قررت محكمة جنايات الجيزة المنعقدة بالتجمع الخامس برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله، تأجيل نظر قضية موقعة الجمل لجلسة يوم الأربعاء؛ لاستكمال سماع مرافعة دفاع باقى المتهمين، ويحاكم فيها 25 متهمًا على رأسهم صفوت الشريف، وفتحى سرور، والمتهمين بالاعتداء على المتظاهرين السلميين بميدان التحرير خلال يومى 2 و3 فبراير 2011، مما أدى إلى مقتل 14 شهيدًا وإصابة أكثر من 1000 آخرين. وقدم دفاع المتهم 19حافظة مستندات، وطلب التصريح باستخراج شهادة من نقابة المحامين والنائب العام عما إذا كانت النقابة فى حالة تشغيل يومى 1و2 لشهر يناير لسنة 2011 وعما إذا كانت المحكمة هى الأخرى فى حالة تشغيل من عدمه. واستمعت المحكمة إلى دفاع المتهم الحادى والعشرين محمد محمد عودة عياد، محبوس، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة شبرا الخيمة، وانضم إلى كل الدفوع التى أبداها الدفاع الحاضر عن المتهمين السابقين، وأضاف مجموعة من الدفوع القانونية وهى الدفع بانعدام كل الجرائم المسندة بأمر الإحالة, وبطلان أى دليل مستمد من التحقيقات، حيث إنها اعتمدت على شهادات تسامعية, ودفع بكيدية الاتهام حيث إنه جاء دفاع ضغائن وبواعث سياسية, وحجية الحكم الصادر فى القضية العسكرية فيما اتصل فيها من وقائع خاصة بهذه الدعوى، وبطلان التقرير الفنى فى القضية.. وبدأ مرافعته بالدعاء "رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى ليفقهوا قولى"، وأشار إلى أن الاتهام الموجه إلى المتهم قائم على الظن وليس اليقين، وأن التهم الموجهة إليه هى تهم بدون نصوص قانونية، حيث تم تصنيف المتهمين إلى فريقين, والمتهم من أسرة متوسطة متدينة فى شبرا، فقد كان أبوه قاضيًا عرفيًا مشهورًا، فورثه وأصبح مقلصًا للدم وأصبح شيخًا، وكم من دماء شحنت بفضله، وكم من مشاكل حلت بسببه، وهذا الرجل كان يجلس فى المجالس العرفية ويقدر الدماء وهو يعلم حرمتها ويعفف عن ارتكاب تلك النقيصة.. مشيرًا إلى أنه كان فى الحزب الوطنى ومر عليه 3 دورات، وعندما كان يدخل الانتخابات مستقلاً كان يكسب، وعندما دخل تابعًا للحزب الوطنى عام 2005 خسر الانتخابات، وأوضح أن الجرائم لابد أن تكون قائمة على الفعل وليس على الظن، وأن توجيه الاتهام إلى محمد عودة - كما جاءت بالأوراق - كان بناءً على أقوال الشاهد رقم 35 خالد عبد العظيم، قال إنه نظر إلى الأحداث الأخيرة التى أحاطت بالثورة، وأنه عرف أن محمد عودة من مغاوير الحزب الوطنى فقام بحشد مجموعة من الأشخاص، وأضاف بعد انتهاء أقواله: أن ثروة عودة قد تضخمت بشكل كبير، بما يوضح أن الحقد والغيرة من محمد عودة، كانت سبب تقديم بلاغات ضده. وفع المحامى ببطلان إجراءات التحقيق، مؤكدًا أنه تم استدعاء موكله واستجوابه يوم30 مايو من العام الماضى بناءً على أقوال شاهد الإثبات عصام الدين عواد عبد اللطيف، فى حين أن الأخير لم يُدلِ بأقواله فى محضر رسمى إلا يوم 19يونيه، بما يوضح كيدية الاتهام، والقبض على عودة بشكل مسبق قبل سماع أقوال الشاهد بقرابة20 يومًا. وقال عبد الرحمن يوسف، محامى عودة، إن الشهود يمثلون "تنظيمًا للشهادة الزور"، عاونهم قصور التحقيقات، حيث قال المبلغ عصام إنه كان فى ميدان التحرير وقت قبض الثوار على 18 بلطجيًا من بينهم 8 أقروا أنهم مأجورون من فتحى سرور، وصفوت الشريف، ومحمد عودة، وأنه يعلم هؤلاء البلطجية علم اليقين لأنهم يسكنوا فى منطقته، وأبدى الدفاع تعجبه من جزم الشاهد بمعرفته للفاعلين الأصليين دون أن يتم استبيان هويتهم والقبض عليهم والتحقيق معهم، ولو من قبيل دعم أقواله المرسلة بشأن اتهام التحريض، خاصة أنه لم يشاهد أيًا من المتهمين المحبوسين حاليًا يرتكب جريمة أو يحرض أحدًا. وفند الدفاع أقوال الشاهد أحمد حبيب، الذى قال إنه سمع بتحريض المتهمين لبلطجية، وسأل المحكة عما إذا كانت تلك الجملة المرسلة سبب إدانة كافٍ فى حين أن الشاهد نفسه أقر بعدم رؤية عودة وقت الأحداث، وكيف حدد الشاهد رغم ذلك مجموعة معينة ضمن حشد من آلاف البشر، وينسب تواجدهم إلى شخص معين ويقر بأنهم تابعون له، وأكد الدفاع أن مثل هذه الشهادات "مجروحة".. ووصف الدفاع القضية بمؤامرة لتفريغ الدوائر الانتخابية لمصلحة الشاكين ومقدمى البلاغات، فى محاولة للتخلص من المرشحين أصحاب الأغلبية والشعبية الكاسحة، وفور علم أهل الدائرة باتهام عودة هرعوا لتقديم إقرارات لقاضى التحقيق يؤكدون فيها براءة عودة ويطلبون فيها سماع شهاداتهم، لكن القاضى رفض بما جعل الدفاع يتقدم بشكوى ضده إلى وزارة العدل. وتمسك الدفاع بشهادة الدكتور محمد البلتاجى، قائلاً: إنه رجل حق من قادة الثورة، ولا توجد صغيرة أو كبيرة فى ميدان التحرير إلا ويعلمها، ورغم منافسته لعودة عن دائرة شبرا الخيمة إلا أنه شهد بالحق، حين استحلفه عودة أمام المحكمة هل رآه فى ميدان التحرير أو سمعه يحرض ضد المتظاهرين؟، فرد عليه فى الجلسة مؤكدًا أنه لم ير أو يسمع عن مشاركة عودة فى تحريض أو تحركات ضد المتظاهرين بميدان التحرير، وتساءل الدفاع: هل يمكن لمثل هؤلاء المتهمين أعضاء الحزب الوطنى أن يدخلوا الميدان ويخرجوا منه سالمين؟، وقدم الدفاع إقرارات من الشهود الذين سبق وشهدوا ضد عودة تؤكد عدم رؤيتهم له يحرض أو يدفع أحدًا على ارتكاب موقعة الجمل. وخرج عودة ليتحدث للمحكمة مرتديًا زى السجن الأبيض، وظهرت عليه علامات الإرهاق والسن، وبكى قبل أن يبدأ الكلام وأمسك زجاجة مياه ليشرب منها بيد مرتعشة، ثم قال "بسم الله الرحمن الرحيم.. ربنا هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.. يا سيادة المستشار وحضرات المستشارين أشهد الله أنى سأقول لكم الحقيقة ولا شىء غير الحق، فأنا محمد عودة والحمد لله أنى كنت أتمتع بشعبية جعلتنى عضوًا بمجلس الشعب عن دائرة من أهم دوائر تجمع ريف وحضر، وكانت قلعة للصناعة تعج بالمسلمين والمسيحيين جنبًا إلى جنب، وشرفت بالنيابة عنها منذ عام 1971، ومنذ ذلك التاريخ وأنا نائب للمنطقة أعمل فيها بجد ونشاط، "أنا فلاح لكنى ناصح وفصيح"، وكان ينادينى الدكتور فتحى سرور قائلاً: أين الفلاح الفصيح؟. وأوضح عودة أنه سيتحدث فى نقطتين، أولهما: قاضى التحقيق حامد راشد "سامحه الله"، الذى كان وكيل نيابة فى شبرا حين كان هو عضوًا بالبرلمان منذ 10 أو 12 عامًا، وحينها طلب منه الاجتماع مع صهره الحاج إبراهيم الديب لأنه يريد شراء قطعة أرض، وحاول التوسط فى عملية البيع لكن عودة أصر على السعر، وقال إن السنوات مرت حتى وجدت راشد يسألنى فى تحقيقات هذه القضية وقد وقف لى بالمرصاد ولم يكن محايدًا وقال فى لهجة تهديد: "أنا من الإخوان المسلمين"، وأجاب العمدة عليه قائلاً: على عينى ورأسى، وهل الإخوان فزاعة يقطفوا رءوس الناس؟، إن الله يأمركم بالعدل"، وأكمل العمدة: أن كلماته جعلت قاضى التحقيق يصرخ مناديًا الحرس لإخراجى من غرفة التحقيق.. واتهم عودة قاضى التحقيق بأنه ادعى عليه زورًا وبهتانًا، ولم يكن محايدًا معه، خاتمًا حديثه بأنه لم يكن طوال تاريخه إلا خادمًا لدائرة أهل شبرا، وطلب إخلاء سبيله هو و9من زملائه المحبوسين أسوة بباقى المتهمين فى القضية، وخاصة أن عيد الأضحى القادم هو العيد الثالث الذى يمر عليهم وهم مسجونون بما يقارب عام ونصف.