إن فشلنا كإسلاميين فلا نلوم إلا أنفسنا، حتى ومع ضجيج خصومنا الذى يسميه البعض بالتعويق، كدفع نفسى للفشل لا يليق بنا أبداً. فهكذا الإدارة العلمية وهكذا المدير، عليه التعامل مع واقعه مهما كان، وإلا فليتنحى أو لتنحيه الجمعية العمومية. إن لم نخرج من مستنقع الخصوم السياسيين الذى دخلنا فيه أو استُدرجنا إليه وبسذاجة منذ نهاية فبراير 2011، ومازلنا إلى الآن للأسف، فسنؤكد للدنيا كلها أننا فشلة، وأننا لم نستقِ من ديننا العظيم، شموله. ذلك بإيجاز، «الخروج» الذى قصدته فى الشق الأول من عنوان المقال. أما «الدخول» وهو الشق الآخر من عنوانى، فإلى شمول ديننا العظيم، الذى كرم بنى آدم وميزه بالعقل، الذى عطلناه للأسف. لم أكن أنتظر من الرئيس أن يحقق لنا فى المائة يوم الأولى، البنود التى أعلنها قبل انتخابه، بل ولم أكن أنتظرها منه بعد عامين أو يزيد من حكمه، ولكنى كنت أنتظر منه «بادرات»، كلها تتعلق بالاختيارات. يصف الناس الإنسان، بالشهامة أو الجسارة أو النبل أو الفروسية أو الكرم أو...، أو نقيض ما تقدم، بينما الإنسان عندى اختيار، أدرس هذا أم ذاك، أسافر اليوم أم غداً، أستثمر فى هذا المشروع أم ذاك، وهكذا فى الخصال، فأجاهد نفسى لكى أكون كريماً وشريفاً ونبيلاً وناجحاً و...، أو أن أختار النقيض فأكون مثلما اخترت. ومن هنا فالنجاح عندى والفشل، بعد مشيئة الله وتوفيقه، هما اختيار، واختيارات الإنسان تظهر لنا من بادراته، فتنبئنا عن منطلقاته، ومقاصده كذلك. الرؤى ومن ثم ترجمة الرؤى إلى سياسات فبرامج تنفيذية بآلياتها وأدواتها، هى كلها اختيارات تعكس سمات المتخير وأهدافه كذلك. الانفتاح على خبراء المجتمع الأهلى هو اختيار كذلك، إن حدث فإنه ينبئ عن «مدير» واثقٍ وواعٍ، كما أن المدير القدير، مساعدوه كذلك، فإن كان حقاً واثقاً فى ذاته، فإنه يقدمهم إلى الأمام ويحفزهم على الإبداع، فهو الحاصد الأكبر لل «succès» والبريق فى النهاية بإذن الله، فالناس حتماً تتذكر المدير، وربما ينسوا مساعديه. يوم يتحرر الوزير من كل الأعمال التنفيذية ليتفرغ فقط لما هو استراتيچى، وألا يكون فى كل وزارة إلا وكيل واحد لها يوكل إليه حراك الوزارة اليومى، وقتها سنحل مشكلة السكة الحديد وغيرها بإذن الله، حتى فى ظل نفس الإمكانات المتاحة حالياً، لكن نحن فى مصر لا ندرى عن الإدارة العلمية شيئاً. لا نهضة إلا بتراكم تنموى، فأين مصر اليوم من بادرات التنمية؟ وفى مقالى هذا لن أخاطب الرئيس، ولكنى أخاطب حزب الحرية والعدالة الذى طالبته منذ شهور، بأن يدشن غرفة إمداد استراتيچى، مصر فى أمس الحاجة إليها الآن، وخاصة أجهزة الدولة كلها، ولن أطالب الحزب بمحاكاة الإدارة العلمية فى الشركات الكبرى العالمية، بل اذهبوا لبعض البنوك والشركات العاملة فى مصر. أما خطابى الثانى، فللمبدعين المصريين فى الداخل والخارج وبكل انتماءاتهم، أن اخرجوا من صوامعكم وتجمعوا فى منظومة مؤسسية تؤطر الاقتصادى من الأعمال ذات الأثر المجتمعى، فتقدم للحكومة دعماً فنياً، بل ستفرضه عليها لما يحويه من إبداع وعوائد مادية معتبرة ومنظورة وترجمة عملية نموذجية تحتذى، فى سياق نزيه وعبر منافسة شفافة، والعائد مزدوج عليكم وعلى الدولة. فى مقال قادم بإذن الله، نتكلم عن دور هؤلاء المبدعين وتجمعهم فى منظومة اقتصادية قاطرة وموجِّهَة، ثم حديث عن مفهوم متطور لحاضنات المشروعات الكبيرة منها والصغيرة، وحديث آخر عن تقديم الدعم الفنى لتأهيل منظومة التمثيل التجارى ومن ثم توسعة آفاق الصادرات من جانب واستقطاب الاستثمارات من جانب آخر، وثالث عن بحث معوقات القطاع الزراعى، ومن ثم تطويره رأسياً على وجه التحديد والصناعات القائمة عليه والأخرى التى تمثل مدخلات إليه، وتفعيل دوره باعتباره من القطاعات الأعظم فى تقديم فرص تشغيل متنامية، وحديث رابع عن حلول لمعالجة تداعيات التفتيت الزراعى، وحديث خامس عن كيف نفهم منطلقات المخالفين بالبناء على الأراضى الزراعية وكيفية معالجة هذه القضية جذرياً، وحديث سادس عن كيفية حصر كل المستحقين للدعم النقدى حتى يتيسر لنا التحرر سريعاً من الدعم العينى، حتى تحقق الدولة وفورات معتبرة، وحديث سابع عن المدن المليونية، تبدأ بمدينة أولى، حيث المرحلة الابتدائية منها تحديدًا ستوضح لنا عناصرالجذب التمويلى، وحديث ثامن عن ربط «متطور» للتعليم بالاستثمار وربط الاستثمار بالصحة أيضاً وبالنقل كذلك وربط الخدمات عموماً بالعوائد الاستثمارية ومن ثم تقديم الحلول التمويلية، وحديث تاسع عن كيف نجعل من مصر معرضاً كبيراً للاستثمار، وحديث عاشر عن الشراكات الإستراتيچية الدولية فى «الهاى تك» تحديداً وكيفية الولوج إليها، وأحاديث أخرى عديدة بإذن الله، منطلقها كيف نفكر معاً وكيف نتخير ودائماً كيف ندير؟ كيف يتفرغ رئيس الوزراء والوزراء والمحافظون، لكل ما هو إستراتيجى وفقط؟ ما أهمية وزير شئون مجلس الوزراء والمتابعة الوزارية، وهى حقيبة لم يأخذ الإخوان بنصيحتى بشأنها وحددت لهم مواصفاته وعمره الذى لا يتعدى الخمسين ودوره وأهميته. ونصيحتى لهم بحقيبة وزارية للسياسات والتواصل المجتمعى «النوعى»، ودوره فى المدد الإستراتيجى للوزارات كافة. غنى عن البيان ترديد ما قلته سابقاً فى 2011 تعقيباً على تعليقات ثلاثة وصلتنى، أنى لا أسعى مطلقاً لأى منصب تنفيذى فى الدولة، أولاً لأنه لم يكن يوماً ضمن طموحاتى الخاصة، ثانياً لأنه وللأسف الوظيفة الرسمية العليا فى مصر بدءًا من الرئيس ونزولاً إلى المحافظ مروراً بمجلس الوزراء، هى وظائف تنفيذية، بينما لا تصح إلا أن تكون إستراتيچية حتى مع انتسابها للعنوان «السلطة التنفيذية»، ثالثاً لأنى أحب عملى الخاص فضلاً عما أضيفه حالياً وهو الإعداد لعملين تنمويين، أحدهما أهلى والآخر خاص ثانٍ، والثلاثة يتعارضون مع الوظيفة العامة، وهو ما أغلق لدىَّ من الأساس وتماماً، الرغبة هذا الشأن، ومن ثم فلا وجه لهذه التعليقات البايخة. * قلت سابقاً وأكرر، مصالح أمريكا الإستراتيچية فى المنطقة، مصر تستطيع أن تؤمِّن لها «المقبول» منها، على أن تعى أمريكا أن مصالحها لدى العرب تفوق يقيناً مصالحها لدى إسرائيل، ومن ثم فعليها أن تحجم بل تقيد إسرائيل وجرائمها، ولكن هذا لن يحدث إلا إذا قادت مصر العرب، نحو تصعيد سياسى مفتاحه خطاب موجه لأمريكا، وبصياغة جادة لمصالحنا التى لن نفرط فيها، ولمصالح أمريكا فى مقابلها، ذلك هو التصرف السياسى المقبول وسقفه الأعلى الممكن الآن، وتبقى النية والعزم كذلك، حماية لأهلنا بفلسطين وحقوقهم التى لن نفرط فيها، وإلا فالمنطقة فى خطر. مصر جيشها معتبر، ومع ذلك فتنويع مصادر التسلح، وبرنامج طموح لتصنيع السلاح، وبحوث وتحرى ل «الهاى تك» الشرقى فى هذا المجال، أمور ثلاثة حتمية، كما أن الاتجاه شرقاً اليوم، أيسر من الاتجاه إليه غداً، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد. أما هذا المشوار فى بناء القوة، فالمشاركة العربية فيه حتمية، ويجب أن تعى الأنظمة العربية ذلك، وأن حصانتها ليست هناك. لا مخرج لنا بعد الله ومنظومة الأخلاق القويمة، إلا بالأسباب التى سخرها لنا سبحانه، ومصر فى هذه اللحظة وبهذه الحالة الكلية المشهودة، فى احتياج إلى أعظمها، فيقظة إلى الإدارة العلمية التى تبدأ بإدارة الفكر أولاً، لتأتى إدارة الحركة على هدىٍ من الأولى. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]