لاريب أن المقياس الرئيسي لنجاح أو فشل الحركات الإسلامية السنية قاطبة هو حال هذه الأمة التي هي مدار فعالهم وموضوع اهتمامهم، والسؤال: ما مدى نجاح تلك الحركات الإسلامية – سيما ذات الطابع السياسي منها- معتدلة أو غير معتدلة، في تربية الأمة على الدفاع عن هويتها وتوفير القدرات وحشد المقومات المادية والروحية كي تظل تلك الأمة عفية متماسكة عصية على ما يراد بها من أطماح وأطماع وما ينتظرها من تحديات؟ لقد سجل هذا الدين في العقود الأخيرة نصرا مؤزرا على قوى البغي والفجور، وتصاعد حضوره كفكرة عالمية مناهضة ومناوئة للمشاريع الغربية منذ عقود، لقد انتصر الأفغان في عمل بطولي معجز في وجه أعتى إمبراطورية مسلحة وكانوا السهم الصائب في تفكيك القوى السوفيتية العظمى، ولكن البواسل الأفغان لم يفلحوا – بعد النصر– في توحيد صفوفهم ، وتربية أنفسهم وشعوبهم على فهم هويتهم فزلقوا وانزلقوا في حرب أهلية شعواء قضت على وجودهم أوكادت، ولم يفيقوا إلا على وقع احتلال إمبراطوري جديد ، فهل تعلم الأفغان شيئا عن طبيعة هذا الدين ،وفهم أبعاده المتعددة وهويته الشاملة؟ كما سجل هذا الدين نصرا تاريخيا سلميا بصعود حركة حماس – رغم أنف العدو – إلى سدة الحكم، لكن حماسا لم تكن لتحسب حساباتها جيدا في ظل ضغوطات الداخل والخارج، وانهمرت أو كادت فيما يشبه حربا أهلية هي الأخرى، لولا أن تداركها الله برحمته، ثم سجلت حركة المحاكم الشعبية بالصومال نصرا عزيزا لكنها لم تعد عدتها لسيناريوهات عدة فزالت سريعا . وهأوم مصر رئيسها والحزب الحاكم فيها من جماعة الإخوان منذ شهور تسعة والحياة المصرية تتخذ موقف " محللك سر" بالتعبير العسكري، ، والارتباك سيد الموقف أحزابا ومجتمعا وجماعات... في كل الأحوال كانت الهوية المتفاعلة المرنة غائبة عن ذهنية متخذي القرار، فجماعات الجهاد الأفغاني أو المحاكم الشرعية أو حركة حماس، وحزب الحرية والعدالة، وفي كل الأحوال كانت التبعة عليهم ثقيلة لكونها لم تتفاعل بالدور الكافي بل بالحد الأدنى المطلوب منها لدعم مشروعها. أن الطريق لما يزل طويلا والعقبات التي تنتظر الصحوة الإسلامية المباركة كثيرة حتى تبني الحركات هويتها المرنو المتفاعلة المستقلة، وهي تنزع ذلك من براثن الأنظمة المحلية المستبدة الفاسدة ومن فم الطاغوت الصهيوأمريكي، وكما قال القيادي التونسي راشد الغنوشي:"العقبات في طريق المشروع الإسلامي ليست بالقليلة عقبات من داخل نفوسنا:غلبة الأثرة والإخلاد إلى العاجلة وضعف التوكل واستمرار الانشداد إلى الأسلاف ومواريثهم الفكرية وكأنه كتب علينا أبدا أن يكون مثلنا الأعلى خلف ظهورنا وأن نقود عربتنا وأعيننا مثبتة على المرآة الخلفية للعربة بدل الاكتفاء بإلقاء نظرة خاطفة عليها كلما كنا بإزاء وضع جديد يتطلب موقفا جديدا". ووسط هذه العقبات الداخلية – ناهيك عن العقبات الخارجية – تسقط قيمة الجهاد بمعناه العام الأشمل كثقافة للمقاومة، ويُتناسى أنه ذروة سنام الإسلام، وفروض رئيسي من فروضه الخمسة، من ألغاه فكأنما ألغى الدعوة الإسلامية، ومن أنكره فكأنما أنكر الإسلام ذاته، وثانيا: ثمة إجماع شبه تام في مواقف علماء الصحوة الإسلامية ومفكريها – على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم- تجاه رفض الوجود الإسرائيلي ومعارضة الاعتراف بالكيان الصهيوني بحق الوجود على أرض فلسطين، وثمة إجماع على كون القضية الفلسطينية إسلامية بامتياز، ومع ذلك فإن الواقع الفعلي المرير يشهد على غيبة أو تغييب أيا من عناصر الصحوة الإسلامية في عمل ملموس يعتد به ويعتز من أجل القضية المركزية للحركة الإيلامية المعاصرة، ولا تكاد تلمح في سياسة الرئيس المصري وحزبه، بغض النظر عن أدبياتهم الحاسمة والمذهلة في هذا المضمار، تميزا فعليا بين ماكان في عهد سابق وعهد حالي، ولا يزال حصار حماس فعليا مستمرا بشكل أو بآخر.. وكأن المثل المصري " ياريتك يا ابوزيد ماغزيت" ولاتزال مشاريع الدول الإسلامية تتخبط بما يسحب من رصيدهم في الذاكرة والوجدان، إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حقق أمورا مهمة في بدء إقامته بالمدينة المنورة و (توحيد المسلمين) فاستطاع أن يصلح بين قبيلتي (الأوس) و(الخزرج) وجعلهما يعملان معاً في سبيل تقديم الإسلام، وإذا أردنا تمكينا فعلى المشاريع الإسلامية أن تتوحد قبل كل شيء وأن تتجاوز عن الأخطاء ونتناسى المشاحنات والمطاحنات، قال الله( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]