باتت التصريحات التي يطلقها الجانب الإثيوبي حول سد النهضة الذي تشيده أديس أبابا فوق نهر النيل، مصدرًا لجدل لا ينتهي في مصر، وكان آخرها تصريح سفيرها لدى السودان، حول حصة مصر من المياه. إذ أكد السفير مولوجيتا زودي، أن بلاده لن تقبل باعتماد اتفاقية مياه النيل الموقعة بين السودان ومصر عام 1959 باعتبارها مرجعية لمفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث. وصرح زودي لصحيفة "الصيحة" السودانية، بأن إثيوبيا غير معنية باتفاقية 1959 الموقعة بين القاهرةوالخرطوم، لأنه "من غير المقبول أن تستحوذ مصر على 55 مليار متر والسودان على 18 مليارا.. وإثيوبيا التي تأتي منها 80% من مياه النيل يكون نصيبها صفر". وتزامن ذلك مع تصريحات لوزير المياه الإثيوبي، سيليشي بيكلي، الذي أكد أن البناء في سد النهضة لن يتوقف ولو يوم واحد، وأن المفاوضات الجارية ليس لها أي علاقة باستكمال بناء السد من عدمه. وقالت الدكتور منى الطويل، الخبيرة في الشئون الإفريقية، إن "إثيوبيا مصرة على عدم البت في المشكلات الحقيقية حول تأثيرات سد النهضة، في الوقت الذي تقدم فيه مصر كافة الحلول الدبلوماسية حول الأمر، بينما تستمر إثيوبيا في إطلاق تصريحات لا تخدم المفاوضات بأي حال من الأحوال". وأضافت: "على المفاوض المصري، أن يؤكد على المفاوضين الإثيوبيين ضرورة حصر الإدلاء بتصريحات في شخصيات بعينها، خاصة وأنه كلما تحسنت الأجواء بين البلدين، يخرج تصريح من الجانب الإثيوبي يؤدي إلى مزيد من التعقيدات بين الطرفين، في وقت لا تتحمل فيه مصر من الأساس أي نوع من هذه التصريحات، غير المدروسة والعقلانية". وأشارت الطويل إلى أنه "لا يمكن أن تكون مصر ضد الرغبات والطموحات الإثيوبية في التطوير من الداخل، لكن صميم المشكلة أن إثيوبيا نفسها، لا تعطي فرصة لمصر لدراسة التأثيرات الكبيرة الناتجة عن طموحاتها ومشروعاتها الداخلية، والتي تتعلق بنهر النيل ومياهه". ولفتت إلى أنه "بالحديث عن نسب المياه، فإنه كون إثيوبيا دولة منبع لا يعطيها الحق في حصر المياه عن مصر والسودان، باعتبارهما دول مصب، ولا يمكن لمصر أن تقبل هكذا طريقة في المفاوضات". واعتبرت الطويل، أن "التصريحات الإثيوبية، لها دلاله واضحة على أنها ليست الوحيدة المسئولة عن المفاوضات إنما هناك دول أخرى (لم تسمها) لها مصلحة كبرى في تقسيم مياه نهر النيل، وتحاول الإضرار بالمصالح المصرية". من جهتها، قالت الدكتور هدى عبد العزيز، الخبير المائية، إن "الوضع مع إثيوبيا يزداد تعقيدًا بمضي الوقت، ولا يمكن أن تستمر مصر بنفس الأسلوب في المفاوضات مع هذا الجانب الذي يطلق التصريحات الاستفزازية، ولا يتم الرد عليه أو يتم طلب استيضاح بالطرق الدبلوماسية". وأشارت إلى أن "ذلك يأتي في الوقت الذي تؤكد فيه مصر بشكل مستمر على أنه لا استخدام للحول العسكرية التي تتقنها للغاية، باعتبارها تمتلك أقوى جيش المنطقة، وأحد أقوى الجيوش على مستوى العالم، وهو ما يجب أن تنتبه إليه إثيوبيا مع كثرة تصريحاتها، التي من الواضح أنها تأتي من اعتمادها على تأييد دول أخرى في المنطقة عليها". وشددت على أنه "يجب على مصر تنويع مصادر الضغط على الجانب الإثيوبي في مفاوضاتها على حصتها في مياه نهر النيل، وتأثيرات سد النهضة على هذه الحصة، بما أن إثيوبيا متعنتة في مفاوضاتها وتصريحاتها العدوانية تجاه مصر، عن طريق تقديم شكوى لمجلس الأمن لحفظ حقوقها، بالإضافة إلى مجلس الأمن السلم الإفريقي، والذي يعتبر المنوط بحل المشاكل بين الدول الإفريقية". وتابعت: "يجب على مصر أن تسرع في تقديم الشكوى، ومن غير المفهوم بالمرة، تلكؤ الحكومة المصرية في تقديم شكاوى لهذه المنظمات الإقليمية والدولية لحفظ الحقوق المصرية في مياه نهر النيل، وإيقاف إثيوبيا عند حدودها". وتمنح الاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان في 1959، القاهرة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا من مياه نهر النيل، بينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب.