مابين الخوف والطمع تنحصر مأساة المرضى، الذين تم شفاؤهم فى مستشفيات الأمراض العقلية.. لكن أسرهم ترفض الاعتراف بهذا الشفاء والخوف من نظرة المجتمع للأسرة التى يمرض أحد أبنائها نفسيًا أو عقليًا.. أما الطمع فسببه أن القانون يعتبر أن المريض العقلى مريض فاقد الأهلية، ومن ثم يتيح لأهله الحجر عليه والاستيلاء على ثروته. محصلة كل هذه الأوضاع المقلوبة أن هناك60%من نزلاء هذه المستشفيات صدر لهم إذن بالخروج، لكن أهاليهم لا يريدون وحولوا المستشفى لسجن لهم على نفقة الدولة حتى يموتوا.. وهذا ما يحدث حتى أن مستشفى الخانكة والعباسية وغيرهما اضطرت لإنشاء مقابر من عدة سنوات لمثل هؤلاء الذين يتهرب منهم أبناؤهم وأخوتهم وأباؤهم وأمهاتهم.. ويروى جميل عز العرب مريض سابق فى مستشفى الخانكة قضى ثلاث سنوات للعلاج فيها أو أجبر على الإقامة هناك، كما يؤكد حتى يستطيع إخوته أن يرثوا نصيبه من ميراث والدهم..أن مستشفى الخانكة الخارج منه مولود إذا استطاع الخروج منها واستلمه أهله، مشيرًا إلى أنه قبل خروجه قامت إدارة المستشفى بدفن أحد المرضى المتعافين، وكان يبلغ من العمر80عامًا، مؤكدًا أن هذا الرجل وفقًا للمستشفى دخل الخانكة عام81 لمعاناته وقتها من مرض نفسى لكن تحسنت حالته، وأرسلت إدارة المستشفى أكثر من مرة لزويية ليستلموه، مؤكدة لهم أنه تم شفاؤه إلا أن أهله رفضوا استلامه وكان يزوره شقيقه على فترات متباعدة، وبعد ذلك انقطع عنه، وظل هكذا حتى مات فظهر شقيقه مرة أخرى ليتسلم جثته، وتم دفنه بالخانكة.. وأضاف أن هناك حالة أخرى فى الخانكة كانت تبلغ من العمر81عامًا قضت فى العباسية 60عامًا دون أن يسأل فيه أحد ورغم أنه من الممكن كان يخرج بعد دخوله بأسابيع إلا أن مقابر الصدقة كانت أحن من أهله وذويه. ويرى الدكتور عبد الناصر شلبى، أستاذ الطب النفسى، أن المجتمع يصر على لفظ (مجنون) لكل من يدخل للعلاج فى المستشفيات النفسية، وهذه النظرة تخلق نوعا من رفض الأسرة لإرسال أحد أفرادها للعلاج أو استلامه عند تمام الشفاء. مضيفًا أن عمله فى المستشفيات النفسية جعله يرى عالم آخر من اللا إنسانية وعدم الآدمية فقد تعاطفت مع أحد المرضى ينتمى لأسرة مرموقة ودخل المستشفى لمعاناته من بعض الاضطرابات النفسية ومع مرور الوقت تحسنت حالته، وبدأ يتماثل للشفاء وعندما اجتمع مجلس المراقبة بالمستشفى المكون من لجنة ثلاثية، والذى يقيم حالة كل مريض كل عدة شهور أجمع على شفاء مريض ابن الأسرة المرموقة، وأكدت أنه لا داعى لبقائه بالمستشفى وصدر له إذن خروج، وبدأت إدارة المستشفى فى إنهاء إجراءات استيفاء أوراقه لمغادرته المستشفى وأرسلنا إلى شقيقه القيم عليه لحضوره لكى يستلمه ولكننا فوجئنا بأنه يرفض أن يستلمه ويطلب منا إبقاءه بالمستشفى إلى أجل غير مسمى، ونظرًا لهذا الموقف التعسفى غير المبرر من شقيقه قررت الإدارة التصريح للمريض بمغادرة المستشفى دون اشتراط صحبة ذويه له، وهذا ما تنص عليه إحدى مواد القانون رقم141لسنة 1944للصحة النفسية.. وكان من الضرورى أن نتقدم بطلب إلى المجلس الحسبى لرفع حجر شقيقه عليه، حتى يتمكن بعد خروجه من ممارسة حياته بشكل طبيعى دون وصاية عليه.. ولكن صادفنا أن المريض ليس معه بطاقة شخصية وجميع أوراقه مع شقيقه وعندما طلبنا البطاقة من شقيقه رفض بل هدد بإقامة دعوى قضائية ضد الإدارة إذا ساعدنا شقيقه، وبالفعل أقام عدة قضايا ضدنا وفى النهاية انتصر الحق. ومن خلال إحصائية حصلت عليها "المصريون" فإن مصر بها 7مستشفيات كبرى لعلاج المرضى النفسيين هى العباسية وتستوعب2171منهم 1210 رجال و961سيدة.. لكن عدد نزلائه حاليا 1916منهم 953رجلا و963سيدة.. ومستشفى الخانكة تستوعب 2109 ونسبة الإشغال100% وهذا المستشفى خاص بالرجال فقط.. ومستشفى حلوان يستوعب600مريض منهم462رجلا و138سيدة.. ومستشفى أسيوط يستوعب110منهم 76 رجلا و34سيدة.. ومستشفى بورسعيد تستوعب 165منهم 100رجل و65سيدة.. ومستشفى مصر الجديدة تستوعب 108منهم 90 رجلا و18سيدة ومستشفى المعمورة تستوعب900مريض منهم 597رجلا و303 سيدات..هذا بالإضافة إلى 8 مستشفيات أخرى صغيرة فى طنطا وأسوان وشبين الكوم وبنها وبنى سويف والمنيا وسوهاج والعزازى.