جاكسون ديل المحلل السياسي بصحيفة "واشنطن بوست " الأمريكية ، كشف النقاب عن أن مسئولا كبيرا بالحكومة المصرية سرب إليه مضمون الحكم في قضية التوكيلات المزورة المتهم فيها الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد المعارض قبل نحو أسبوعين من صدور الحكم و قبل موعد جلسة المحاكمة. جاكسون ديل كتب هذا الكلام في عدد يوم الأثنين الماضي 17/7 ، و مع ذلك لم يصدر من الحكومة المصرية ، ما ينفي أو يؤكد هذه المزاعم و لم يدافع النظام عن هذا الطعن الصريح في شفافية إحدى الدوائر القضائية التي تنظر قضية شاء أو أبى هو طرف فيها . و يبدو أن نظامنا السياسي كعادته لم يدرك خطورة هذا الكلام ، و تعامل معه بخفة كما عهدناه دائما في الكثير من التجار المشابهة . الكلام الذي كتبه "ديل" في "الواشنطن بوست" يدين الحكومة المصرية ، و يؤكد على أن مطالب القضاة المصريين ، بحقهم في أن ينالوا استقلالهم المهني ، بعيدا عن تعديات رموز النظام و رجاله و خدمه ، هو مطلب حقيقي لا مبالغة فيه ، و يطعن بالتبعية في شرعية أية انتخابات مقبلة و على رأسها انتخابات الرئاسة ، مالم يصدر قانون السلطة القضائية الذي أعده نادي القضاة ، و تستجيب السلطة لطلباتهم في الإشراف الكامل على العملية الانتخابية . و في هذا السياق أيضا .. لم يدر النظام المشغول في ترتيب سيناريوهات التوريث ، أن السكوت حتى الآن عن الإعلان عن نتائج التحقيقات في أحداث يوم الأستفاء الأسود ، لن يمر على الرأي العام و لا على المراقبين الدوليين بسهلة ، و لعل كلاهما يزاد يقينا بأن السلطة التنفيذية لا زال لها اليد العليا في حسم الكثير من القضايا السياسية التي تكون المعارضة طرفا فيها. و لم يقدر النظام خطورة أن لا تعلن حتى الآن النيابة العامة قرارها بشأن اختفاء الزميل رضا هلال أو نتائج التحقيقات بشأن الاعتداء على الزميل عبد الحليم قنديل . بل إن واحدا من رموزالنظام الكبار ، و هو الدكتور فتحي سرور عندما سئل في حوار صحفي عن المماطلة في مناقشة طلبات الاحاطة بشأن ضلوع يوسف والي في استيراد مبيدات مسرطنة ، بلع منها المصريون ملايين الأطنان ، و لا يخلو بيت في مصر من ضحية من ضحابا يوسف والي و رغم تقديم محكمة الجنايات بلاغ للنيابة العامة ضد يوسف والي و طلبت منها التحقيق معه في ما نسب إليه من اتهامات بهذا الشأن .. قال سرور إن النيابة العام "رأت عدم التحقيق مع يوسف والي و هذا يدخل في حدود سلطة النيابة التي لا رقيب عليها سوى سلطة القانون" . كلام د. سرور يعني أن النيابة العامة لم تحقق أصلا في موضوع يهم الرأي العام و يترقبه و ينتظره ، و يتمنى أن يقتص القضاء والعدالة من الجناة الذين قتلوا عشرات الآلاف من المصريين بالمبيدات المسرطنة كلام د. سرور و هو بالمناسبة منشور في جريدة مصري اليوم المستقلة ، لم يترك لنا خيارا آخر في فهم قرار النيابة العامة ، و يحملنا على التساؤل و نقول : طالما أنها لم تحقق في بلاغ محكمة الجنايات ضد يوسف والي ، فلصالح من إذن أتخذت هذا القرار ؟! . و لعل ذلك كله يؤكد أنه لن يحسم مستقبل الديمقراطية و حقوق الإنسان في مصر إلا القضاة و انتفاضتهم و ثورتهم و قدرتهم على انتزاع استقلاليتهم من هذا النظام الذي أساء إليهم و إلى عدالتهم و لا يكف عن احراجهم أمام الرأي العام المحلي و الدولي