قلت يوم أمس، إن الإخوان بحاجة، إلى خطاب إعلامى "وقور"، بعد أن باتت تصريحات قيادات رفيعة بالجماعة، موضوعًا للتهكم والسخرية.. بل تتجاوز إطلاق "النكات" لتخضع عند البعض لتحليل فحواها ومضمونها، والخروج منها بنتائج تتعلق بتقدير "مؤهلات" الجماعة وقدرتها على إدارة البلاد.. كان آخرها وصف د.عصام العريان الإخوان ب"الجماعة الربانية".. ثم تصريحات أعلى سلطة دينية داخل الحركة د.عبد الرحمن البر، الخاصة بالعرافة اليهودية التى تنبأت بأن القدس ستفتح على يد "محمد الثالث".. يقصد د.محمد مرسي!! وللإنصاف فإن الجماعة ليست وحدها التى تورطت فى مثل هذا "الخفة الإعلامية"، بل إن المعارضة نفسها، تستخدم أيضًا خطابًا غير وقور، بل عادة ما يكون شديد التطرف والغلو، إلى حد "التهريج" و"الهوس" أمام الكاميرات. مساء أمس الأول فى برنامج "مصر الجديدة" الذى يقدمه معتز الدمرداش، قال شاعر العامية أحمد فؤاد نجم، إن د.محمد البلتاجى وصفه ب"البلطاجي" أرسل 15 بلطجيًا مفتولى العضلات، للاعتداء على نجلته "نوارة" بالشوم.. وقال: وانتصرت عليهم جميعًا ولم يستطع واحد منهم أن يمس "الإيشارب" الموجود على رأسها.. وكأنها "شجيع السيما" الأسطوري، الذى يفرق جمع العصابة ب"شخطة" منه أو ب"لكمة" واحدة!! قبلها بيوم وعلى ذات الفضائية وذات البرنامج، قالت ناشطة سياسية بتوتر وعصبية شديدة: نريد تحرير البلد من "الاحتلال الإخواني".. فيما تتعمد قيادات مدنية ثقيلة، الادعاء فى كل مناسبة بأن الرئيس مرسى فقد شرعيته!! هذه الخفة من المعارضة، تضعها فى ذات المربع "الكاريكاتوري" الذى تظهر عليه أحيانًا قيادات رفيعة بالإخوان، بسبب تصريحاتها المضحكة.. وإذا كانت الجماعة لا تملك الخبرات المتراكمة التى تؤهلها للتعاطى الإعلامى الحرفى، فإن التيارات المدنية ليس لديها العذر، بوصفها الأكثر خبرة فى هذا المجال، والأكثر حديثًا عن الحداثة والتنوير السياسى، فيما تملك لغة مدنية مغايرة للخطاب الوعظى والمنبرى الذى يستخدمه عادة الإسلاميون والإخوان بصفة خاصة. المشهد السياسى المصرى، لا يمكن بحال، أن يحمل أحدًا على احترامه، بسبب مثل هذه "العبثية" و"الهيافة" فى التعاطى مع الخصوم السياسيين.. فيما يفضى بالتبعية إلى تأسيس وعى عام جديد، يفقد الثقة، فى جدية ومؤهلات الطرفين: مَن فى السلطة.. ومَن فى المعارضة. ولعل عودة المشاعر العامة القلقة على المستقبل، وغياب اليقين السياسى مجددًَا، على نفس ما كان سائدًا عشية الإطاحة بالرئيس السابق، وطرح سؤال "البدائل" على النحو الذى ينقل إحساسًا بغياب البديل.. وأن الكل فى "سوء الإدارة" و"سوء النية" وفى "الهجص السياسي" سواء.. هذا كله يعنى أن المحصلة النهائية، لتجربة ما بعد 25 يناير، لن تكون فى صالح الإخوان ولا المعارضة.. وأن ثمة فراغًا حقيقيًا يبحث عن قوة جديدة لتتمدد فيه، تكون من خارج الجماعة "الفاشلة".. وبعيدًا عن المعارضة المخلقة فى حضانات النظام السابق. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.