سيبقي قضاة مصر هم حصن العدالة ، وهم خط الدفاع الأخير عن حريتها وكرامتها ، وكان موقف القضاة من الإصرار علي تمسكهم بمشروع نادي القضاة لاستقلال السلطة القضائية بشكل كامل عن السلطة التنفيذية ومطالبتهم بالإشراف الكامل علي العلمية الانتخابية بدءا من القيد في الجداول وحتي إعلان النتائج ، ورفضهم أن يكونوا شاهد زور لنظام يحتضر ، هذا الموقف الرائع للقضاة أعطي الأمل للحركة الوطنية بإمكانية انتزاعها لحقوقها في التغيير والمشاركة . وحين حاولت السلطة التنفيذية والنظام السياسي التأثير علي مواقف وقرارات القضاة كانوا في منتهي الصلابة لا تلين لهم قناة ، فهم يطالبون بإلغاء قانون الطوارئ لأنه لايمكن أن تجري انتخابات حرة في ظله ، وبأن إرادة القاضي تتأثر وعلي رأسه سيف مسلط كما قال شيخ القضاة يحي الرفاعي أن هذا القانون يعني أن أي واحد معرض للسجن ، ولم تكن الجمعية العمومية للقضاة بناديهم والتي حضرها أكثر من خمسة آلاف قاض مسألة عفوية أو مفاجأة بل كانت تعبيراً عن حركة مستمرة للقضاة في كل نواديهم بدأت من نادي قضاة اسكندرية بقيادة المستشار محمود الخضيري ونادي قضاة بني سويف والمنوفية والدقهلية وغيرها وبدأت مع مطالب مهملة للقضاة منذ عام 1991 والنظام ودن من طين والأخري من عجين ، هناك مشروع لتنظيم أوضاع السلطة القضائية لم يوضع موضع الاعتبار ، وكانت الجمعية العمومية للقضاة هي إعلان واضح للنظام أن القضاة لن يكونوا ورقة التوت التي تستر عورته . وحين ذهب مكرم محمد أحمد للاجتماع بالمستشار محمود الخضيري لمدة ساعة ونصف محاولا إقناعه أن النظام لا يتحمل مطلب القضاة بإشراف كامل علي العملية الانتخابية فذلك معناه سقوط الحزب الوطني المدوي ومجئ قوي المعارضة والإسلاميين إلي السلطة ، ومن ثم علي القضاة أن يقدروا محنة النظام وأن يتنازلوا عن بعض مطالبهم التي قد ينظر إليها علي أنها ابتزاز للنظام وهنا وقف المستشار الخضيري منهيا الاجتماع مع مكرم محمد أحمد الذي جاء برسالة من مؤسسة الرئاسة قائلا له ماذا تقول ؟ وصف موقف القضاة بأنه انتفاضة القضاة وأنها تعبير عن عودة الحياة والعافية للروح الاجتماعية والسياسية لمصر . وحين حاول وزير العدل شق موقف القضاة بمحاولة استمالة بعض الموالين للدولة بنادي قضاة دسوق والذين نشروا إعلانا مدفوع الأجر بأنهم سيشرفون علي الانتخابات باعتبارها واجب عليهم ، رفض القضاة ذلك وأصروا علي التمسك بموقفهم الذي لا مساومة عليه وهو الإشراف الكامل علي العملية الانتخابية وإلا فإنهم لن يشاركون في عمليات التزوير ، إنهم يرفضون أن يكونوا شاهد زور في عملية تقود الدولة إلي الدمار . ولايزال الأمل معقودا علي القضاة حين تعقد جمعيتهم العمومية في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر المقبل وقبل الانتخابات الرئاسية فإصرارهم علي الحق الكامل في الإشراف علي كامل العملية الانتخابية هو أمل مصر في تحقيق التغيير . ومواقف القضاة من مهزلة الاستفتاء وتأكيد أنها كانت مزورة يشير إلي أنهم سيتخذون الموقف الصواب بحقهم الكامل في الإشراف علي العملية الانتخابية فهم رفضوا الرشوة التي قدمت لم من قبل الدولة بمنح كل قاض 3 آلاف جنيه حتي أولئك الذين لم يشرفوا ولم يخرجوا من بيوتهم . نضال القضاة عرف أسماء مهمة لا يجب أن ننساها منهم شيخ القضاة يحي الرفاعي المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الاسكندرية والمستشار زكريا عبد العزير رئيس نادي قضاة مصر والمستشار أحمد صابر المتحدث الرسمي باسم نادي قضاة مصر والمستشار مقبل شاكر وغيرهم ، وحدثني أصدقاء لي لهم أقارب من القضاة أن شباب القضاة كانوا أكثر تشددا في المطالبة بحقوق القضاة كاملة غير منقوصة ، والقضاة وحدهم هم القادرين علي كشف زيف هذا النظام الذي يتشدق ليل نهار باستقلال السلطة القضائية واحترام كلمتها ، فماذا هو فاعل اليوم ؟ هو تعود شراء كل شئ بسيف المعز وذهبه ولكنه اليوم يعرف أن هناك فئات حية واعية لا يمكن شراؤها . من الأسماء المهمة المستشار محمود محمد محي الدين رئيس محكمة النقض الذي أرسل رسالة إلي رئيس نادي القضاة ومجلس إدارته ذكر فيها أن يوم الاستفتاء كان يوم التزوير العظيم ومن ثم تمسك القضاة بمطالبهم في إشراف كامل علي العملية الانتخابية وإلا تحولت الانتخابات الرئاسية القادمة إلي سيرك سياسي ومسرح هزلي يشارك فيه القضاة ، وانتقد محاولة شراء ذمم القضاة بصرف مكافآت لهم عن جهد لم يبذلوه ولم يشاركوا فيه وانتقد موقف رئيس مجلس الشعب الذي حاول تبرير هذه الرشوة المقنعة بأن القاضي علي الصندوق هو موظف إداري وتساءل هل منح الموظفون المطحونون الذين شاركوا في عملية التزوير بإرادتهم أو غصبا عنهم مكافأة مثل القضاة وباعتبارهم موظفين إداريين . وطالب المستشار الجرئ المفتي وشيخ الأزهر أن يصدروا فتوي تقول بحرمة الرشوي لتزوير الانتخابات وفتوي أخري بحرمة تزوير شهادات الناس وسرقتها دون أن يدلوا بها كما هبوا من قبل قائلين بأثم من يتخلف عن الذهاب للمشاركة في الاستفتاء ، نأمل من أصحاب الفضيلة شيخ الأزهر والمفتي أن يقوموا بواجب التوقيع عن الله والصدع بالحق ولا يكونوا لسان زور لنظام فاسد باسم الدين والشريعة الإسلامية وهي منه براء .