تكاد بعض القوى السياسية أن ترفع ذلك الشعار الكئيب، لا أدري كيف يفكرون أو ماذا يريدون، تخبط في تخبط، لا يدركون ما ينبغي فعله في تلك اللحظة، وما لا يصلح أن يكون فتجد المواقف التي كان من الممكن أن تتخذ قبل عامين يحاولون أن يجروها الآن، وقد فات وقتها فتأتي مسخًا ترفع من حالة الاحتقان وتزيد الطينة بلة. أيها الإخوان الكرام وغيرهم أدركوا أنه قد فات زمن الثورة، وأن الجميع أسير الآن لما يسمى بدولة المؤسسات التي تفصل بين السلطات، ولا تتغول أو تتعدى مؤسسة على أخرى، أليس هذا ما نادى به الرئيس قبل، وبعد تولية السلطة، وهذا ما نادى به عقلاء الوطن. أما وقد فات زمن الثورة فلابد أن تكون المعالجات مختلفة والتكتيك مغاير والإصلاح ذو رؤية متطورة وإبداعية وهو سهل ميسور بإذن الله إذا صلحت النوايا والقصد. أدركوا أنه لا مجال للتكويش وحصد المكاسب والمناصب منفردين، تلك استحقاقات ما بعد ثورة قام بها الجميع، ولابد أن يحملوا طرفًا من هذا الرداء كما فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل بعثته حينما اختلفت قريش على من ينال شرف وضع الحجر الأسود فجاء برداء ووضع فيه الحجر، وجاء أسياد بطون القبائل فأمسك كل واحد من طرف، حتى وضع بيده الشريفة الحجر في مكانه. أفلا يتأسى الدكتور محمد مرسي بذلك فيحمل رداء الوطن أطيافة المختلفة ثم يأتي بيده ليضح حجر لبنة الإصلاح، خاصة وقد اتفقت جميع القوى الوطنية التي يعتد بها على شرعيته. أدركوا أيها الإخوان اللحظة الفارقة قبل أن تغرق سفينة الوطن بنا جميعًا. ليست مصر ومصالحها مجالًا للعناد، ولا للمصالح الذاتية الضيقة، ارتفعوا بالبلد إلى معالي الأمور، ولا تستنكفوا أن يأتي الإصلاح والخير على أيديكم أو يد غيركم، المهم أن يأتي الخير والصلاح. لماذا أيها الإخوان تضعون البلد في هذا المأزق باستعداء جميع أطراف المجتمع، استعديتم الدعوة السلفية، وقد كانوا ردأكم وعونكم، وقد أوصى عقلاؤكم بأن تعضوا عليهم بالنواجذ ففرطتم في ذلك، وأنتم تعلمون أنهم قد يرضيهم كلمة طيبة أو موقف نبيل أو دعوة صادقة، فأبيتم إلا أن تسفهوا آراءهم، ولا تقبلوا لهم صرفًا، ولا عدلًا وأنتم تعلمون إخلاصهم وحبهم لوطنهم وصواب كثير من مواقفهم، وقد كان يمكنهم أن يكونوا همزة وصل ما انقطع من حبل وصال الوطن. لماذا تستعدون القضاء فتحاصرون مقارهم وتطلقون شعارًا صعبًا لا يقبله قاض شريف على مؤسسته، ولو كان يرى بها عوارًا، لقد سمعت المستشار المحترم زكريا عبد العزيز في مداخلة على قناة الجزيرة يشجب بشدة تلك الشعارات والمظاهرات وهذه الغارة على القضاء مع أنه يرى أنه ينبغي إصلاح القضاء وليس تطهيره، وهذا ما يتفق عليه الجميع، ولكن لابد من التأني والحذر في التعامل مع تلك المؤسسة الخطيرة الحساسة التي قد تقبل الإصلاح الذاتي من داخلها بشيء من المرونة والاحترام. أيها الإخوان الأفاضل ونحن نعرف كثيرًا منكم أهل فضل وخير في ذواتهم، لماذا لا تستمعون إلى المخلصين من أبناء الوطن في كل المجالات، لماذا تظنون أنكم تحتكرون الحق في كل شيء، لماذا تضعون أنفسكم والبلد في شرنقة جماعتكم حتى أدخلتمونا جحر الضب. أيها الرئيس مرسي الرجل المحترم ذو التقوى والدين، أدرك مصر قبل فوات الأوان، اجمع شمل الأسرة المصرية بالخروج من أسر جماعتك، ولا نقول إن تقصيهم و لكن أشركهم كما غيرهم في بناء مصر، فلم يعتب المصريون مثلًا على وزير التموين، وقد رأوا منه أداءً جيدًا أصلح الكثير من مرافق هذا القطاع المهم من قطاعات الدولة. أيها الإخوان نحوا جانبًا من يسيء إليكم من جماعتكم بتصريحات مستفزة وكلام مغلوط واستعلاء واستعداء واضح، فلن يندثر الإسلام في مصر بغيركم كما قال أحدكم، ولن تسقط مصر إن لم تحكموا سيطرتكم عليها، فمصر أكبر من الجميع قد تعاقب على حكمها عبر آلاف السنين حكام شتى منهم الصالح والطالح فهلكوا بقيت وتلك آثارهم تشهد عليهم.