بعد أقل من شهر من الآن، تأتى الذكرى الأولى لتولى الرئيس محمد مرسى رئاسة الجمهورية، وتعددت زيارات الرئيس الخارجية، فقد قام مرسى بزيارات عديدة لكل دول العالم، حيث قام بزيارة دول من إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، لكنه من اللافت للنظر والمثير للدهشة أن الرئيس محمد مرسى لم يقم بزيارة واحدة إلى أكبر دول العالم وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذلك لم يقم الرئيس الأمريكى باراك أوباما بزيارة القاهرة منذ قيام ثورة يناير مما يضع علامات استفهام قوية حول أسباب ذلك.. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء المحللين فى أسباب عدم الزيارات المتبادلة بين الجانب المصرى والأمريكى منذ قيام ثورة يناير. سعيد اللاوندى: أمريكا حاولت الضغط على مرسى لاستقبال مسئولين إسرائيليين فى البداية، يرى الدكتور سعيد اللاوندى، خبير العلاقات الدولية والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن السبب الحقيقى لعدم زيارة الرئيس محمد مرسى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ توليه الحكم إلى الآن هو أن العلاقات المصرية الأمريكية لا تسير حاليًا فى الاتجاه الصحيح، بل تسير فى الاتجاه المعاكس، فالقاهرة وواشنطن العلاقات بينهما الآن غير جيدة. واستبعد اللاوندى أن يقوم أوباما بزيارة على المدى القريب للقاهرة، ونفس الأمر بالنسبة للرئيس مرسى، الذى قام بزيارة عدة دول إفريقية لم يزرها النظام السابق أبدًا، بل إنه امتد إلى أن قام بزيارة دول من المعروف عنها أنها فى حالة عداء مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهى الصين التى تتبع المنهج الشيوعى والتى تتخذ من الاتحاد السوفيتى ركبًا لها، إضافة إلى أن مرسى قام بزيارة روسيا، مما يدلل على أن مصر تحاول أن تبتعد عن الولاياتالمتحدةالأمريكية بشتى الطرق، وهذه الأمور جميعها محزنة بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية. وأضاف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تؤيد النظام السورى، لأنها تدرك أن سقوط النظام السورى سيمكن الإخوان المسلمين فى سوريا من السيطرة على الحكم، مما سيترتب عليه متغيرات جوهرية كبيرة فى المنطقة بأكملها، ومن المعروف أن النظام الإخوانى لا يسير على هوى أمريكا. ولم يستبعد اللاوندى أن يكون السبب الرئيسى هو أن تكون الولاياتالمتحدةالأمريكية قد ضغطت على مؤسسة الرئاسة، لكى تستقبل المسئولين الإسرائيليين فى مصر، فرفضت مؤسسة الرئاسة ذلك، وهذه النقطة من الأمور الهامة التى جعلت العلاقة بين أمريكا ومصر غير مستقرة، وذلك يظهر واضحًا حينما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون فى كثير من المواطن إنها تحرص كل الحرص على الأمن القومى لإسرائيل فى المنطقة. د. خالد سعيد: مرسى يرفض التبعية الأمريكية أما الدكتور خالد سعيد، رئيس حزب الشعب السلفى، فيرى أن مقاطعة الرئيس محمد مرسى لزيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونفس الأمر بالنسبة للرئيس الأمريكى باراك أوباما، ليس له أية مدلولات معينة، ولكنه من الممكن القول إن أمريكا تنظر وتترقب الوضع من بعيد، وتحاول أن تقرأ الأمور جيدًا من خلال مشاهدة حية، فأمريكا تشاهد الوضع السياسى المرتبك الآن من بعيد. وأضاف سعيد أن الولاياتالمتحدة تميل إلى استقرار الوضع السياسى المصرى واستقرار مؤسسة الرئاسة، وذلك خوفًا من انفجار التيار الإسلامى والذى يمثله رئيس الجمهورية وخلق عداوات معه. وأشار رئيس حزب الشعب إلى أن أمريكا ترعى مصالح الكيان الصهيونى فى المنطقة العربية، وأن الزيارات الأخيرة التى يقوم بها الرئيس محمد مرسى هى محاولة قوية لرفض سياسة التبعية والإملاءات من الولاياتالمتحدةالأمريكية. رفعت سيد أحمد: مصر تعيش مرحلة انتقالية من رئيس تابع بشكل كامل لواشنطن إلى رئيس تابع لجماعة معادية للسياسة الأمريكية. فيما استبعد الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات الإستراتيجية والسياسية، أن يكون هناك سبب تآمرى فى عدم زيارة الرئيس مرسى لأمريكا، مدللاً على أنه توجد زيارات أخرى تابعة لوزارة الخارجية، وبالتالى فليس هناك دليل على قطيعة بين الجانبين. واعتبر سيد أحمد هذه المسألة طبيعية، وذلك لأن مصر تعيش فى مرحلة انتقالية من رئيس تابع بشكل كامل لواشنطن إلى رئيس تابع لجماعة معادية ومختلفة اختلافًا تامًا مع السياسة الأمريكية. وأضاف أن أمريكا الآن تقف موقف المشاهد من الثورة المصرية وتنتظر النتيجة النهائية لما ستستقر عليه الأمور وبعدها تحدد الزيارات الأمريكية للقاهرة. واستبعد مدير مركز يافا أن تكون أمريكا ورقة ضغط على مؤسسة الرئاسة، لرجوع العلاقات المصرية الإسرائيلية، وذلك لأن الرئيس الأمريكى لا يصنع السياسات الأمريكية الخارجية بنفسه، فهناك مجموعة من المؤسسات هى التى تصنع العلاقات بين كل من أمريكا ومصر، وهذه المؤسسات قامت بزيارة مصر من قبل. وقال سيد أحمد إنه لن تحدث زيارة لمحمد مرسى بالكيان الصهيونى أبدًا، وذلك لأن التيارات الإسلامية، وجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص، حرمت فتح العلاقات مع إسرائيل من الأساس، لكن الخارجية المصرية والمخابرات العامة ستعمل كما هى، لأنها تعتمد على أمن الدولة وهى نقطة عملها. كارم رضوان: مرسى يفتح خطوط اتصالات مع كل دول العالم فيما قال كارم رضوان، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، ومسئول المكتب الإدارى بوسط وجنوب القاهرة بجماعة الإخوان المسلمين، إن مصر تحاول تغيير سياستها مع أمريكا من حليفة إلى صديقة، فمؤسسة الرئاسة تحاول أن تصنع صداقات مع معظم دول العالم، ومنها أمريكا. وأضاف أن أوباما لو وجه الدعوة إلى الرئيس محمد مرسى سوف يقوم بالزيارة إلى أمريكا، وأن الرئيس محمد مرسى يحاول أن يفتح صداقات مع كل الدول ما دامت هذه الدول لا تتدخل فى خصوصيات الخاصة بمصر. محمد حامد: رجال أمريكا داخل مصر يحاولون تعطيل مسار الثورة أما محمد حامد، النائب السابق عن حزب الوسط، فيرى أن أمريكا بالرغم من أنه كان لها دورها الفعال منذ قيام الثورة المصرية والوقوف بجوار إرادة الشعب، إلا أنه يوجد لأمريكا رجال داخل مصر يحاولون تعطيل مسار الثورة المصرية، وهم من رجالات النظام السابق، مما جعل هناك قناعات قوية للرئيس محمد مرسى فى ذلك، مما جعل العلاقة متواترة بين الطرفين. وأضاف حامد أنه من الممكن أن تكون الولاياتالمتحدةالأمريكية، قد حاولت الضغط على مؤسسة الرئاسة لاستقبال بعض المسئولين الإسرائيليين، والذى رفضته مؤسسة الرئاسة بشدة، مما أثر على العلاقة المصرية الأمريكية. عبد الله الأشعل: العلاقة المصرية الأمريكية يشوبها الغموض أما السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فيرى أنه كان من المفترض أن تتم زيارة رسمية للرئيس محمد مرسى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال زيارته إلى الأممالمتحدة، ولكنها توقفت فى اللحظات الأخيرة، نظرًا لعدم التنسيق التام بين الطرفين. وأضاف الأشعل أن الموقف الأمريكى والمصرى أصبح أكثر غموضًا عن أية فترات سابقة، نظرًا لتغيير السياسات المصرية الحالية مع البيت الأبيض، وأصبحت العلاقة المصرية الأمريكية علاقة عادية مثلها مثل أية دولة أخرى، وأن الرئيس محمد مرسى يسعى إلى خلق مزيد من العلاقات الخارجية مع كل دول العالم، حتى لا يكون مرتبطًا فقط بدولة واحدة.