الجمهورية، ونزل إلى ميدان مصطفى محمود تحت شعار (إحنا آسفين ياريس، والاستقرار أولا). وبعد هذه المقدمة عن الثائر أبو تريكة صرخ هادى فينا، وطلب منا أن نجلس هادئين أمام شاشة التليفزيون، وقال الآن سيتحدث أبو تريكة فى السياسة، ولكن بعد هذه المكالمة المهمة جدا جدا، ووقتها قفز فى ذهنى أن المداخلة من السيد علاء مبارك الذى كان أبو تريكة يقف فى الصف للسلام عليه وإقامة جسور المودة، وإن لم تخوننى الذاكرة فقد سبق (لتريكة ثائر التحرير) أن أفاض فى الثناء والمدح على السيد الرئيس مبارك ونجليه لدعمهم المنتخب، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أبو تريكة لم يدع البطولة أو يغسل يديه من علاقته مثل لاعبين كثيرين غيره مع أسرة الرئيس، ولكن هادى كان مصرا على أن يضعه أمام الرأى العام فى هذه الصورة لأسباب سنعرفها غدا إن شاء الله.