علمت المصريون أن مجموعة أمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك تجري حاليا اتصالات ومشاورات فيما بينها ، للبحث عن صيغة للخروج من الحزب الوطني وتشكيل حزب جديد باسم المستقبل تعبر عن الأفكار والطروحات التي تتبناها المجموعة ، وخاصة بعدما فشلت فشلاً ذريعاً في فرض وجهة نظرها علي الحزب ولاقت هزيمة ساحقة علي يد الحرس القديم ، الذي فرض الأغلبية الساحقة من مرشحيه رغم الموقف المعارض من مجموعة السياسات لهذه الترشيحات. مصادر سياسية مطلعة أوضحت أن ما اعتبرته المجموعة هزيمة من الحرس القديم وتأييد الرئيس مبارك له ، قد شجع المجموعة علي التفكير جلياً في مغادرة الحزب بعد أن أصبحت عملية فرض سيطرتها علي الحزب والتخلص من الحرس القديم أمرا شديد الصعوبة ، ودللت المصادر علي هذا الأمر بسيل التصريحات الغاضبة التي جاءت علي لسان الدكتور حسام بدراوي خلال مشاركته في منتدى مصر الدولي الاقتصادي ، والتي انتقد فيها الحزب الحاكم بسبب حرصه علي الاستحواذ علي أغلبية مطلقة في مجلس الشعب ، مضحيا بالسير قدما في عملية الإصلاح بحجة الخوف من انهيار النظام (!!) . وأشار بدراوي إلي أن هذا الحرص وخلو قائمة الحزب من الأقباط والمثقفين والنساء لن يؤدي لبرلمان قوي ، بل سيكون البرلمان القادم أسوأ من السابق . ومن جانب آخر ، جاءت تصريحات الدكتور أسامة الغزالي حرب أيضا لتدعم هذا الاتجاه ، حيث شدد علي وجود حرب طاحنة وصراعات شديدة داخل أروقة الحزب . وأكدت المصادر أن انحياز الرئيس مبارك للحرس القديم واستياءه من فشل مجموعة السياسات في أول اختبار جدي لها والمتمثل في فشلهم في إدارة حملة رئاسية ناجحة وحشد الناخبين بكثافة لدعم شرعية الرئيس - حيث لم تزد نسبة التصويت علي 23 % لم يحصل الرئيس منها إلا على 19 % - قد جعل هذه المجموعة تدرك أن لا جدوى من الاستمرار في الحزب في ظل الحرب الضروس التي شنها الحرس القديم عليهم ، وتصوير الأمر للرئيس بأن هيمنة مجموعة السياسات علي الحزب سيؤدي إلي كارثة أكبر خطورة من الانتخابات الرئاسية ، في حال فقدان أغلبية الحزب في مجلس الشعب وجعله تحت رحمة أحزاب المعارضة والمستقلين . وأوضحت المصادر أن هناك استياء شديداًَ داخل مجموعة السياسات من هيمنة الحرس القديم علي الحزب ونجاحه في اختصار عدد المرشحين المحسوبين علي لجنة السياسات إلي 12 مرشحاً فقط ، بل وإصراره علي إعادة ترشيح أعداد كثيرة من الراسبين في انتخابات 2000 / 2005 والمنشقين علي الحزب . وقد أسهم ذلك في عودة خيار حزب المستقبل إلي واجهة الأحداث مرة أخري وجعله الخيار الوحيد أمام تيار مجموعة السياسات للعودة للساحة السياسية بعد الهزيمة الساحقة أمام الحرس القديم . من جانبه لم يستبعد المحلل السياسي د. "السيد عوض عثمان" حدوث هذا السيناريو ، فالحرس القديم استطاع أن يسدد ضربة قاضية لمجموعة أمانة السياسات بإقناعه القيادة السياسية أن هيمنة هذه المجموعة علي الحزب والقرار تهدد وجود النظام نفسه ، ومن ثم فيجب تهمشها وعدم تكرار ما حدث في انتخابات الرئاسة في انتخابات البرلمان القادمة خصوصاً أن الثمن هذه المرة سيكون باهظاً . وأشار عثمان إلي أن فكرة حزب المستقبل تبقي هي الخيار الوحيد أمام مجموعة السياسات ، حيث لن تحصل علي فرصة في المستقبل تشابه الفرصة الذهبية التي حصلت عليها في انتخابات الرئاسة وفشلت فشلاً ذريعاً في استغلالها رغم الضجة الإعلامية التي إثارتها حول نجاحها ، وشدد عثمان علي أن الحرس القديم يحكم سيطرته علي أوضاع الحزب بهيمنة علي أمانة التنظيم وتشكيلات الحزب في المحافظات ، ولا يوجد إمكانية حاليا قبل خمس سنوات علي الأقل للتخفيف من حدة هذه السيطرة . ولهذا فليس أمام مجموعة السياسات إلا تأسيس حزب جديد لتنفيذ برنامجهم ، غير أن هذا يرتبط بموقف القيادة السياسة التي تسود حالة من الضبابية حول موقفها من مسألة حزب المستقبل .