(1) أنا رجل أعشق مصر : لم يكن السبب فتاة من "المنصورة" اختلطت فيها الأعراق فشكّلت حُسناً خرافياً، ولم يحدث لى مثلما حدث لسنتياغو - بطل رواية الخيميائى- عندما سحرته فتاة من "الفيوم"، ولم يسبق لى أن شربت من مياه النيل.. النيل لا ينتظرك لتذهب إليه، لو فتحت أى شباك فى أى بيت عربى سترى النيل يجرى.. أغنيات ومواويل وقصائد وهدير وصهيل وحكايات مجد ووجد ونخيل. لا يحتاج العربى أن يذهب إلى مصر .. مصر تأتى إليه فى عقر داره: من منّا لم يُصب بوجع الشجن المنبعث من نايها وكمانها؟ من منّا لم يسبق له أن عالجه أحد أطبائها؟ من منّا لم يقرأ كتابًا خطّته يد أحد مبدعيها؟ من منّا لم يعلمه أحد مدرسيها؟ من منّا لم يهتز طربًا على أحد مقاماتها؟ من منّا لم تُضحكه - من القلب - نكتة ابتكرها أحد ساخريها؟ هى مصر: لها وجودها فى ذاكرتنا، ولها جودها فى أحلامنا.. هى "مصر".. وكفى، ويكفى مصر أن تقول: مصر . يقول التاريخ: لم يقف فى وجه التتار -ويهزمهم- إلا رجالها. يقول التاريخ: منها خرج القائد والجيش الذي هزم الصليبيين الغزاة. يقول التاريخ: إنها فى رمضان حطمت خط بارليف وكسرت الجيش الذى لا يكسر . يقول التاريخ: كم أعشق "الجغرافيا" التى شكّلتها! (2) أنا رجل أعشق مصر .. وأسبابى لا تعد ولا تحصى. هل أول الأسباب هى أول هدية يمنحها لى والدى بطفولتى عندما عاد من السويس: بذلة ضابط مصرى؟ أم أن السبب: الشعراوى، العقاد، بليغ حمدى، مصطفى محمود، زويل، أمل دنقل، عبدالناصر، نجيب محفوظ.. وقائمة طويلة من الأسماء العظيمة فى كافة المجالات والإبداعات الإنسانية. الحب لا يحتاج إلى تبرير، فأهم أسباب الحب هو : الحب.. نفسه. (3) نامت طويلاً ، وآمنت - دائماً - أنها ستصحو قريبًا .. وعندما تصحو مصر : تطرد بقية العواصم العربية النعاس عن عينيها. وعندما تعتز مصر .. يسرى تيار العزة فى البيوت العربية كافة ليشعل أضواء الحلم. مصر / المكان.. الذى يمنحنا المكانة. مصر التى نحبها قادمة.. فاستعدوا لاستقبالها. twitter | @alrotayyan