السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأستاذ الفاضل / جمال سلطان أرسل إليكم هذه الرسالة تعقيباً على مقالكم في جريدة المصريون الذي هوبعنوان "كباريهات المشروع الإسلامي" ، ففي الحقيقة أن هذا المقال يعتبر من أهم الخطوات التي تتخذها جريدتكم الموقرة على طريق إفاقة جماهير الشعب المصري من أحلام اليقظة التي داعبت خيال شريحة كبرى من هذه الجموع ، لاسيما المنتمين إلى الحركة الإسلامية والفكر الإسلامي بشكل عام مع وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر ، وشخصياً لا أعرف أي منبر إعلامي أو صحفي في مصر يخطو في هذا لطريق من المنطلقات التي تتحرك منها جريدة المصريون. أرى أن هناك ثلاثة محاور رئيسية جاء مقالكم لكي يناقشها بوضوح و صراحة بالغتين : المحور الأول هو قضية "التدرج الإيجابي في استعادة مفردات الهوية الإسلامية لمصر" وغني عن ذكر أن هذه الهوية قد بدأت في التساقط و التحلل منذ حملة نابليون إلى عصرنا هذا ، فجاء مقالكم لكي يوضح أن الإخوان لا يقومون باتخاذ أي خطوات إيجابية ملموسة وواضحة في هذا الطريق ، كما هو ملاحظ لكل عاقل يتابع مجريات الأمور ! المحور الثاني هو "حقيقة أن نظام الإخوان هو جزء من النظام العالمي الذي تقوده الولاياتالمتحدة الصهيوأمريكية" وقد تفضلت بطرح أدلة واقعية لا تقبل التأويل ولا الشك ولا الاجتزاء مثل الموقف من القضية السورية وتعزيز العلاقات الأمنية مع إسرائيل. أما المحور الثالث والذي تناوله مقالكم فرأيت أنه قد ركز على مخاطبة القراء وإثارة تساؤلاتهم بشأن الافتراض الوهمي بأن "الإخوان مختلفون عن أي فصيل سياسي آخر فكرياً و سياسياً" ، وأتفق معكم تماماً في أنه ليس ثمّ اختلاف بين الإخوان وأي حزب سياسي آخر من جهة الفكر ولا التوجهات السياسية ، فالإخوان مثلهم مثل باقي الأحزاب التي ابتليت مصر بها منذ بداية الحياة النيابية... "كلهم حول السلطة ولا أحد حول الوطن" كما قال غاندي. بقي أن أوجه رسالة إلى أبناء "الحركة الإسلامية" إن كانت هناك حركة إسلامية أصلاً ! هذا هو وقت الاستفاقة من أحلام اليقظة ، النظام العالمي لايرى في الوطن العربي والعالم الإسلامي بشكل عام سوى "مصدر مجاني للثروات والموارد" ولن يقوم الشرق ولا الغرب بمد يد العون لكي تقوم دولة إسلامية قوية تنازعه في حيازة مقومات الحضارة وتوجيه دفتها مرة أخرى. إن دوركم اليوم هو العمل الجاد والدؤوب من أجل إحداث استقلال كامل وتام للبلاد عن النظام العالمي الصهيوأمريكي ، سواء جاء ذلك الاستقلال على يد الإخوان أو غيرهم ، فالتعصب أو التحزب لأي جماعة على حساب الرغبة الأكيدة في استعادة ريادة الحضارة الإسلامية سيحرق كل الجهود التي تصب في هذا الاتجاه ، إن الإخوان المسلمين لا يمتلكون "مفاتح الغيب" ولا "مصباح علاء الدين" فليس لنا أن نحاسبهم سوى على ما يظهر من سياساتهم وتصرفاتهم ، وما ظهر منها حتى الآن يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنهم لا يحوزون بذور "المشروع الإسلامي" ولا ينوون حيازتها في يوم ما ! إن موقف الإخوان - ممثلين في الرئيس والحكومة - من كل القضايا التي تتجسد فيها هيمنة النظام العالمي الاقتصادية والسياسية يؤكد أنهم جزء من ذلك النظام ، وإن موقفهم من كل القضايا التي يتشكل فيها الصراع بين الموروث الاستعماري الغربي في الفكر والثقافة وقيم الحضارة الإسلامية العريقة هو موقف يدل على عدم فهمهم لذلك الصراع أو عدم رغبتهم في خوضه ولا المشاركة فيه ! نحن لا نطالب بأن يخوض الإخوان معارك مع طواحين الهواء كما قد يتصور البعض ، لكننا نطالبهم بحسم بعض المواقف التي لا تحتمل المداراة ولا المداهنة ، كما نطالبهم بالاستقلال الاقتصادي والسياسي عن النظام العالمي الصهيوأمريكي ومؤسساته النقدية والأمنية ، وذلك الاستقلال يكون بالاعتماد على رؤوس الأموال الوطنية ووقف استنزاف الموارد الطبيعية لصالح الشركات التي تحرك النظم الكربروقراطية في الشرق والغرب ، وإحداث نقلات نوعية جذرية في فلسفة نظم التعليم والصحة والأمن الغذائي وغيرها من النظم التي تشكل العمود الفقري للمجتمع المصري. هذه ليست بدعاً أو تخيلات ، بل هي حصيلة قراءة أدبيات الإخوان وغيرهم من الحركات الإسلامية "الصندوقية" قبل وصولهم إلى سدة الحكم وقمة هرم السلطة ! نسأل الله التوفيق والسداد دكتور مهندس / خالد صقر أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]