البرعى: يتعارض مع الدستور.. هيكل: الأمر سيكون متروكًا للقضاء.. وعبدالسلام: يزج بأبرياء فى السجون دون دليل على إدانتهم جدل برلماني وقانوني فجرته موافقة مجلس النواب، في جلسته الثلاثاء الماضي على مشروع قانون تعديلات قانون العقوبات والذي يحتوي على 3 مواد، وتحديدًا حول المادة الثانية الخاصة بعقوبة حيازة المفرقعات واستيرادها بعد قيام اللجنة التشريعية، بحذف الفقرة الأخيرة المقدمة من الحكومة والخاصة بإعفاء أقارب المتهم من زوج وزوجة أو أي من أصوله من العقوبة. وأعرب النائب ضياء الدين داوود عن رفضه حذف الفقرة، مرجعًا ذلك إلى كونه يحمل شبهة عدم دستورية، فيما اعترض النائب طلعت خليل، قائلاً: "مش معقول الأب يبلغ عن ابنه أو أم عن ابنها أو العكس، هذا ضد المنطق". بينما دافع النائب محمد أبوحامد عن الحذف، قائلاً إن "فلسفة المادة هي القضاء على البيئة الحاضنة للعناصر الإرهابية حتى لو لأقرب الناس إليهم"، مضيفًا: "هذه الفقرة تقضي على العناصر الإرهابية، لأن الأب الذي يتستر على ابنه يفتح مجال لسقوط عدد كبير من الضحايا". وقال الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس: "ما يحدث في أماكن العمليات قد لا يصدقه عقل، وجوهر المادة هو المصادرة، ونسق المشرع بشكل عام يحافظ على صلة الأرحام ولذلك يعفي باستمرار الزوج والزوجة من العقوبة في بعض الحالات، وهذا ما سار عليه المشرع في مشروع الحكومة، والفلسفة من ذلك هو عدم تقطيع صلة الأرحام، ولكن نحن أمام واقع مرير كشف عن كثير من الجرائم تم فيها التستر على الجاني من أسرته والمقربين من أم وأب وأخ وابن، في هذه الحالة فالأمر يزداد تعقيدا خاصة في الأماكن ذات الطابع القبلي الذي لا يمكن فيها معرفة مكان الجاني". وأضاف: "نحن أمام اعتبارات تفرضها الصياغة التشريعية التي سار عليها المشرع المصري في العقوبات وكان يحمى الفروع ولكن الواقع له واجهته ولا يمكن إغفاله من المشرع". من جانبه، قال بهاء أبوشقة، رئيس اللجنة التشريعية، إنه "لو علم أب أن ابنه يحوز مواد متفجرة ومتجه لتفجير مؤسسة بالدولة، هل بمنطق البداهة أعفيه من العقوبة ليتمكن من إحداث كارثة، وهذه العلة التي رأت اللجنة أن الإعفاء أخذًا بجرائم الضرر أمر مرفوض ونقوص بالنسبة لجرائم الخطر هذا الحذف يتوائم مع فلسفة القانون في التشدد والحيطة". وعلق رئيس البرلمان، قائلاً: "أتفق مع المبررات التي ساقها أبوشقة لأننا أمام واقع مرير كشفت عنه الأيام الأخيرة خاصة في المناطق العائلية في الصعيد مستحيل أن يبلغ أم أو أب عن الابن"، مضيفًا: "اللجنة كانت حريصة على هذه الاعتبارات وفي النهاية هي جريمة عمدية وتترك هامش تقديرى للقاضي لاستجلاء الواقع". ووافق المجلس على حذف الفقرة والأخذ بالنص كما جاء من اللجنة. وتنص المادة الأولى على "يعاقب بالسجن المؤبد كل من أحرز أو حاز أو أستورد أو صنع مفرقعات أو مواد متفجرة أو ما في حكمها قبل الحصول على ترخيص بذلك وتكون العقوبة الإعدام إذا وقعت الجريمة تنفيذًا لغرض إرهابي". "كما يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع بغير مسوغ أجهزة أو آلات أو أدوات تستخدم في صنع المفرقعات أو المواد المتفجرة أو ما في حكمها أو تفجيرها ويعتبر في حكم المفرقعات أو المواد المتفجرة كل مادة تدخل في تركيبها ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية". و"يعاقب بالسجن كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة ولم يبلغ السلطات قبل اكتشافها، وتقضي المحكمة فضلاً عن العقوبة المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة بمصادرة محل الجريمة ووسائل النقل المستخدمة في نقلها والأدوات والأشياء المستخدمة في ارتكابها وذلك كله دون الإخلال بحقوق لغير حسن النية". وقال المحامي والناشط الحقوقي، نجاد البرعى، إن "التعديلات التي أجراها البرلمان على قانون العقوبات، إحياءً لنصوص قانون تتعارض مع الدستور". وأعرب عن رفضه للتعديل الخاص بحبس أسرة المتهم بحيازة المفرقعات، قائلاً ل"المصريون": "من الصعب معرفة ما إذا كان الأب أو الابن يحمل في حقيبته مواد متفجرة أو مفرقعات من عدمه، إلا إذا كان لابد أن يقوم الأب مثلًا بتفتيش حقائب وشنط ابنه كلها وهذا من الصعوبة تنفيذه". وقال المحامى أسعد هيكل، إن "تشديد العقوبات هو نهج واضح يسير عليه مجلس النواب الحالى مع كل تعديل جديد على مواد قانون العقوبات، متأثرًا في ذلك بالحالة الأمنية التي تمر بها البلاد". وأشار إلى أنه على سبيل المثال تم تشديد العقوبة في جريمة خطف الأطفال لتصل إلى السجن المؤبد والإعدام، وكذلك الحال في مشروع التعديلات التي أدخلت علي المواد التي تعاقب علي حيازة أو تصنيع المفرقعات والمواد المتفجرة، لتصل العقوبة إلى السجن المؤبد وأحيانًا إلى الإعدام إذا وقعت الجريمة تنفيذًا لغرض إرهابى. وأوضح، أنه "ليس أمرًا جديدًا أن يعاقب القانون كل من علم بارتكاب جريمة، ولم يبلغ السلطات المختصة قبل تنفيذها، فقد كان النص السابق يجرم ذلك أيضًا، وهو تعديل أضيف عام 2015؛ كرد فعل مشدد ، نتيجة الحوادث الإرهابية التي تتعرض لها مصر". وأشار إلى أنه "يبقى هناك تحفظ على القانون، وهو الخوف من أن يقع بعض من أقارب المتهم ضحايا لهذه العقوبات المشددة، إذا كانوا حسني النية، لا يعلمون بوجود مفرقعات أو متفجرات بحوزته، وفي هذه الحالة يكون الأمر متروكًا لتقدير محكمة الموضوع التي تتولي المحاكمة، بعد استبعاد مقترح الحكومة بإعفائهم من العقاب بشكل مطلق". وقال المحامى عمرو عبدالسلام، نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، إن "الجريمة والعقوبة شخصية ولا يتعدي أثرها إلى غيرها من الفاعلين أو الشركاء في الجريمة، وهذا المبدأ مستقر عليه في كافة التشريعات السماوية والوضعية في جميع دول العالم، فلا يؤخذ شخص بذنب شخص آخر حتى ولو كان آباءه أو أبناءه أو زوجاته أو أشقاءه، بالإضافة إلى وجود مانع أدبي يحول الآباء أو الأبناء أو الأزواج من التبليغ عن ذويهم، وهذا المبدأ يتفق مع الفطرة والمشاعر التي خلق الله الناس عليها، بالإضافة إلى أن هذا المبدأ مستقر عليه في قانون العقوبات بإعفاء الزوج ولزوجه والأقارب حتى الدرجة الرابعة من إيواء أو التستر على المتهمين الهاربين من العدالة بسبب الترابط الأسري. وأضاف: "القانون معرض للطعن عليه بعدم الدستورية؛ إذا ما تم الطعن عليه بعد نشره في الجريدة الرسمية؛ لأن الصياغة التى تمت صياغة مطاطة فضفاضة غير محددة لأركان جريمة التستر، والتي تقوم على ركن ثبوت العلم اليقيني لأهلية المتهم بحيازته للمواد المتفجرة". وحذر من أن "هذه التعديلات ستفتح الباب على مصراعيه للزج بآلاف الأسر داخل السجون، واتهامهم دون إقامة الدليل على علمهم؛ لأن معظم هذه القضايا سيكون الدليل الأوحد عليها هو محضر التحريات الذي يقوم بتسطيره الأجهزة الأمنية بناء على المعلومات التى يقوم بتجميعها من خلال مصادره السرية، والتى قد يغلب عليها شبهة الانتقام والكيدية، بالإضافة إلى أن التحريات وحدها لا تكفى في ثبوت علم أهلية المتهم بما يفعله ذووهم؛ لأن ثبوت العلم أو نفيه يحتاج إلي قيام القائم بالتحريات بمراقبة ما يدور داخل منزل المتهم، وعلاقته مع ذويه، وهو من المستحيل أن يتم على أرض الواقع.