بقدر ما أثلج صدري حديث الرئيس المصري حسني مبارك عن تحذيره إيران من اللعب والتدخل في الأمن القومي العربي بقدر ما أزعجني التصريح كونه يعني ضمنيا أن العراق فارسي ولا علاقة له بالعروبة، بعد أن غدا العراق كانتونا ملحقا بالصفويين الفرس، هذا إن كان التحذير يعني ممارسة عملية على الأرض فالسياسة ليست أماني " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب، من يعمل خيرا يجزى به.." إن السياسة حقائق صارخة ناطقة على الأرض، وتقاس بالإمكانيات والمعطيات على الأرض وليس بالتحذير الذي يفتقر إلى العمل ... ففي الوقت الذي لم نلمس إلا التهديد والوعيد للإيرانيين الذين يتدخلون في الشأن الداخلي العربي والإسلامي، نرى واقعا يسعى الإيرانيون إلى فرضه بل فرضوه بدء من الاختراق الإيراني الخطير على الجبهة السورية وتحويل دمشق إلى مركز متقدم لهم في التدخل بالشأن العربي عبر نشر أكثر من 39 حوزة شيعية، ثم مد نفوذهم من خلالها إلى لبنان والضاحية الجنوبية وجعلها منطقة عمليات يومية لهم مستهدفة التدخل في الشأن العربي والإسلامي وما تسرب عن وجود مقاتلين لحزب الله إلى جانب الحوثيين وما يتسرب بشكل يومي عن وجود لحزب الله مع المليشيات الطائفية في العراق، ينضاف إليه التدخل الصارخ في الشأن الأفغاني.. كل هذا يحصل بتنسيق واضح وصريح مع الأميركيين بغض النظر عن الصراخ والعويل الذي اتقنوه في نعت أميركا بالشيطان الأكبر والهتافات المعادية لأميركا وإسرائيل، فالبعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير .. إنهم يخصبون اليورانيوم، ويجرون المناورات، ويجرون التجارب الصاروخية، ونحن في العالم العربي إما متواطئون أو نحاول استرضائهم كما حصل مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الدكتور محمد البرادعي الذي ظهر وكأنه سياسي أكثر من رجل تقني في مفاوضات الغرب مع إيران، بينما رأينا مسارعته بتأييد ضرب العراق والقضاء عليه، ونحن بالمقابل أمة تتقن فن الهتاف والصراخ والخلاف على أتفه الأسباب وإن كانت كرة لا يتعدى قطرها سنتيمترات ... هل هذا هو قدرنا في العالم العربي وهل هذا قدر مصر وهل هذا قدر أهل السنة أن يكونوا أدوات في مشاريع الآخرين غربية أم صفوية، ماذا نقول وقد ابتلع العراق من قبل الصفويين يا سيادة الرئيس هل نقول لأبنائنا إنه لم يكن عربيا، فقد كان فارسيا ومن حق إيران ابتلاعه ، لنصحو قليلا ونضع مداميك مشروع عربي حقيقي في وجه هجمة صفوية خطيرة.. كل المحبة والتقدير لمصر ولشعبها، ونريدها أن ترتقي إلى مستواها التاريخي الحضاري ومستوى التحديات التي تواجهها وتواجه الأمة التي هي ركن ركين في ماض وحاضر ومستقبل هذه الأمة، والعتب على قدر المحبة، كما أن العتب على قدر المؤمل والمنتظر من الآخر ..