الاختلاف فى الرأى من سنن الحياة، ولولا أن هناك ظلاما لما طلع النهار، ولكن هناك أناس كُثر لا أود أن أدخل معهم مرة أخرى فى أى نقاشات حول أى موضوع مركزه نقطة خلاف، لأنه ومن واقع محاورتى ونقاشاتى مع كثير من الناس قد يتحول النقاش إلى ساحة معركة يطلق فيها طرفا الحوار كافة الأسلحة الفتاكة تجاه الآخر، والتى فى الغالب لا تؤول إلى الوصول لنقطة التقاء بين الطرفين، بل وقد تصل إلى مشادة بالكلام الخارج عن النص، وقد يتطور الأمر بهم إلى تطاول بالأيدي. كثير من الناس يسيرون بمبدأ: "من ليس معى فهو ضدي"، أى أن أى شخص اختلف معه فى نقطة ما، فهذا يعنى أنه ومن هذه اللحظة أصبح عدوًا لى، وإن كان من أقرب المقربين لى ومن رفقة عمري. أصبحت هناك ميليشيات نقاشية متعصبة باسم الدين أو المذهب أو الفكرة أو النادى الفلاني، أو الشخص العلاني، وغير قابلة للنقاش المتحضر وترى أن رأيها ملائكى لا يحتمل الخطأ، ورأى غيرها شيطانى مخطئ لا يحتمل الصواب، وتتعدد مظاهر وطرق هذه الميليشيات، ولكن فى النهاية أبعادهم واحدة. فالميليشيات النقاشية الدينية عندما تناقش أحدًا من أفرادها، فإنه يستند الى أحد تفاسير علماء الدين ويعتبر أن كل من يخالف هذه التفاسير هو كافر وضد الدين وخارج عن الملة، والميليشيات الشخصوية التى يستند أفرادها إلى شخصية معينة معتبرة أن آراء ذلك الشخص "القدّيس" مقدسة وغير قابلة للخطأ، قد يكون هناك شخص تتعصب لأفكاره وآرائه، ولكن لا تتعصب لشخصه فهو زائل.. أما الفكرة لا تموت! والميليشيات المذهبية أو الفكرية التى قد تتعصب إلى منهج أو فكرة معينة معتبرة أن هذا المنهج منزل من السماء وليس فيه شائبة، كالليبرالية والاشتراكية، فى نقاشاتهم تُهم لهذا الآخر بالثراء على حساب الفقراء، وتُهم للآخر باستغلال الفقراء لتحقيق أهدافه وهكذا، وهناك ميليشيات نقاشية رياضية تتعصب للنادى الفلانى أو اللاعب المشهور، فى تصعب أعمى لهم! وفى نقاشاتهم الكروية أو الرياضية تجدهم يحمر وجههم ويرفعون أصواتهم وكأن معركة على وشك الحدوث. قامت ثورات الربيع العربى للتغيير.. النقاش لابد منه فى المجتمعات المتحضرة، ولكن يجب أن يقوم على أسس وآداب الحوار المتعارف عليها، فلا يجب أن يتحول المجتمع إلى ميليشيات نقاشية فكرية تتعصب لأفكارها وتتهم ذاك بالعمالة والآخر بالخيانة، وتكفر ذاك وتشكك فى وطنية الآخر. خير الأنام عليه الصلاة والسلام، كان عندما يتناقش مع أحد، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، كان أسلوبه فى الحوار هادئا لا يعنف ولا يرفع صوته حتى يقنع من يناقشه! وأختم بقوله تعالى: (ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضّوا من حولك).. صدق الله العظيم أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]