موجة من ردود الفعل الغاضبة فجرها توقيف صحفيين خلال الفترة الأخيرة، أبرزهم عادل صبري، رئيس تحرير موقع "مصر العربية"، المحبوس احتياطيًا بتهمة إذاعة أخبار كاذبة، عقب مداهمة مباحث المصنفات، مقر الموقع، وألقت القبض عليه. تزامن ذلك مع شن هجمة شرسة على صحيفة "المصري اليوم"، وتغريمها مبلغ 150 ألف جنيه؛ بسبب "مانشيت" حول "حشد الدولة" الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اعتبرته السلطة غير مهني، وعلى إثره أُقيل محمد السيد صالح، رئيس التحرير. وأعقاب القبض على أحمد عبد الجواد، المصور بجريدة "الشروق"، وعادل عيسى المصور في موقع "مبتدأ"، الخميس الماضي، قبل أن يتم إطلاق سراحهما، بعد خضوعهما لتحقيقات، علاوة على القبض على الصحفي محمد أوكسجين صاحب مدونة "أوكسجين"، بينما تم منع الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة، رئيس تحرير جريدة "الأهرام" الأسبق، من الكتابة بجريدة "المصري اليوم". هشام قاسم الخبير الإعلامي، قال إن "الفترة الحالية التي تمر بها الصحافة المصرية، هي الأسوأ على الإطلاق، حيث لم تتعرض على مدار تاريخها لهجمة، مثل تلك الهجمة التي تُشن ضدها الآن". وأضاف ل"المصريون": "الحوار الذي أجراه الرئيس عبدالفتاح السيسي، قبيل الانتخابات الرئاسية، والذي استنكر خلالها ظهور الإعلاميين يوميًا أربع أو خمس ساعات، كان ذلك إشارة منه لبدء الهجوم الشرس على الصحافة، بهدف تقليص الإعلام". وتابع: "هناك هجوم عام ومنتظم الصحافة ككل، وحديث الرأي الرئيس عن احترام وجهات النظر المختلفة مجرد كلام، إذ إن الواقع غير ذلك تمامًا". واستنكر 5 أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين المصريين ما وصفوها بالهجمة المتصاعدة ضد الصحافة وحريتها، قائلين إن "تلك الهجمة وصلت لذروتها بحبس الزميل عادل صبري، رئيس تحرير موقع مصر العربية، باتهامات جميعنا يعلم أنها لا تمت للحقيقة بصلة" وأشاروا، في بيان لهم إلى أنه "قبل قرار حبس الزميل عادل صبري كانت أزمة المانشيت الشهيرة تلقي بتبعاتها على استقرار صحيفة المصري اليوم، ورغم مهنية المانشيت، فإن الأزمة تصاعدت، ووصلت لحد فرض غرامات، وإحالة رئيس تحريرها السابق للتحقيق، ومطالبة الصحيفة بالاعتذار، بل واستمرت الهجمة المتصاعدة على الصحيفة حتى تمت إقالة رئيس التحرير الزميل محمد السيد صالح، وإحالته مع عدد من الزملاء محرري الجريدة إلى التحقيق في نيابة أمن الدولة العليا". وأضافوا: "قبل هذه الأزمات، كانت الهجمة مستمرة عبر حجب مئات المواقع، وحبس زملاء احتياطيًا بالمخالفة للقانون، ووقف أعمدة للكتاب في الصحف، وإحالة زملاء للتحقيق بلا أسباب، والتشهير بزملاء في صحف ومواقع يتم تمويلها من أموال الشعب، والقبض على الزميلين حسام السويفي وأحمد عبد العزيز من على سلم النقابة، وحبس الزميل معتز ودنان بعد أن أجرى حوارًا صحفيًا". وتابعوا: "حدث كل ذلك وأكثر وسط غياب كامل لنقابة الصحفيين ودورها، ورغم كل محاولاتنا لأن يكون هناك موقف واضح من النقابة ومجلسها، إلا أن كل المحاولات ضاعت وسط إصرار غالبية المجلس على أن كل شيء على ما يرام، بل واتهام الموقعين على هذا البيان بمحاولة افتعال الأزمات، رغم أن ما نطالب به هو الحد الأدنى المناسب لصد الهجمة على الصحافة والدفاع عن حرية وكرامة الزملاء". ونوهوا إلى أنهم طالبوا بفتح "حوار مع مؤسسات الدولة لوقف هذه الهجمة على الصحافة والصحفيين، إلا أننا فوجئنا برفض واضح من النقيب وأكثرية أعضاء المجلس لهذه المقترحات، وتأكدنا أن ما سيخرج عن الاجتماع لا يرقى للحد الأدنى من الدور النقابي المطلوب، رغم الغضب الذي يسيطر على الكثير من الزملاء، بعد الهجمة الأخيرة على الصحافة وحريتها، وعلى الزملاء الصحفيين". ووقع على البيان كل من جمال عبد الرحيم، ومحمد خراجة، وعمرو بدر، ومحمد سعد عبد الحفيظ، ومحمود كامل. أيضًا، أبدت 34 شخصية ما وصفوها بالهجمة الشرسة ضد حرية الصحافة في مصر، مشيرين إلى أن الهجمة ضد الصحافة شملت "مداهمة وإغلاق موقع مصر العربية وحبس رئيس تحرير الموقع عادل صبري وأحد المحررين بالموقع، وفرض غرامة ضد الموقع وضد صحيفة المصري اليوم، وإقالة رئيس تحريرها، ومنع نشر مقال الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة بها، والقبض على مصورين صحفيين آخرين، بينهم محمد أكسجين، واستهداف المراسلين الأجانب". وقالوا إن "هذه الهجمة الجديدة تستهدف القضاء على ما تبقى من أصوات حرة ومستقلة تمثل ضمير المجتمع المصري، بعد نجاح السلطة في تأميم غالبية القنوات والصحف لصالحها، وفرض سياسة الصوت الواحد عليها، ما حرم الشعب المصري من تنوع مصادر المعرفة، ومعرفة حقيقة ما جرى في الانتخابات الأخيرة". وأعلنوا، في بيان مشترك لهم "تضامنهم الكامل مع الصحفيين المحبوسين في هذه الهجمة وما سبقها من هجمات، التي ضمت عشرات الصحفيين والمراسلين من قبل". وأكدوا أن "استمرار هذه الهجمات ضد حرية الصحافة سيصنع المزيد من التوتر في المجتمع المصري، وسيسهم في تفشي الفساد في ظل غياب الرقابة الشعبية الممثلة في الصحافة الحرة، كما سيدفع الناس للبحث عن المعلومات والأخبار في الإعلام الأجنبي". وطالبوا بسرعة الإفراج عن "الصحفيين السجناء، سواء ضمن الحملة الأخيرة أو ما سبقها من حملات"، مطالبين أيضًا ب"عودة المواقع المحجوبة، والصحف والقنوات المغلقة، واحترام الدستور الذي ضمن للمصريين حقهم الكامل في التعبير عن الرأي والتمتع بصحافة حرة ومستقلة".