كثرت الكتابات التي تناولت التشكيلات العصابية في سيناء، بصورة اختلطت فيها الحقيقة بالوهم.. وخلصت هذه الكتابات إلى توصيف الوضع الأمني المتردي في سيناء، وأرجعت ذلك إلى التجاهل الذي عاشته سيناء وحرمانها من كافة برامج التنمية طيلة الثلاثين عامًا الماضية.. وبالإضافة إلى كل ذلك لا نستطيع أن نتجاهل العلاقة بين وصول جماعة الإخوان للحكم وبزوغ هذه التشكيلات العصابية، وبقاحتها في الإعلان عن أنشطتها الإجرامية؛ للدرجة التي جعلت من نفسها قوة موازية بل ومكافئة للدولة، الأمر الذي تجلى بوضوح عندما خطفت هذه العصابات الجنود المصريين مطالبة بالمقايضة.. ولم يقدم الرئيس حلًا سوى الحوار والتفاوض، مما يعطي هذه العصابات شرعية الوجود دون مبرر، فغالبًا ما يتم التفاوض بين فرق متكافئة أو متجانسة.. وكل هذا يجعلنا نتساءل بدهشة.. هل يدرك مرسي ما وصلت إليه الأوضاع الأمنية في مصر من تدهور؟ بل وهل يدرك حجم النتائج المترتبة على إضعاف قوة الجيش المصري الذي ظهر في عهده بأنه غير قادر على حماية أفراده ؟ وهل يملك الرئيس توقعًا لبداية تمرد الجنود وإعلانهم العصيان على الجيش؟ كل هذه الأسئلة لابد أن يجيب عنها مرسي حتى نعرف علاقته بهذه العصابات.. وهل هذه العصابات في نظره مجرمون أم طيف من الأهل والعشيرة؟ وإن لم يكونوا من العشيرة.. فعلى الرئيس أن يتحمل مسئولية الإفراج عن أكثر من 1500 معتقل وسجين في قضايا تمس الأمن القومي.. وعليه أيضًا أن يقود لنا مبررًا منطقيًا لرفع الحظر عن أكثر من 3000 شخص أفغانستاني كانوا محظورين من دخول مصر.. والآن هم في سيناء؟ وعلى الرئيس أن يكشف لنا عن علاقة هؤلاء المحظورين بجيش جلجلة الكائن هناك.. كما عليه أن يبرر لنا لماذا طالب بحماية أرواح الخاطفين والمختطفين؟ وهل يتوقع مرسي بهذا القرار أنه سوف يتم تسليم الجنود دون شرط، خاصة أن المجرمين قد وعدهم الرئيس بحماية أرواحهم؟ بل وهل يدرك بأن وجود هذه الجماعات وممارسة أنشطتها يؤشر بل ويُقِر بسقوط هيبة الدولة؟ وهل يدرك مرسي أنه إذا سقطت هيبة الدولة فقد سقطت شرعية الرئيس؟ تساؤلات عديدة .. مازالت تعن بخاطري حول مدى معرفة مرسي بطبيعة هذه التشكيلات العصابية ومرجعتيها وأهدافها ومصادر تمويلها.. ولماذا سيناء بالذات؟ وما علاقة هذه التشكيلات بمقتل جنودنا البواسل في رفح رمضان الماضي.. وهل يمكن اعتبار أن الإطاحة بالمشير طنطاوي وعنان هي كارت أحمر لمن يكبح أو يفكر في تطهير سيناء من هذه الجماعات الإرهابية؟ أم ما هي الأسباب التي تدفع الرئيس إلى الإبقاء عليهم والتعامل معهم برفق؟ وإذا كان الرئيس مُبَرَّءًا من كل هذه الاتهامات، فيدلنا على المسئول حتى يمكننا محاسبته؟ فهل هي الدولة بهيبتها الرفيعة أم الشعب بقضاياه المعيشية الملحة؟ وهل الجيش المصري بتاريخه الوطني المُشرف قد عجز عن طرد تشكيلات عصابية ناشئة وتطهير الوطن منها ؟ واذا كان الجيش كذلك فماذا يعنى الأمر بالنسبة لمصر ولأعدائها وخاصة إسرائيل؟ وإذا كانت هذه الجماعات ممولة من إسرائيل.. فهل يمكن اعتبارها بلونة اختبار لقياس قوة الجيش المصري في مرحلة ما بعد الثورة؟ ورغم كثرة هذه التساؤلات والإجابات الناتجة عنها؟؟ ففي كل الحالات أثق أن هناك ملفات مخفية .. لا تعرفها سوى القيادات المسئولة في الدولة، ورموز في جماعة الإخوان.. وأنه إذا كان الرئيس لا يعرف هذه الملفات، وغير مدرك ما يحدث خلف الكواليس فتلك هي المصيبة الكبرى. وإذا كانت المافيا كعصابة إجرامية منظمة تقوم على مناهضة الدولة وقوانينها، وكانت تحكم أعضاءها والموالين لها بتشريعات وأسس عدالة خاصة بها، حتى تحولت أمريكا مثلًا إلى دولة داخل الدولة؟ فهل هذه الجماعات بإعلانها مقايضة المختطفين بأعضائها المعتقلين تكون قد أسست لقيام دولة داخل الدولة؟ ومن ثم فعلى الرئيس إن أراد تطهيرًا حقيقيًا لسيناء من هذه العصابات وعودًا حميدًا لهيبة الدولة.. فعليه أن يتعامل مع هذه الجماعات بمنتهى القوة، وأن يراعي نقاطًا ثلاث هي، أولًا أن هذه الجماعات العصابية لا يمكن أن تستمر دون رواج حقيقي لتجارة المخدرات، فغالبًا ما تحتاج هذه العصابات الإجرامية إلى تكاليف عالية للإنفاق على أعضائها، وأن سيناء صارت منذ نهايات عهد مبارك أرضًا خصبة لزراعة المخدرات وخاصة البانجو.. ثانيًا لا يمكن لهذه العصابات أن تقوى دون أن يكون لها أذرع قوية في الدولة.. حيث تشكل المافيا في أمريكا مثلًا جزءًا من النسيج السياسي هناك.. ثالثًا عدم التأخير عن فرض السيادة المصرية على كافة أراضيها.. وألا يُعلِي الرئيس قيمة الصداقة والثقة على قيمة الوطن.. ومن ثم فعليه الاسراع بإغلاق كافة الممرات التي تربط مصر بغزة، والتي تجاوز عددها 2500 معبر تقريبًا.. ورغم كل هذه التحديات مازال الأمل معقودًا على الجيش.. وعليه أن يثبت أنه مازال جديرًا بثقة الشعب وتاريخه العظيم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.