على الرغم من تعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مقابلة مع المخرجة ساندرا نشأت قبيل الانتخابات الرئاسية، وفي كلمته عقب إعلان فوزه بولاية رئاسية ثانية، وكذلك في أكثر من لقاء وحوار، باحترام الحريات العامة، وكذلك قبول وجهات النظر المختلفة، إلا أن ما حدث عقب يومين فقط من إعلان فوزه، وحتى الآن أثار تساؤلات حول مصير تلك التعهدات. وخلال حوار "شعب ورئيس"، أعرب السيسي عن احترامه لحرية الرأي والتعبير، قائلاً إن المواطنين أحرار فيما يقولون، ولا يُمكن أن يفرض أحد عليهم أي وصاية. وتابع: "الناس حرة تمامًا في كل آرائها وتصرفاتها، لكنهم غير أحرار في أن يؤذوا الناس بعمل عنيف". غير أنه بعد يومين فقط من إعلان فوز السيسي، بولاية رئاسية ثانية، داهمت مباحث المصنفات، مقر موقع "مصر العربية" الإخباري، وألقت القبض على رئيس التحرير عادل صبري، وأغلقت المقر، بزعم إدارته بدون ترخيص. ولاحقًا، قررت النيابة حبسه 15 يومًا بتهمة إذاعة أخبار كاذبة. كما تم شن هجمة شرسة على صحيفة "المصري اليوم"، وتم إجباره على تغييره، بسبب مانشيت حول "حشد الدولة" للناخبين في اليوم الأخير من انتخابات الرئاسة، وتم تغريمها 150 ألف جنيه، إضافة إلى إقالة محمد السيد صالح، رئيس التحرير، وحجب جزئي للموقع. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تم إلقاء القبض على أحمد عبدالجواد، المصور بجريدة "الشروق"، وعادل عيسى المصور في موقع "مبتدا"، الخميس الماضي، قبل أن يتم إطلاق سراحهما، بعد خضوعهما لتحقيقات. الأسبوع الماضي كذلك، تم منع صحفيين من الكتابة، كان أبرزهما عبد الناصر سلامة، رئيس تحرير جريدة الأهرام الأسبق، كما تم إضافة موقع "المنصة" إلى قائمة المواقع المحجوبة أمام مستخدمي الإنترنت في مصر، ليصل عدد المواقع المحجوبة إلى نحو 500 موقع، بحسب إحصائيات غير رسمية. الدكتور سامي الشريف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، وعميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات، قال في تصريح إلى "المصريون"، إنه ضد أي محاولة لمنع الإعلاميين من التعبير عن وجهات نظرهم بحرية، وكذلك ضد إغلاق أي صحيفة أو قناة أو برنامج؛ نظرًا لأن ذلك يُعد إغلاق لنافذة من نوافذ الحريات. وشدد في الوقت ذاته على أنه "عندما تمر البلاد بحالة حرب وصراع، فمن حقها اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية أمنها القومي"، مشيرًا إلى أن "مصر تمر حاليًا بحالة حرب حقيقية، ومن حقها وضع ضوابط تحفظ لها أمنها". وتابع: "عندما تضع لدولة مجموعه من الضوابط، فمن الواجب على وسائل الإعلام إتباعها والالتزام بها". وبرأي الشريف، فإن "ما قامت به المصري اليوم، أو رئيس تحريرها، لم يكن موفقًا، لكن على الرغم من ذلك، لا يجب إغلاق صحيفة لهذا السبب، بل يجب تنبيها". وتابع: "أطالب الضمير الإعلامي المهني، بالحفاظ على بلده في ظل الأزمات والتحديات التي تواجه الدولة"، وحينما تتعرض الدولة لأزمات فمن الواجب الاصطفاف الإعلامي والتخلي عن المكاسب الشخصية خلال تلك المرحلة". الشريف قال: "القاعدة تقول إذا كنت تريد حرية إعلام، وارتكب ذلك الإعلام أخطاء، فالحل مزيد من الحريات".