قوبلت حركة التغيرات الأخيرة داخل الحزب الوطني ، والتي اعتمدها الرئيس مبارك يوم الخميس الماضي، بعدم ارتياح من قبل قيادات الحزب الحاكم التي كانت تعول عليها في إجراء تغييرات أشمل في كافة أمانات الحزب على مستوى الجمهورية ، وبخاصة بعد الفشل الذريع في الانتخابات التشريعية. ووفقًا لما ذكرته مصادر مطلعة ؛ فقد تمت التغييرات طبقًا لرؤية صفوت الشريف الأمين العام للحزب وعلى خلاف رغبة جمال مبارك أمين لجنة السياسات ، الذي كان يرغب في إجراء حركة تغيير شاملة تطيح بكل الأسماء القديمة وتدفع بالعناصر الشابة الموالية له. وأرجعت المصادر تأخير إعلان هذه الحركة إلى الخلاف الشديد الذي نشب بين الشريف وجمال مبارك حول هذه المسألة ، إلى أن حسم الأمين العام للحزب الأمر لصالحه بإقناع الرئيس بعدم سلامة الرأي الداعي للإطاحة بكل رجال الحرس القديم. وقد ضمت حركة التغييرات بعض الوجوه المعروفة بعلاقاتها بالحرس القديم ؛ ومنها قدري أبو حسين عضو مجلس الشعب السابق الذي عين أمينًا للحزب بسوهاج خلفا لأحمد عبد العال الدردير، ويعرف عنه علاقته الوثيقة بصفوت الشريف وكمال الشاذلي الأمين السابق للتنظيم. وهناك أيضًا أحمد محمود علي أبو نازل (السويس) وخيرت محمد عثمان (قنا) وصلاح الدين حسين غنيم (دمياط) وشهاب الدين فكري عبد الحميد (المنيا)؛ وهؤلاء جميعًا معروفون بصلاتهم الوثيقة بالحرس القديم. كما صدر قرار بتعيين محمد عبد المحسن صالح أمين الحزب الوطني بأسيوط سابقا عضوًا بالأمانة العامة للحزب الوطني ومشرفا على أمانة المجالس الشعبية المحلية. ولفتت المصادر إلى أن جمال مبارك فشل أيضًا في الإتيان بوجوه شابة في التعديلات الأخيرة ؛ إذ إن أكثر من نصف الأمناء الجدد تعدوا الستين أو الخمسين عامًا؛ وفي مقدمتهم قدري أبو حسين سوهاج (66 عامًا) ومصطفى عبد العزيز عقل (60 عامًا) ومحمود سامي عمر المنوفية (60 عامًا) وحسين عبد الرازق عدس (56 عامًا) وأحمد محمود علي أبو نازل (56 عامًا). وأوضحت أن التغييرات الجديدة تدحض التصريحات التي سبقت إجراءها بالإتيان بوجوه شابة وتجديد شباب الحزب؛ إذ لم يعين من الشباب في مناصب أمناء المحافظات إلا أشرف عبد العزيز أمين الحزب بالفيوم (43 عامًا) وعبد الرحمن أحمد سليم ببني سويف (42 عامًا). واعتبرت أن التغييرات بمثابة فشل لمبارك الابن في بسط سيطرته على الحزب، رغم تخلصه في الفترة السابقة من العديد من أبرز وجوه الحرس القديم. ورأت في اختيار الأغلبية الكاسحة من بين أمناء التنظيم ورؤساء المجالس الشعبية المحلية دليلاً قاطعًا على أن الحرس القديم لا يزال يلعب دورًا مهما داخل الحزب، وأن حديث بعض الشخصيات المقربة من لجنة السياسات عن إضعاف هذا التيار لا يتجاوز الفرقعات الإعلامية. وكشفت المصادر أن جمال مبارك كان يرغب في اختيار شخصيات تحظى بالشعبية في المحافظات التي شهدت تراجعًا كبيرًا للحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية الماضية ؛ وخصوصًا من رؤساء الجامعات السابقين، إلا أن الشريف رفض هذا الأمر بحجة افتقاد رؤساء الجامعات للخبرة السياسية والحزبية التي تجعلهم قادرين على استعادة أرضية الحزب السياسية والشعبية. ومن أبرز الذين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة نتيجة عدم إدراج أسمائهم في حركة التغييرات الدكتور محمد عبد اللاه رئيس جامعة الإسكندرية، الذي كان قد حصل على وعد بتعيينه أمينًا للحزب بالإسكندرية، لكنه فوجئ بالإبقاء على الدكتور محمد سعيد الدقائق أمينًا عامًا . وازداد إحباط عبد اللاه بسبب تركه رئاسة جامعة الإسكندرية بعد بلوغه السن القانونية وإحالته للمعاش ، وهو المنصب الذي توقعت مصادر أن يحتفظ به بقرار جمهوري تعويضًا له عن عدم اختياره لرئاسة أمانة الحزب. وتوقعت أن يسعى جمال مبارك لدى والده للإطاحة بصفوت الشريف في أقرب فرصة، في إطار سعيه لفرض مجموعة رجال الأعمال المقربين منه على مقاليد الأمور في الحزب، وذلك بعد الضربة القوية التي تلقاها في حركة التغييرات