تنسيق الكليات.. 62 ألف طالب ثانوية يسجلون لأداء اختبارات القدرات    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    مصر ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    الزراعة: إنتاج 2574 طنا من مسحوق المخلفات الحيوانية خلال يونيو    صحة غزة: وفاة 18 شخصا بسبب الجوع في القطاع خلال 24 ساعة    ترامب يتهم أوباما بتدبير "مؤامرة" لتعطيل ولايته الأولى    رجعوا فلوس للمستثمر، أزمة وشكاوى بمركز شباب دنديط بسبب الملعب الأكليرك    بعد رحيل مودريتش.. ماهو ترتيب قادة ريال مدريد بالموسم الجديد؟    هل يكون بديل وسام أبو علي؟.. الأهلي يفاوض مهاجمًا من الدوري القطري    وزير التعليم يكشف حقيقة إجبار الطلاب على اختيار نظام البكالوريا    إخماد حريق نشب في مخلفات وحشائش بمحيط مزلقان الشاملة ببني سويف    مهرجان "ألوان للقدرات" ينطلق من قلب أكاديمية الفنون    الصبر مفتاحكم.. 3 أبراج تواجه حظ سيء خلال الشهور القادمة    لبنى ونس: "اعتزلت 15 سنة ورجعت للتمثيل كومبارس ب400 جنيه"    عبد الغفار يناقش تعديل أسعار خدمات التأمين الصحي المتعاقد عليها مع الجهات الخارجية    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    «المصدر» تنشر أحكام المحكمة الدستورية العليا ليوم 5 يوليو 2025    نائب محافظ الجيزة يبحث تطوير المنطقتين الصناعيتين بالصف وجرزا    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    صراع إنجليزي على كولو مواني بعد تألقه مع يوفنتوس    المفتي: الذكاء الاصطناعي امتداد للعقل الإنساني.. ويجب ضبط استخدامه بميثاق أخلاقي عالمي    بايرن ميونخ يقترب من ضم لويس دياز بعد رفض عرضين    رغم عدم إعلانها رسميًا.. الفلسطيني آدم كايد يظهر داخل الزمالك (صورة)    شعبة الأدوية: الشركات الأجنبية تقلص حجم إنتاجها في السوق المحلية.. وبعضها تستعد للتخارج    برلمانيون: الأجهزة الأمنية تواجه بكل حزم كافة المخططات الإرهابية    الجبهة الوطنية يكثف نشاطه وجولاته الإنتخابية لدعم مرشحه بالبحيرة    «المالية» تُخصص 5 مليارات جنيه لجهاز تنمية المشروعات    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    وداعا "للأمير النائم".. 20 عاما من الغيبوبة تنتهي بقصة خالدة في الصبر والإيمان    تفاعل جماهيري مع فلكلور القناة في مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    مدرب الزمالك السابق بعد ظهور فتوح مع إمام عاشور: «اتفق معاك على 2 مليون؟»    محمد حمدي يعلق على فترة تواجده بالزمالك واعتزال شيكابالا وانتقال زيزو للأهلي    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    انطلاق فعاليات حملة «100 يوم صحة» بالإسكندرية    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    ندوة لمناقشة كتاب "ثورة عبد الناصر" ووثائق ثورة يوليو للمؤرخ جمال شقرة.. الأربعاء 23 يوليو    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    توفى بعدها بدقائق.. تشييع جثامين أم ونجلها من كنيسة الأزهرى ببنى سويف.. صور    رفع 17 طن من القمامة بمدينة الأقصر والمخلفات الملقاة بترعة المعلا بمدينة الطود.. صور    شيحة: لدينا هيئة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات وتحقق نوعا من التوازن    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    البلطي بين 90 و100 جنيه.. أسعار الأسماك في مطروح اليوم الأحد 20 يوليو 2025    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    «أمن المنافذ»: ضبط قضيتي تهريب وينفذ 216 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزيز صدقي .. عائد من الزمن الجميل .. حسن صابر
نشر في المصريون يوم 15 - 06 - 2005


هو سياسي نزيه عائد الينا من الماضي الجميل.. من زمن النقاء والشفافية وطهارة اليد التي كانت تبني وتعمر ولا تسطو على أموال وحقوق الشعب. عندما صار وزيرا اضطر إلى أن يبيع أرضه التي ورثها عن أسرته، لأن راتبه كوزير لم يكن يكفي مصاريف عائلته. كان يحرص على ألا يتفوه أحد بكلمة من بعيد أو قريب تمس نزاهته واستقامته بل وكان أيضا يتعفف عن أن يمد يده للآخرين.وشتان بين عصره الذي كان فيه الوزراء يخرجون من الوزارة وهم مفلسون، وبين الحاضر الذي يتباهى فيه أحد الوزراء علنا بأنه يملك أربعة قصور في وقت يستيقظ فيه معظم أبناء شعبه مبكرا للوقوف في طوابير الخبز. القادم الينا.. هو الدكتور عزيز صدقي أبو الصناعة المصرية الذي دشن في الرابع من يونيو الجاري مع حشد من الشخصيات المصرية حركة وطنية تسمى بالتجمع الوطني للتحول الديمقراطي، هدفها الدعوة إلى الإصلاح واعداد دستور جديد للبلاد ووضع برنامج لتشغيل الطاقات المعطلة في الاقتصاد المصري ومواجهة الفساد. هذا الرجل كثيرا ما كشف عما يجيش في صدره بسبب الأوضاع الحالية التي تعيشها أرض الكنانة. كان يقول: «أنا حزين على ما يحدث في مصر. . كانت أسعد لحظاتي في الماضي عندما كنا نشاهد افتتاح مصنع جديد.. والآن يتم بيع كل شيء. . أنا الآن رجلي والقبر، لا أخاف من أحد ولا أعرف الخطوط الحمراء ولا البيضاء، وأقول لكم الكذب لا ينفع والبكش لن يبني مصر». دكتور صدقي لا يرى سعادته الا فيما تم انجازه في الماضي الجميل، وهو يفخر وهذا حقه بأنه وضع «طوبة» كما يقول في بناء وطن خاض معارك سياسية للتحرر من التبعية وأقام صرحا صناعيا هدمه فيما بعد الانفتاحيون والانتهازيون الذي طمسوا الحقائق عن الشعب ووصفوا فترة الستينات بعصر اشتراكية الفقر. (ولتذكرة الغافلين الذين تحمسوا لعصر الانفتاح السداح مداح، كان في زمن اشتراكية الفقر فائض في رغيف الخبز يبقى في محلات البقالة ليباع في اليوم التالي بأقل من سعره. كان خريج الكليات العملية له مكان وظيفي محجوز له منذ التحاقه بالجامعة، وكان راتبه الصافي الذي لا يصل إلى 18 جنيها شهريا يكفيه ولا يستدين من أحد. كانت الكليات العسكرية مفتوحة لأبناء السعاة والفلاحين والعمال وليست محجوزة لأبناء الحسب والنسب. وإجمالا توافر لمصر في زمن اشتراكية الفقر مخزونا استراتيجيا من السلع التي كانت دعامة لمصر خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة». عزيز صدقي.. بالتأكيد يعتز ونعتز معه بما يسمونه بعصر اشتراكية الفقر، فقد أسس مع بداية ذلك العصر وزارة الصناعة المصرية عام 1956، عمل وزيرا للصناعة وعمره 36 عاما. وخاض سباقا مع الزمن كان من ثماره إنشاء ألف مصنع على رأسها مجمع الحديد والصلب ومصنع الألمونيوم. كما أنتجت مصر سيارة ( رمسيس) الصغيرة وعندما طلبت القوات المسلحة المصرية سيارة نصف مجنزرة، تم إنتاج عينة منها بعد ستة أسابيع من الطلب. ما تحقق من انجازات صناعية في بلد وصف بأنه دولة زراعية، كان أشبه بمعجزة، والسبب هو حماس القيادة المصرية في ذلك الوقت للتخلص من مقولة أن مصر بلد لا يصلح إلا للزراعة. ولا ينسى د. عزيز صدقي إحدى مناسبات افتتاح أحد مصانع الحديد والصلب التي حضرها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فقد قال له: «يا عزيز نحن لن نعيش كثيرا، أريدك أن تعمل أقصى ما في وسعك وتقيم مصانع عديدة من أجل الشعب الذي وثق بنا «. كان هناك لبنة صناعية يمكن تطويرها وتحديثها، بل وبشهادة المؤسسات الاقتصادية الدولية، كانت مصر وكوريا الجنوبية في الستينات في مرتبة اقتصادية متساوية، أو كما يقال كلاهما كتفا بكتف. تاريخ عزيز صدقي المشرف الذي تؤكد سطوره أنه بالفعل رائد أو قائد النهضة الصناعية في عصر ناصر، هو السبب الذي دفع الرئيس الراحل أنور السادات إلى أن يختاره رئيسا للوزراء في عام 1972. السادات بحنكته السياسية كان حريصا منذ أن اعتلى السلطة على أن يختار بجانبه الشخصيات التي لها رصيد كبير لدى الجماهير. فاختار في البداية الدكتور محمود فوزي مايسترو الدبلوماسية المصرية خلال السنوات الأولى للثورة لرئاسة الوزارة إدراكا منه بأنه يحظى بإعجاب وتقدير الشعب المصري رغم أنه تخصص في الشؤون الخارجية ولم يشغل منصبا يتعلق بمشاكل وقضايا الداخل. وعندما خرج د. فوزي من الوزارة بحكم السن سارع السادات إلى اختيار عزيز صدقي صاحب البصمة المميزة في الصناعة المصرية وكان السادات على يقين بأنه اختيار موفق لثقته في قدرات د. صدقي الذي وان كان لم يعمر طويلا في الحكومة، الا أنه كان بإجماع الساسة الذين تابعوا انجازاته أفضل رئيس وزراء عرفته مصر على مدى الثلاثين عاما الماضية وأهم انجازاته كانت اعداد الجبهة الداخلية لحرب اكتوبر 73. كان الرجل صارما وحازما في اتخاذ القرارات في فترة توصف بأنها عصيبة، وهي فترة ما قبل حرب أكتوبر، وكان يحرص على أن يتحدث إلى الشعب المصري كل شهر ليعرض ما حققته حكومته خلال ثلاثين يوما، ولذلك كان قريبا من شعبه. ولكن صدقي بالنسبة لفكر السادات الانفتاحي، لم يعد مناسبا لمرحلة ما بعد أكتوبر 73، مرحلة الانفتاح الذي كان استهلاكيا وليس انتاجيا. ولذلك فقد تراجعت بعد خروج صدقي من الوزارة مسيرة التصنيع التي كانت في حاجة إلى تحديث وتطوير وتنمية للمواهب وتدريب للكوادر. ويقول الدكتور صدقي أنه يوم أن تقرر الانفتاح ثم الخصخصة حجبت الاستثمارات عن القطاع العام وتحولت القلاع الصناعية إلى خردة. ثم يتساءل في حسرة «أين ذهبت حصيلة بيع القطاع العام التي قالوا أنها 14 مليار جنيه رغم أن قيمته الحقيقية تزيد على مئة مليار»؟! صدقي انتقد بيع شركات القطاع العام، واصفا عمليات البيع بأنها تخريب لمصر ولقوتها الاقتصادية، وضرب المثل في ذلك بشركة قها للصناعات الغذائية التي تخلت عنها الدولة ثم استوردت أحد منتجاتها من كندا - وهو الفول - وطردت العمال. ويقول صدقي بحسرة وتهكم: هل جاء اليوم الذي نستورد فيه الفول من كندا ؟! واقعة أخرى تزيد من دهشة الدكتور عزيز صدقي مما يراه، تحدث عنها في العام الماضي خلال الاحتفالات بمرور 52 عاما على قيام ثورة 23 يوليو، فقد قال: » لقد تعجبت من أن الدولة تستقدم أحد الخبراء من عرب شمال أفريقيا لتحديث الصناعة المصرية رغم أن مصر بها العديد من الخبراء، وعندما استفسرت علمت بأنه كان مطلوبا أن يكون المسؤول عن تطوير الصناعة غير مصري، ثم قابلت هذا الخبير العربي وقلت له أن بلده بها مجموعة من المصانع لا تملأ عنبرا واحدا من مصانع المحلة الكبرى»! يرى الدكتور عزيز صدقي أن الأزمات الاقتصادية التي تعيشها مصر الآن لم تحدث من قبل في العهود السابقة حتى في حالات الحرب. يقول أن هناك 15 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر وأن نسبة محدودي الدخل تصل إلى 95% من الشعب، بينما تشتري الحكومة سيارات مرسيدس لموكب الوزير. وقبل تولي الدكتور أحمد نظيف رئاسة الحكومة، طالب الدكتور صدقي بتقديم الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق للمحاكم بسبب فشل سياساته وقال وقتها: لو كنت رئيسا للوزراء وأخطأت، فمن حق الشعب أن يحاسبني. يرى الدكتور عزيز أن حجة تزايد السكان في مصر غير مقبولة، فالصين تزيد بالملايين شهريا، ومع ذلك نجحت في بناء اقتصادها وزاد فيها معدل النمو، لأن الحل ليس خفض الإنجاب وإنما زيادة عدد المصانع واستغلال الأيدي العاملة لزيادة الإنتاج. أخطر وأهم ما قاله الدكتور صدقي وما زال يتردد على الألسنة، هو تهريب 200 مليار جنيه إلى الخارج ، وهو رقم ان كان صحيحا فهو كفيل بانتشال مصر من أزماتها الراهنة. --- صحيفة البيان الاماراتية في 15 -6 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.