الفقراء يلجأون لأدوية الأرصفة بعد ارتفاع أسعارها نائب: نحن أمام كارثة حقيقية يمكن أن تصيب المواطنين بأمراض خطيرة أمين عام الصيادلة: حذرنا الصيدليات وطالبناها بسحب الأدوية وكان الرد رفض الشركات صيدلى: ارتفاع أسعار الأدوية ونقص بعضها سبب انتشارها "لا تشرب الدواء.. الدواء فيه سم قاتل".. جملة جاءت في أحد الأفلام المصرية لتخطف قلوب المشاهدين بمجرد سماعها حتى الآن, والتي تحرك من خلالها قيادات محافظة القاهرة لإنقاذ مواطن فقير من الموت قبل أن يصله الدواء، بمجرد أن اكتشف الصيدلي أن تركيبة الدواء بها مادة قاتلة، لكن يبدو أن ما نشاهده في الأفلام لا يطبق على أرض الواقع. فقد شهدت الأيام الأخيرة انتشار بيع الأدوية الغالية والرخيصة المحلية والمستوردة في الأسواق وعلى أرصفة الشوارع دون محاسبة أو منع بيعها، من خلال أشخاص استغلوا الظروف الاقتصادية التي يمر بها معظم الشعب المصري، وقاموا بترويج تلك الأدوية عليهم دون ضمير بهدف جني الأموال, والتي قد تكون أدوية منتهية الصلاحية أو أدوية مصنعة تحت "بير السلم" وغير مطابقة للمواصفات والتي قد ينتج عنها العديد من الأمراض الخطيرة أو تسبب الوفاة بأسعار أقل بكثير من ثمنها الذي تباع به في الصيدليات. وفي السياق ذاته قامت «المصريون» بجولة ميدانية داخل بعض الصيدليات الشهيرة المتواجدة بضواحي القاهرة الكبرى والتحدث إلى مالكيها لمعرفة تعليقاتهم على انتشار صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لبيع الأدوية بإحدى أسواق الجمعة الشهيرة بحي «إمبابة». ويقول "م.د" دكتور صيدلي يعمل في إحدى الصيدليات الشهيرة: "بيع الأدوية في الأسواق أمر كارثي وغير منطقي يهدد صحة الفقراء بشكل مباشر ويعكس صورة سلبية عن مستوى العلاج في مصر"، مضيفًا أنه من الممكن أن تكون هذه الأدوية مسروقة من إحدى الصيدليات أو منتهية الصلاحية وشخص ما تخلص منها". وأضاف ل«المصريون»: "أماكن بيع الأدوية معروفة وهي الصيدليات فقط وهذا وفقًا للقانون"، ويتابع في استغراب من إقبال بعض المرضى على شراء هذه الأدوية: "إزاي الناس بتضحي بصحتها كدة وتشتري أدوية مش معروف مصدرها إيه.. بيع الدواء سواء كان فى العيادات الطبية الخاصة أو على قنوات التليفزيون أمر خطير ومخالف للقانون". ويتابع: «يجب على المرضى عدم استخدام أي مستحضر دوائي إلا من خلال الصيدليات المرخصة والموجود بها دكاترة صيدليون لأنهم هم الخبراء بحسب خبرتهم الدراسية والعملية». وعن سبب انتشار هذه الظاهرة، أكد دكتور صيدلي آخر يدعى «أ.ع»، أن التخاذل في سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق هو السبب الرئيسي في ذلك، مؤكدًا أنه بوجود اتفاق بين وزارة الصحة وشركات توزيع الأدوية يطالب بسحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق، ولكن الشركات لا تسحب إلا القليل من هذه الأدوية. ويتابع ل«المصريون»: "أصحاب الصيدليات يقومون بإلقاء الكثير من الأدوية المنتهية الصلاحية في القمامة، لأنها تتراكم في الصيدليات وتأخذ مساحة كبيرة من المكان". واستطرد: "المريض الفقير أحد أطراف هذه الواقعة المهينة لأنه يشترى أدوية لا يعرف مدى صلاحياتها من عدمه، وهل تتناسب مع حالته المرضية أم لا، فأصبح في هذه الحالة هو الطبيب والصيدلي والمريض مما يمكن أن يتسبب له في كارثة صحية وهو لا يدري". وأكمل: "لم نستطع أن نلقي اللوم كله على المواطن الفقير الجاهل الذي يشتري شريط الدواء مقابل جنيهات بسيطة دون أن نسأل وزارة الصحة ونقابة الصيادلة ومباحث التموين وغيرها من الهيئات والجهات المسئولة عن المواطن المصري، الذي يجب ألا يترك لجهله أو لفقره ليشتري الأدوية من على الأرصفة وربما فيها سم قاتل، بدلًا من أن تشفيه من أمراضه". وعن سبب انتشار تلك الأدوية المغشوشة، أكد أن السبب يعود إلى ارتفاع سعر الأدوية ونقص بعضها في الأسواق، والذي أدى لانتشار أدوية «بير السلم»، وهذه القضية من القضايا التي يجب ألا يتم تجاهلها أو التساهل في تناولها، سواء بوجود أدوية مغشوشة في العديد من الصيدليات أو أدوية منتهية الصلاحية في الأسواق الشهيرة لأنها أزمة تهدد حياة المرضى. وفي آخر حديثه طالب وزارة الصحة، بالنظر إلى ظاهرة انتشار الأدوية المغشوشة التي أصبحت كارثة كبيرة تهدد حياة المواطنين لأن بعضها يتسبب في تسمم الكثير من المرضى والبعض الآخر يحتوي على مواد محرمة دوليًا. وعن بعض الأدوية التي يحتاجها المواطنون دون الرجوع للطبيب، أكد دكتور صيدلي آخر يدعي «ت.خ»، أن المضادات الحيوية الكثير من المواطنين يتناولونها بدون وصفة طبيب، مثل عقار «إلانتي بايتيك»، وكذلك حبوب «الباراسيتول» والتي عليها إقبال شديد لاعتياد بعض المرضى على تناولها، بالإضافة إلي حبوب الأنفلونزا، «الفلو اوت»، «والكونجستال» وحقن «الفلوموكس»، وحبوب آلام المعدة مثل «ليراكس». وتابع: "يوجد العديد من المسكنات التي تستخدم لعلاج الصداع، واعتاد على أخذها المريض دون استشارة الطبيب المعالج مثل حبوب «البنادول»، و«البروفينيد» وفورًا «كتافاست»، مضيفًا يوجد أدوية وحبوب آلام المعدة وسوء الهضم «لبراكس» فهذه كلها شائعة الاستعمال ومعظم تلك الأدوية موجودة في صيدليات الرصيف في الأسواق. وأكمل حديثه شارحًا بعض الالتزامات، والإرشادات الصحيحة التي يجب على أصحاب الصيدليات اتباعها أثناء تخزين الأدوية، مؤكدًا أن مخازن التخزين المتواجدة داخل الصيدليات معرضة لتفتيش فجأة دائمًا من قبل نقابة الصيادلة وقسم التفتيش، لمعرفة نوعية الأدوية والمواد الأخرى من قبيل أدوية المستشفيات، والأدوية المزمنة، والعيادات الشعبية، التي يحظر عرضها أو بيعها في الصيدليات الأهلية فهي من اختصاص تلك الجهات التابعة لوزارة الصحة. واستطرد: هناك عدة شروط يجب توافرها لتخزين الدواء بصورة صحية، أولها عدم تعرض الأدوية للشمس والحرارة العالية، مضيفًا يجب عدم تعرضها أيضًا للرطوبة، وتخزينها على رفوف معدة وترتيب الدواء، وتابع: "ممنوع نهائيًا صرف الأدوية التي مضى على تصنيعها فترة أكثر من الفترة المحددة لها". وفي سياق متصل استنكرت الدكتورة «شيرين ربيع»، الأمين العام لنقابة صيادلة الجيزة الواقعة الكارثية لتداول مجموعة من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لبيع الأدوية في بعض الأسواق، مؤكدة أن هذا المشهد غير آدمي بالمرة، ويجب على الموطنين اتخاذ الحذر من تلك الأدوية المعروضة لكونها منتهية الصلاحية. وأضافت «ربيع» ل«المصريون»، في تصريحات خاصة، أن نقابة الصيادلة حذرت من هذه الأدوية المنتهية الصلاحية، وطالبت كثيرًا بسحبها من الصيدليات؛ للحفاظ على صحة المواطنين وكان الرد عدم التزام تلك الشركات بطلب سحب الأدوية منتهية الصلاحية، مطالبة بمعاقبة تلك الشركات ووضعها تحت طائلة القانون لعدم التزامها بارتجاع الأدوية؛ لأن هذه الأمر أصبحت ناقوس خطر يهدد حياة المرضى. ومن جانبه قال النائب الدكتور محمود أبو الخير، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إن سبب انتشار بيع الأدوية في الأسواق وعلى الأرصفة، هو نتيجة فشل الوزارة والتفتيش الصحي بجانب عدم وجود رقابة حقيقية تمنع تلك المشاهد. وفي تصريح ل"المصريون"، قال "أبوالخير"، إن بيع الأدوية بهذه الطريقة يؤدي إلى كارثة يمكن أن تصيب المواطنين بأمراض خطيرة ومزمنة, حيث إن هناك طلب إحاطة سوف يتقدم به ضد وزارة الصحة والإهمال الموجود لمعرفة أسباب ذلك. وتابع عضو مجلس النواب: "الإقبال على تلك الأدوية من جانب المواطنين يأتي بسبب الأحوال المعيشية التي يمر بها المواطنون سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، وعدم الثقافة والفقر الذي يعاني منه معظم الشعب المصري، وارتفاع سعر الأدوية، فهناك أدوية مسعرة من وزارة الصحة بسعر عالٍ لا يقدر المواطن على شرائه من الصيدليات، وفي نفس الوقت متاحة أمامه على الأرصفة، وفي الأسواق وبسعر أقل بكثير لذلك يفضل شراؤها من الأسواق والأماكن غير المخصصة لبيع تلك الأدوية. وأشار "أبوالخير"، إلى أن هناك أمراضًا كثيرة وخطيرة يمكن أن تصيب متعاطي تلك الأدوية نتيجة أن تلك الأدوية منتهية الصلاحية, وتسبب أمراض الفشل الكلوي والتهاب فيروس "سي" وغيرها من الأمراض التي تسعى الدولة لرصد مبالغ مالية ضخمة لعلاجها, موضحًا أن هؤلاء الذين يقومون ببيع تلك الأدوية يقومون بهدم ما تقوم به الدولة من علاج فقراء ومواطنين من أمراض مستعصية. ومن جانبه قال النائب خالد هلالى، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن أهم أسباب انتشار الأدوية المغشوشة هو ارتفاع الأسعار ونقص العديد من الأصناف ومنها على سبيل المثال أزمة "الأنسولين"، لافتًا إلى أن قرار تحريك أسعار الدواء كان الهدف منه توفير الأصناف الناقصة ولكن مازال هناك العديد من الأدوية مازالت ناقصة فى الأسواق المصرية. وأشار "هلالى"، ل"المصريون"، إلى أن هناك بعض الشركات الكبرى التى مازالت تتحكم فى سوق الدواء المصرى، وذلك بسبب عدم وجود سياسة سليمة للدواء ولا يوجد رقابة من قبل وزارة الصحة للعلاج الحر، وجهاز التفتيش الصيدلى غير موجود بالمرة، بالإضافة إلى الهيئة العليا للدواء غير الموجودة بالمرة فى أزمة الأدوية المغشوشة. وأوضح عضو مجلس النواب، أنه يوجد تقصير من وزارة الصحة، مطالبًا بتشديد الرقابة على سوق الدواء المصرى، وهذا هو دور لجنة الصحة بمجلس النواب ممثلة عن مجلس النواب بالكامل، مطالبًا بتضافر الجهود للقضاء على هذه الأزمة، وإعادة تشغيل مصانع القطاع العام المهملة التى لم تعد تنتج سوى 7% فقط بعدما كانت تنتج 90% من الدواء المصرى.