أذكر بأننا تحدثنا فى مقالين خلال شهر ديسمبر من العام المنصرم عما يجرى على ألسنة أهل أسوان من أن هناك محاولة من بعض المستثمرين للإستيلاء على حديقة فريال الآثارية وتحويلها إلى مجموعة من المطاعم . وأمر كهذا يسير تصديقه ، ومن العسير عدم تصديقه ونحن نعلم أن المستاثرين طمعوا فى حديقة الحيوان بالجيزة ، وفى موقع بعض منشآت جامعة الإسكندرية بالشاطبى وفى حديقة مستشفى العباسية . ونعلم أيضا كيف بيع القطاع العام بأسعار بخسة ، وأن مساحات شاسعة من أرض الدولة منحت لنفر من المستأثرين ليقترضوا بضمانها الملايين من البنوك ، ثم التصرف بعد ذلك على نحو غير إنسانى . لذلك لنا كل العذر أن صدقنا محاولة الإستيلاء على الحديقة خاصة وأنها قصية بعيدة عن العيون . وليس غريباً – وأنا من أبناء أسوان – أن أجزع وأن أهلع ، فهذه الحديقة لم يكن لدينا غيرها فى أسوان ، ولازالت إلى اليوم تمثل أفضل مكان للراحة ، ولازالت على عهدى بها جميلة ، هادئة ، رائعة . ولم يكن الجزع والهلع من نصيبى وحدى ، بل أصاب أخرين ومنهم من عرض تنظيم حملة صحفية ضد الطامعين فى الحديقة كما يبين من التعاليق على المقالين . ولكن – ولله الحمد- تبددت المخاوف وضمخ الهدوء حواسنا ، إذ يصلنا عبر الهاتف صوت هادئ رخيم ، رزين ، واثق إنجلت به الغمرة ، وهو يٌعلمنا بأن ما يثار حول حديقة فريال لا أساس له من الصحة ، وبأن الحديقة باقية لأهل أسوان وزوارها و لاتفريط فيها . الصوت كان صوت المحافظ اللواء مصطفى السيد محافظ أسوان الذى أكد أن الأمر لا يتجاوز إستبدال مطعم بكافتريا . كما أعرب السيد المحافظ عن حرصه على الحديقة الذى يفوق حرص أهل اسوان . هذا التوضيح وقع منى موقع الماء من ذى الغلة الصادى ، وسرت فى العروق طمأنينة نحّت ما أوشك أن يستقر فيها من جزع وهلع . شكرأ للسيد المحافظ على هذا الإهتمام والتوضيح ، وتحية له على التفاعل الإيجابى ، وعلى ترحيبه قولا وعملاً بالنقد البناء . فلا مراء أن مثل هذا الحرص من جانب المحافظ على الإستماع إلى الصوت الآخر ، وهذا التجاوب هما التطبيق العملى للديمقراطية التى بها يتحقق النجاح . والنقد البناء هو مشاركة ولى الأمر بصورة أو بأخرى فى النهوض بما أوكل إليه من مهام . وليس يعنى هذا النقد النظر إلى نصف الكوب الفارغ ، وإنما يعنى بنفس القدر النظر إلى النصف الملآن . ففى الأول تبصير ، وفى الثانى حث لبلوغ المزيد . ولسنا نشك إلا أن يشاركنا السيد المحافظ فى أن الغيرة على الصالح العام والحث على تحقيقه غيرة محمودة ، بل ومطلوبة من كل مواطن ، فالتعاون بين الحاكم والشعب خير ضمان للعمل المثمر . ونحن لا نظن فى اللواء مصطفى السيد إلا الخير وصدق النية ، وندعو له بالتوفيق . وللحديث عن إنجازاته فى أسوان بقية أن شاء الله [email protected]