كنت دائما على قناعة بأن المستفيد الأول من عمليات منظمة "القاعدة" هو إسرائيل والأجندة الصهيونية عامة . وكانت جريدة (القدس العربي) اللندنية قد نشرت مقالا لي بعد أسبوع من واقعة 11/9/2001، فصلت فيه المكاسب الهائلة التي حصدتها إسرائيل من هذه الجريمة، وقلت " قبل توجيه التهمة إلى أية طرف إبحثوا عن المستفيد". ولا يعني ما قلته أن الذي يقوم بهذه العمليات هم من اليهود ، بل إنهم عرب ومسلمون . ولكن لأن بلادنا تتفوق على بلاد العالم أجمع بوفرة الحمقى فيها (أنظمة حكم وجماعات تطرف) فإن من السهل على أي جهاز مخابرات إختراق هؤلاء الحمقى المسطحين والتنبؤ بردود أفعالهم وبالتالي توجيههم . والقاعدة كانت مخترقة منذ سنوات الجهاد في أفغانستان. ولم تكن مصادفة أن تقع أضخم وأخطر عملياتها مع وصول إدارتي بوش وشارون إلى الحكم في واشنطن وتل أبيب. وهو ما يصل بنا إلى عملية إرهاب لندن يوم 7/7 ، والتي تحمل بصمات القاعدة ، وتدلل على مدى حمق القائمين عليها. فقد هاجموا المدينة التي خرج فيها 2 مليون إنجليزي يوم 15 فبراير2003 للاحتجاج على غزو العراق ، وهي المدينة التي يرأسها أحد أشرف وأنزه رجال إنجلترا ، وهو عمدة لندن كن ليفينجستون الذي وقف ضد الصهاينة وتحداهم مصرا على استقبال وتكريم د. يوسف القرضاوي ، وله مواقفه المشرفة في الدفاع عن العرب والمسلمين . ويبدو أن المستفيد من هذه العملية كالعادة هو الإحتلال الإسرائيلي مضافا إليه هذه المرة الاحتلال الأمريكي الذي تلقى ضربة قاصمة بعد جريمة إغتيال إيهاب الشريف. وقد بدأ الصهاينة في حصد المكاسب عن طريق سلاح الإعلام ، وبالذات عن طريق الصحافة الصهيونية البريطانية ، وعلى رأسها التايمز والتلجراف. ففي التايمز، تقول إفتتاحية الجريدة أن أية محاولة لربط هذه العملية بالوجود البريطاني في العراق أو بتحالف بلير مع بوش خاطئة تماما لأن الإرهابيين لم يستهدفوا لندن إلا بهدف إشعال "حرب مقدسة بينهم وبين المجتمعات الديمقراطية". كانت الديمقراطية هي أيضا الحجة التي خطفها أرنولد برمان لاستغلال دماء القتلى الأبرياء في تحصيل مكاسب لإسرائيل ، وذلك بالزعم أن الإرهابيين يكرهون الديمقراطية ولايريدونها في بلادهم ، وأن الديمقراطية ستصل للمسلمين عن طريق إسرائيل والعراق ، بالتالي على الغرب أن يستمر في دعمه لإسرائيل والعراق . أما توم أتلي في التلجراف فيقول " لتعلموا أن الإرهاب وصل إلينا ليبقى" ، وفي ذلك تحريض غير مباشر وتشكيك في الجالية العربية والمسلمة في بريطانيا التي اصبحت هي وأقرانها في عواصم أوربا تعيش في حالة غير مسبوقة من الخوف مما ينتظرها من تشريعات جائرة وجرائم عنصرية تضعها في وضعية المذنب الذي عليه أن يثبت براءته حتى يسمح له بالعيش الآمن.