علمت المصريون أن اتصالات مكثفة تدور الآن ما بين نادي القضاة وبين وزارة العدل ودوائر أمنية رفيعة بالدولة من أجل إقناع القضاة بقبول المشاركة في الإشراف على الانتخابات المقبلة ، وحسم هذا الخيار خلال جمعيتهم العمومية المنتظر انعقادها الأسبوع المقبل ، الرسائل التي وصلت نادي القضاة ناشدت القضاة أن يأخذوا بعين الاعتبار استجابة السلطة للكثير من مطالبهم وتعهد رئيس الدولة بإصدار قانون منتظر يكفل لهم الاستقلال ، إلا أن المشكلة الأساسية الآن هي غياب الثقة بين الطرفين ووجود غالبية بين القضاة ، وخاصة الشباب ، لا تثق كثيرا في الوعود الحكومية, استنادا ً إلى سوابق بوعود أعطتها السلطة للكثير من فئات المجتمع ولم تنفذها وفي مقدمتها قانون السلطة القضائية التي راوغت في الحكومة طويلا وحتى الآن للحيلولة دون إصداره ، وكذلك قانون إلغاء حبس الصحفيين . وتأتي تلك الاتصالات المحمومة في وقت ينتظر أن تعقد يوم الثاني من سبتمبر المقبل فعاليات الجمعية العمومية لنادي القضاة بالقاهرة برئاسة المستشار عبد السلام خضر رئيس مجلس إدارة النادي , وذلك من أجل تقييم ما تم في الفترة الماضية من تطورات باتجاه تلبية المطالب العادلة لقضاة مصر ، والنظر في إمكانية مقاطعة القضاة لعملية الإشراف علي أجراء الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 7 سبتمبر من عدمها , احتجاجا علي تجاهل السلطة التنفيذية إصدار قانون أعدته دوائر قضائية متعددة يكفل توفير الاستقلال للقاضي بعيدا عن الإشراف المالي والإداري للحكومة ممثلة في وزارة العدل . من جانبه دعا الرئيس الشرفي لنادي القضاة المستشار يحي الرفاعي - شيخ القضاة المصريين - رئيس الدولة إصدار مشروع قانون السلطة القضائية بقرار وفق تفويض مجلس الشعب له ,من أجل أن يؤدي القضاة دورهم بالانتخابات وهم مطمئنون تماما علي أن يعرض القرار علي البرلمان المقبل بعد انتخابه مشيرا إلى أن لجان من نادي القضاة ووزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء اتفقت علي صيغة مشروع قانون يكفل للقضاة الاستقلال وفي إشارة إلى ميل القضاة إلى عدم التصعيد والمشاركة في الانتخابات الرئاسية كمجس لتوجهات السلطة السياسية ، صرح المستشار ممدوح مكي - رئيس نادي القضاه بالأسكندريه والمسئول عن تفعيل قرارا الجمعية العمومية الأخيرة للنادي - أن السلطة التنفيذية لبت الكثير من مطالب القضاء بعد الانعقاد الأخير للجمعية ومن المطالب التي لبتها الحكومة عندما أقرت قانون مباشرة الحقوق السياسية وانتخاب رئيس الدولة : - إلغاء أي دور لوزارة الداخلية في الأشراف علي الانتخابات من البداية للنهاية وتشكيل لجنتين غالبيتهما ورئاستهما من القضاة تتوليان الإشراف علي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتتمتعان بحصانة قضائية أيضا - إعطاء القاضي سلطة إلى خارج اللجان وضبطية قضائية تعاقب كل من يحاول منع مواطن من الانتخاب أو يشارك في تزوير وفق قانون الجنايات المصري بعد إسقاط نص كان يلغي مساءلة المزور بعد 6 شهور - استعمال الحبر الفوسفوري والذي لا يمكن إزالته في بصمة الناخب عند التصويت وأشراف القضاء التام علي اللجان الانتخابية بحيث يرأس كل لجنة عنصر قضائي إلا أن المشكلة في نظر عدد من القضاة ، استطلعت المصريون رأيهم ، تكمن في الإشراف المالي والإداري المستمرين لوزارة العدل والذي من خلاله يمكن أن تعاقب الحكومة كل قاضي لا ينفذ مشيئة السلطة التنفيذية ومن ثم فأن القضاة يصرون علي إصدار القانون الجديد والذي يبعد عنهم نفوذ السلطة التنفيذية نهائيا ومن كل النواحي ووفقا ً لإحصائيات وزارة العدل ففي مصر الآن 13 ألف قاضي منهم 8 آلاف قاضي علي المنصة و5 آلاف قاضي يقومون بعمل أداري , ويري قضاة المنصة أن رفاقهم الإداريين خاضعون للسلطة التنفيذية وغير مستقلين أو لا يتمتعون بالاستقلال مما يضعف موقفهم في الإشراف على الانتخابات . على صعيد آخر علمت المصريون من مصادر خاصة رفضت ذكر اسمها أن هناك تسريبات تنتشر الآن توحي بوجود تعليمات لأجهزة نافذة بالدولة ، بضرورة تأمين حصول مرشح الحزب الوطني في انتخابات الرئاسة المقبلة على 70% على الأقل من أصوات الناخبين ، لضمان نجاحه أولا ، وأيضا الحيلولة دون مخاطر خوض جولة انتخابات إعادة تحت أي ظرف من الظروف ، وهي أخبار تثير المزيد من القلق حول شفافية الانتخابات المقبلة والمدى الذي سوف تلتزم فيه أجهزة الدولة بالحياة ووقف الانتهاكات وخاصة في المناطق النائية .