وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في موقف مُحرج بشكل غير مباشر، خلال كلمته في المؤتمر الصحفي مع مستشار النمسا سباستيان كورتس، بعد أن أكد على أن مصر كانت وما زالت تتمتع بالالتزام الأخلاقي والإنساني تجاه المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين. ولفت «السيسي» إلى أن مصر لديها ما يقرب من 5 ملايين لاجئ، لم تزايد عليهم ولم تبتز أي دولة بشأنهم، مشددا على أنه تم التعامل معهم على أنهم مواطنون، ومن حقهم أن يجدوا فرصة. وأضاف الرئيس السيسي،: "ال5 مليون و11 ألف خلال 2018 موجودين، ولم نسمح لهم بالتحرك تجاه أوروبا، ولم يخرج قارب واحد على متنه مهاجرون، لم نسمح للأفارقة اللاجئين أن يخرجوا من مصر ويكون مصيرهم الغرق في البحر، هذا التزام لا نقدر على تحمله أمام الإنسانية والتاريخ". وبدأ الرئيس السيسي، أمس الأحد، زيارته للعاصمة النمساوية فيينا، والتي تعد أول زيارة لرئيس مصري منذ 11 عاما، حيث حرص السيسي على تلبية دعوة نظيره النمساوي ألكسندر فان دير بيلين، لإجراء محادثات ثنائية تهدف إلى دعم العلاقات بين البلدين، إلى جانب المشاركة في أعمال المنتدى الأوروبي الإفريقي رفيع المستوى. ودائمًا ما يخرج الرئيس التركي ليطالب بدعم دولي له مقابل احتضان بلاده اللاجئين ومنعهم من الهجرة إلى أوروبا. ومؤخرًا طلَبَ ديوان المحاسبة الأوروبي من المفوضية الأوروبية، الضغط بشدة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ لكشف مصير المساعدات الأوروبية المقدرة بمليارات اليوروات التي سلّمتها دول أوروبا للسلطات التركية خلال السنوات الماضية؛ من أجل إقامة مشاريع إنسانية، وخدمات لمساعدت اللاجئين السوريين في تركيا الفارين من الإرهاب والحرب؛ مؤكداً أن تلك الأموال تحيطها الشكوك وشبهات الفساد من الجانب التركي. وقالت عضو ديوان المحاسبة الأوروبي "بيتينا جيكوبسن" للصحفيين في بروكسل: "يمكننا أن نلاحظ أن الأموال التي تمنحها أوروبا المخصصة لمساعدة اللاجئين السوريين في تركيا لا تصل إليهم.. هناك شكوك". جاء ذلك بعد أن صدر تقرير ديوان المحاسبة الأوروبي في 13 نوفمبر الماضي، يشكك في أن أموال المساعدات الأوروبية التي تقدّمها دول أوروبا للسلطات التركية من أجل أن تقيم للاجئين السوريين فيها مشاريع إنسانية، وتعليمية، ومياه، وسكن، وإنشاء شبكة لمياه الصرف الصحي، وجمع النفايات في مختلف المدن التركية؛ لا تصلهم ولا يستفيدون منها. واستنكر الديوانُ رفضَ الرئيس التركي أردوغان تسليم أوروبا قائمة بأسماء اللاجئين الذين تلقوْا تلك المنح والمساعدات المقدمة لهم؛ الأمر الذي أثار الشكوك والشبهات حول استخدام هذه المساعدات الإنسانية لأغراض أخرى؛ مما حدى بالمفوضية الأوروبية إلى التساؤل علانية: "أين تذهب الأموال الأوروبية؟". وكان ديوان المحاسبة الأوروبي قد دقق في مساعدة أولية سابقة بقيمة 1.1 مليار يورو مخصصة لحوالى 4 ملايين لاجئ في تركيا من السوريين بموجب اتفاق أُبرم في 2016 للحد من تدفق اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبى، وأعرب الديوان عن الأسف لعدم تمكنه من معرفة المستفيدين من المساعدات ومَن تلقى المال فعلياً؛ لرفض حكومة أنقرة كشف أسماء المستفيدين، ونوع المساعدة التي قدمتها بحجة حماية البيانات. وقال الديوان في التقرير: "في الظروف الصعبة، ساعدت المشاريع الإنسانية اللاجئين على تأمين حاجاتهم الأساسية؛ لكن استخدام الموارد المالية الأوروبية لم يكن صائباً"؛ مذكراً بوجود خلافات بين المفوضية الأوروبية، والسلطات التركية حول تطبيق مشاريع إنسانية للاجئين. وبحسب عضو الديوان "بيتينا جيكوبسن"، التي تعمل منذ أكثر من 3 سنوات في هذا المجال؛ فإنها المرة الأولى التي تواجه فيها المفوضية مثل هذا الرفض؛ موضحة أن وكالات الأممالمتحدة وهيئات أخرى مشاركةً في مشاريع مرتبطة بهذه المساعدات فرضت مراقبة مالية داخلية. وقد أثار تقرير ديوان المحاسبة الأوروبية الشكوك حول جدية الرئيس التركي أردوغان في إيصال المساعدات المخصصة إلى اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، والتخوف من تحويلها لاستخدامات أخرى مشكوك فيها؛ وذلك بسبب رفض السلطات التركية المتكرر تسليم قائمة بأسماء المستفيدين من تلك الأموال؛ مما جعل ديوان المحاسبة الأوروبي يوصي بتوجيه طلب للسلطات التركية لكشف بيانات اللاجئين المستفيدين قبل تسليم الجزء المقبل من مساعدات ال3 مليارات يورو المتوقع تسليمها بنهاية 2018 و2019.