أحوال المسلمين تؤكد إننا لابد أن نعى الرؤية الاستراتيجية الإسلامية لإدارة كل مجالات الحياة من خلال التكامل الروحي والمادي بين أركان الإسلام الخمسة في إطار منهج يستهدف تحقيق التقدم والنهضة على الأرض. --أن فريضة الحج لا يمكن إلا أن تكون مركز تدريب مكثف, روحي ومادي, فهل هناك شعب أو أمة غير المسلمين تتخذ فترة التدريب في حد ذاتها كهدف من هذا المركز؟أم أن البديهي أن يكون الهدف هو أيضا فترة ما بعد مركز التدريب. --القرآن الكريم يؤكد ذلك, {يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة 183) {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب}(البقرة 197). --أي أن الحكمة من الصيام هي التقوى والتي تمثل في الآية الأولى الهدف في حد ذاته وفى الثانية عن الحج نجد أن التقوى تمثل الزاد أي الوسيلة, وحيث أنه لا يمكن وجود هدف بدون وسيلة ولا وسيلة بدون هدف, فالربط واضح بين الأركان, أي أن الحج(مثل الصيام والذي أشرنا إليه في مقال سابق) لابد أن يكون هدف ووسيلة في نفس الوقت.. ونلاحظ أن الآية الأولى لا تشير إلى أولى الألباب لسهولة فهم أن أركان الإسلام تمثل أهداف إيمانية روحيه في حد ذاتها بأداء العبادة لإسقاط الفريضة لكن الآية الثانية تؤكد على أن التوجيه لأولى الألباب لإدراك استراتيجية المنهج الإسلامي من خلال ضرورة اتخاذ أركان الإسلام أيضا كوسيلة عملية مادية لتفعيل الحياة لضرورة وحتمية ربط العقيدة بالشريعة التي توجب إعمار الأرض لتحقيق النهضة ونحن بصدد ركن الحج مثلا وليس حصرا: --المساواة: فالإسلام هو أول من أسس للمساواة على أساس الآية الكريمة {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الأمر الذي يتضح في كل خطوات الحج مع توحيد الملبس لجميع الحجاج, كما تشير الآية لان التقييم بالتقوى عند الله وليس فيما بين البشر بشأن شتى القضايا الدنيوية والتي أقر الإسلام تقيمها على أساس الحقوق والواجبات ومبدأ الكفاءة في العمل ونزاهة اليد وذلك لتأكيد قيم الحرية والعدل وصولا لإقرار السلام على شتى المستويات المجتمعية والعالمية. --السعي:هدف وجزء أساسي من الحج لكنه أيضا وسيله لتفعيل الحياة في إطار رسالة الإسلام الحضارية بالاستخلاف وإعمار الأرض, أي السعي لاستفراغ الحد الأقصى من الجهد المادي الدنيوي, كل في تخصصه, كفريضة وشريعة وفقا لأحدث ما وصل إليه العصر في كل المجالات.كما أن للسعي في الحج إطار ومسار وليس يمينا أو يسارا وهى إشارة لان السعي الحضاري في الحياة, مثلا وليس حصرا في سبل الكسب والإنفاق, له مسار وضوابط وفقا لمرجعيه شرعيه تؤسس لمبدأ أن الغاية لا يمكن أن تبرر الوسيلة, --, ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله, الآية تشمل الجانب العملي الدنيوي وهو تحقيق المنافع المادية وكذلك الجانب الإيماني الروحي الاخروى المقصود بذكر الله سبحانه, والعقلانية والمنطقية أيضا واضحة في عظمة الآية بتقديم الجانب الدنيوي على الاخروى لان الحج يحتاج إلى كثير من الترتيبات اللازم إنجازها مسبقا مثل أنشطة شركات السياحة والنقل ثم شتى الاحتياجات من المأكل والملبس والإقامة اللازمة أثناء فترة الحج, ولا حرج من تحقيق المنفعة المادية بشرط أن لا تتحول الوسيلة إلى هدف محض و بحيث لا يطغى الجانب المادي على الجانب الروحي وهو ما نرمز له بتوحش العلمانية. --توحش العلمانية:تحويل تأشيرات الحج إلى تجارة ووساطة سياسية مع المغالاة الشديدة في أسعارها,,,,وظاهرة الحج السريع,,,,,,,,, في ثلاثة أيام لتحقيق أعلى ربح مادي لشركات السياحة مقابل أعلى مستوى من الرفاهية واختصار الوقت للحاج مع استخدام أكثر ما يمكن من الرخص الفقهية --المقصود بها فقط استيعاب الحالات الاستثنائية-- بحيث يتحول الحاج من عابدا إلى سائحا لا يمارس الحج روحيا بل يتفرج على الشعيرة ويملئ فراغات في بروجرام رحله دقيقه وخاطفه. --فالعلمنة أخيرا بدأت بتصريح غير مسبوق, يصادم الدستور, للدكتور نظيف في 2006 بأن مصر دوله علمانية ثم برفع طلب للرئيس بإلغاء الحج 2009 بسبب الأنفلونزا مع تجاهل تام للأزهر ودار الإفتاء ودون أي احتجاج من هؤلاء على هذا التجاهل المتعمد ونحن لا نحتاج للمقارنة بين وباء الطاعون والكوليرا في 1947 حيث لم يتجرأ أحد على ركن الحج بالرغم من ضعف الإمكانيات الصحية مع هول الوباء في ذلك الوقت., كما أننا لم نلاحظ تركيز الدولة على حماية المجتمع من الأنفلونزا إلا في التعليم والحج بالرغم من وجود تجمعات ضخمه في أماكن ضيقه مغلقه مثل المسارح والسينيمات وما يسمى بالمراقص الليلية كما أن الدولة لم تفكر في منع دخول الوافدين من الدول التي انطلقت منها الأنفلونزا مثل المكسيك وأمريكا, فما المقصود من كل ذلك؟؟؟؟؟؟؟ -- صحيح أن العلمنة كسيحة ومعدومة الجذور الشعبية في بلادنا لأسباب بديهية لكن التركيز الغربي على التصدي بشتى الوسائل الظالمة للمد الاسلامى الماثل في الغرب قبل الشرق(مع ضعف المسلمين كأمه ودول ومجتمعات)وكذلك دعم الأنظمة العربية لكل ما هو علماني لمجرد إقصاء التيار الإسلامي المؤهل لإحداث التغيير السلمي في اتجاه الديمقراطية وتداول السلطة, يدعونا جميعا لتحمل المسئولية الفردية الإسلامية تجاه توحش العلمانية. --إنها مسؤولية العلماء والمفكرين نحو ضرورة استثمار وتوجيه الصحوة والمد الإسلامي تجاه الإسلام كعقيدة وشريعة..كمنهج ونظام متكامل لكل مجالات الحياة... كما أنها مسؤولية الجميع نحو القيام بالواجب الشرعي, الفردي الخاص والمجتمعي العام, اللازم بالضرورة لتفعيل هذا المنهج وصولا لتحقيق النهضة. رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار [email protected]