الناشط الحقوقي: تقريرا «هيومان رايتس ووتش» و«الأممالمتحدة» يحملان دلالات سياسية خطيرة على الدولة الانتباه لها الرد على ماورد بالتقرير يخفف من تداعياته على المستوى الدولي أطالب الرئيس بتشكيل لجنة لمكافحة التعذيب لنفى الادعاءات بوجود غطاء سياسى للانتهاكات المجلس القومى لحقوق الإنسان دوره استشاري.. وليس له سلطة تنفيذية ويكتفى بتقديم النصائح للحكومة الزج بالنيابة العامة في التقرير يستهدف تدعيم زعم المنظمة ب «منهجية التعذيب» قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن التقرير الذي أصدرته منظمة "هيومان رايتس ووتش"، يحمل بين طياته مدلولات سياسية خطيرة لابد أن تنتبه لها الدولة، خاصة أنها تحدثت عن منهجية "التعذيب"، في ظل استناد "المنظمة" على تقرير لجنة مناهضة التعذيب بالأممالمتحدة. وأكد أبو سعدة في حوار ل"المصريون" أن التقرير يفتح الباب أمام مقاضاة مصر دوليًّا ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة للرد على كل ما جاء بالتقرير، بالإضافة إلى رفع قضايا ضد مسئولين رسميين. وطالب أبو سعدة، الرئيس السيسى، باتخاذ إجراءات فعّالة من خلال تشكيل لجنة لمكافحة التعذيب، مكوّنة من المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمنظمات الوطنية الحقوقية وقانونيين؛ للرد على كل ما جاء بالتقرير، حتى يتم نفى وجود أي غطاء سياسى لجريمة "التعذيب". تقرير "هيومان رايتس ووتش" أحدث جدلاً واسعًا الفترة الماضية.. لاسيما أنه تحدث عن سوء الأوضاع الحقوقية داخل البلاد.. كيف تراه؟ التقرير تحدث عن حالات تعذيب حدثت داخل مصر، وهذا الأمر محله أن يقوم النائب العام بطلب المعلومات من المنظمة بشكل مباشر؛ لأنه لا يمكن نفيها بأقوال مرسلة، خاصة أنه لم يتم التحقيق فيها، وطالما لم يحدث ذلك ستظل هذه الأقوال صحيحة إلى أن يتم التحقيق فيها، على الرغم من أنه من الممكن أن يكون هناك ملاحظات على المنظمة واستخدام مصطلحات غير متفقين عليها مثل وصف 30 يونيو بأنه "انقلاب"، ولكن يظل جوهر التقرير يتحدث عن تعذيب، وهي جريمة في الدستور المصرى، وفى الاتفاقيات الدولية التي وقعنا عليها. الخطير في التقرير ليس في ال19 حالة التى تحدث عنها، من منطلق أنه إذا كان هناك رغبة في التحقيق فيها سيتم الأمر، إلا أن فكرة أن يذكر التقرير أن التعذيب سياسة منهجية، فهذا يجعل هذه النقطة تحتاج إلى رد بشكل قانوني من خلال رصد حالات النيابة العامة التي حققت فيها، وعرضتها على المحاكم، والأحكام التى صدرت ضد الضباط حال ثبوت تورطهم في التعذيب، وما التحقيقات الجارية حاليًا، ونتائج تقارير النائب العام بشأن التحقيق فى "السجون"، فكل هذه أدلة لابد أن تذكر فى التقرير. والأمر اللافت أيضًا أن هناك كثيرين غير مقدرين لقيمة منظمة "هيومن رايتس"، وسواء اتفقنا أو اختلفنا معها هي واحدة من أفضل المنظمات الدولية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، ولها مصداقية كبيرة لدى المنظمات الدولية والأممالمتحدة بشكل خاص، لذلك من المهم أن يكون الرد على التقرير ولاسيما "المنهجية" التى تحدث عنها، لذا نتمنى أن نقوم بعمل آلية لمكافحة التعذيب، من خلال تشكيل جهاز من النيابة العامة، والمجتمع المدني بقرار من رئيس الجمهورية مهمته التحقيق فى كل ادعاءات التعذيب. الكثير سيرد ويقول المجلس القومى لحقوق الإنسان يقوم بهذا الدور فما حاجتنا إلى إنشاء مجلس آخر خاصة فى ظل اتهامه بالتقصير فى رصد الانتهاكات؟ المجلس يقدم نصائح للحكومة؛ حيث إنه وفقًا لمعايير باريس الخاصة بالمجالس الوطنية لا يقوم بدور تنفيذي، ولا يستطيع أن يجرى تحقيقًا، إنما دوره في جلسات الاستماع، وتقصى حقائق، ويقوم بعمل توصيات للحكومة، فدوره استشاري فقط، إنما الحديث عن إجراء تحقيقات وإحالة أشخاص إلى المحاكمة فهنا نتحدث عن جهاز قضائي تكون مهمته مكافحة التعذيب؛ لأن الحديث عن أن التعذيب منهجية يفتح الباب أمام مقاضاة مصر دوليًّا. فالتعذيب جريمة في القانون الدولى باتفاقية روما لكن شرط ألا يكون حالات فردية، حتى تكون جريمة دولية فلابد أن تكون واسعة النطاق، وتتم بشكل ممنهج داخل المجتمع لذلك لابد أن نتعامل معه بجدية شديدة، لاسيما أن ما قالته "هيومان رايتس ووتش" ليس استخلاص التقرير؛ لأنه صادر من لجنة مناهضة التعذيب "cat" فى 2017، وهى لجنة موجودة بالأممالمتحدة أنشئت بموجب اتفاقية دولية لمكافحة التعذيب؛ حيث إننا طرف فيها، وبالتالي آخر استخلاص لها فى 2017 بأن التعذيب سياسة منهجية فى مصر، وهذا نتج عن طلب للحكومة المصرية بإرسال مندوبين للنظر فى التعذيب الذى يحدث فى البلاد، ووقتها مصر رفضت، فقررت الأممالمتحدة أن تستخدم آلية موجودة فى نصوص الأممالمتحدة وفقًا للمادة 20 اسمها "التحرى السري"، فبعثت شخصيات للأمم المتحدة إلى مصر بدون موافقة الحكومة المصرية وحققوا في وقائع التعذيب انتهوا إلى أن التعذيب سياسة منهجية في مصر، وهنا تنبع خطورة التقرير، لذا لابد أن نرسل لهم ما يؤكد وجود رغبة سياسية في مصر لمناهضة التعذيب. والخطورة أيضًا تنبع من أن المسئولين الرسميين أيضًا مثل وزير الداخلية، ومساعدي الشرطة، ووكلاء النيابة، يمكن أن يتم تتبعهم دوليًّا، ليكون اسمهم متداولاً في بعض القضايا الدولية، وهذا أمر يضرُّ بالدولة المصرية. التقرير تحدث عن النيابة العامة وذكر أنها تتلقى شكاوى وتتجاهلها.. وأحيانًا تمارس ضغوطًا تصل إلى حد التهديد.. ما مدلول الزج بالنيابة في هذا التقرير؟ يريد أن يؤكد منهجية التعذيب داخل الدولة؛ فهو يقول بأن آلية الإنصاف داخل الدولة معطّلة، ما يعطى مبررًا لاستخدام الآليات الدولية مثل المحاكم الدولية الموجودة فى سويسرا، وبروكسل وغيره؛ لأن القضاء الوطني وقتها لم يقم بدوره. في اتفاقية روما يوجد فرق بين القضاء الوطني والدولي، وإذا لم يكن القضاء الوطني فاعلاً وراغبًا في تحقيق العدالة يكون هناك حق للجوء إلى القضاء الدولي، وفى التقرير تأسيس لهذه المسألة، وبالتالي هو يقول إن القضاء الوطني غير راغب في المحاكمات من خلال الدلائل التى عرضها فى التقرير، وأنه غير قادر؛ لأنه موجّه من قِبل السلطة السياسية، وبالتالى هذا يفتح الباب أمام اللجوء إلى القضاء الدولى، وهنا تكون الاستنتاجات الموجودة فى التقرير خطيرة، لذا لابد من الرد عليها. منظمات المجتمع المدنى داخل مصر.. هل كان لها دور فى خروج التقرير بهذه الصيغة؟ التقرير أشار إلى المصادر، ومنها التنسيقية للحقوق والحريات، وكانت تعتبر المصدر الرئيسى للحصول على المعلومات، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وغيرهما. هل تتوقع أن تتعامل الحكومة في الفترة المقبلة مع هذه المنظمات بمزيد من القيود؟ فى تقديرى الضغوط التى تتم على المنظمات الآن بلغت حدها الأقصى، وبالتالى لن يكون هناك أكثر من ذلك؛ فهناك قانون الجمعيات الأهلية الذى يصادر العمل الأهلى والقضية 173 لسنة 2011 والتى بها أسماء جميع العاملين فى مجال حقوق الإنسان داخل البلاد، وبدأوا بال5 منظمات الأمريكية ثم بدأوا مع المنظمات المصرية، مثل مركز القاهرة وأندلس، والمتحدة ومركز الأرض. لكن الكثيرين لا يعرفون عن هذه القضية معلومات.. حتى بعض الأسماء المتداول اسمها بها قالوا عبر وسائل الإعلام إنهم عندما يرسلون محاميهم لا يجدون جديدًا فيها؟ هناك أسماء تم التحقيق معها بالفعل، وهؤلاء حضرنا معهم التحقيقات، وهناك أسماء لم يتم البدء فى التحقيق معها، ونحن فى المنظمة المصرية طالبونا بمجموعة من البيانات، وأرسلنا لهم أنشطة المنظمة منذ تأسيسها، إضافة إلى كشف الضرائب، ولا يزال هناك منظمات لم يكتمل التحقيق معها ويتم استكمال أوراقها، وأخرى لم يتم سؤالها بعد. الخارجية المصرية نفت بشكل قاطع كل ما جاء بالتقرير وقالت إن لها أجندة معينة تنحاز فيها إلى مصالح بعض الدول.. كيف تقرأ هذه التصريحات؟ ما قالته الخارجية طبيعى، وأى وزارة خارجية دائمًا تنفى أى تقرير خاص بحقوق الإنسان، وكان هناك أمثلة لذلك وعلى رأسها دونالد رامسفيلد فى أمريكا؛ حين نفى الكلام الخاص بجوانتانامو، وبعد فترة أكدت الحكومة الأمريكية صحة ما جاء بالتقرير، وتعاملت مع معتقلى السجن على أنهم أسرى حرب وليسوا أعداء للدولة. ومع ذلك أرى أنه كان لابد أن يتضمن تصريحات الخارجية عبارة "ورغم نفينا لذلك إلا أننا سنقوم بالتحقيق فى هذا التقرير وإذا ثبت أنه صحيح سنحيل المسئولين للمحاكمة، وإذا ثبت أنه غير صحيح سنخطر المنظمة بالأدلة على عدم صحة هذا التقرير". الخارجية قالت إن هناك تعمدًا لإغفال التقدم الواضح فى ملف حقوق الإنسان.. هل هناك تقدم ملموس تراه في هذا الملف؟ إذا كانت الخارجية لديها الدلائل على ما تقوله، فكان عليها أن تقدمه، لذا نحن نحتاج إلى وجود آليات لمعالجة ملف حقوق الإنسان، والتقدم الذى تتحدث عنه الخارجية موجود فى الدستور المصرى؛ لأنه يحافظ على حقوق الإنسان بشكل كبير إلا أن ترجمة الدستور فى صورة قوانين حتى الآن لم تتم، وحتى هذه اللحظة لم نصل إلى إمكانية أن يتقدم شخص تعرض للتعذيب إلى القضاء. حجب موقع "هيومان رايتس ووتش" بعد التقرير الذى نشره.. كيف تقرأه سياسيًّا؟ أولاً فكرة حجب المواقع أصبح بها اتساع غير مقبول وغير مبرر، وحجب موقع "هيومان رايتس" يثبت أن ما قالته كان صحيحًا، وسياسة الحجب مبررة للحكومة في حالة واحدة وهى حجب المواقع التى تدعو للإرهاب، إنما حجب مواقع خبرية وتحليل سياسى وأشخاص، ومنظمات حقوقية يعطى تأكيدًا بأن تقارير منظمات حقوق الإنسان وعلى رأسها هيومان رايتس صحيحة. تحدثت عن حجب المواقع التى تدعو للإرهاب.. لماذا لم يتم حجب موقع "داعش" أكبر تنظيم إرهابى دولي الآن؟ هذا أمر غريب جدًا بالنسبة لى ولا أفهمه، وهنا مواقع أخرى أصولية تبث أفكار الإرهاب وليست محجوبة. تقرير لجنة مناهضة التعذيب داخل الأممالمتحدة تتضمن رصدًا لتجاوزات كبيرة.. كيف سيكون الأمر في الفترة المقبلة في ظل حديث منظمتين دوليتين عن الانتهاكات داخل البلاد؟ تقرير هيومان رايتس استند على تقرير لجنة الأممالمتحدة، وحديثها عنه يعنى أن الانتهاكات تشكل الاهتمام الأكبر لها، وأنها فى الفترة المقبلة فى جنيف خلال الأسبوعين الحاليين سيكون الأمر مطروحًا للنقاش. هل تعتقد أن مصر تستعد لهذا الأمر بالشكل الكافي؟ لا أعتقد أن هناك استعدادًا جيدًا، وكما قلت الاستعداد لابد أن يكون عبر إجراءات محددة، حيث إن لجنة مناهضة التعذيب قدمت لنا توصيات وقبلنا بها، على الرغم من تحفظنا على البعض الآخر، إلا أننا قبلنا معظمها، لذا لابد أن نقول ماذا فعلنا بها. فالمادة 126 من قانون العقوبات الخاصة بجريمة التعذيب، تجعل تعريف التعذيب فى مصر كما هو موجود فى الأممالمتحدة؛ فالتعذيب لدينا يكون حال الحصول على اعتراف من مواطن، إنما حال لم يكن الهدف الحصول على معلومات لا يكون تعذيبًا، إنما فى الاتفاقية أى شكل من أشكال الألم المادي أو المعنوي فهو جريمة تعذيب، ولا يكون المتهم الأصلى هو الذى يعذب فقط بل من أمر وسهّل وأعطى الضوء الأخضر، فالتعذيب مسئولية مدير السجن أيضًا حتى لا يسمح به. ولجنة مناهضة التعذيب فى الفترة المقبلة ستقدم نتائج التوصيات، وأقصى شيء ستقوم به هو الشجب والتنديد، لكن خطورتها أنها تسوّق لهذا دوليًّا من خلال الحديث عن أن دولة معينة تمارس التعذيب بطريقة منهجية وهذا يفتح الباب أمام آليات أخرى مثل المحكمة الجنائية الدولية. الدول الموجودة بالأممالمتحدة.. هل من الممكن أن تقوم بتوصيات تجاه مصر؟ هناك تصاعد فى الآليات، حيث تبدأ بأن يكون هنا مكرر خاص، وهذا يعنى أن هذه الدولة تحت المنظار، فالمكرر يقدم تقريرًا كل عام عن وضع حقوق الإنسان داخل الدولة، وهذا يعنى أن الأوضاع الحقوقية داخل دولة معينة خطر، ثم ملفها يرفع إلى مجلس الأمن حال وجود خطورة كبيرة على وضع حقوق الإنسان بها، وهو ما حدث مع البشير. ولكن الرئيس السودانى عمر البشير كانت مشكلته أكبر مع المجتمع الدولي من رصد 19حالة تعذيب؟ السودان بدأ بمكرر خاص من الأممالمتحدة وانتهى بتقسيم السودان، وحتى يخرج من الأمر وافق على استفتاء انفصال الجنوبيين؛ لأنه كان متهمًا بارتكاب جرائم حرب. الكونجرس الأمريكي قرر خفض المعونة الأمريكية.. هل تعتقد أن الأمر فى الفترة المقبلة قد يتطور خاصة أن له علاقة بالوضع الحقوقى داخل مصر؟ المعونة الاقتصادية ليست مؤثرة، لكن المشكلة أن أغلب الجزء المجمد من المعونة العسكرية، وهم لم يغلقوا الباب كليًّا؛ حيث قالوا إن الأمر مرهون بإحداث تقدم بأمرين؛ الأول هو القضية 173 والتي صدر فيها أحكام ضد بعض ممن يحملون الجنسية الأمريكية، والأمر الثانى مرتبط بقانون الجمعيات الأهلية، لذا إذا أحرزنا تقدمًا في موضوع الجمعيات الأهلية من الممكن أن نأخذ بها نقطة. كنت متواجدًا في لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان لمناقشة تقرير هيومان رايتس.. هل يمكن أن تروى لنا التفاصيل؟ الاجتماع حضره رئيس المجلس، محمد فايق، والهيئة العامة للاستعلامات، ووزارة الخارجية، ولجنة حقوق الإنسان، وتمت مناقشة البعد السياسى وطرح آراء بأن التقرير مُسيّس، ويأخذ وجهة نظر جماعة الإخوان، وتم طرح رأى للدعوة لتشكيل لجنة للتحقيق فيما جاء، وانتهوا إلى دعوة وزارة الخارجية والعدل لاجتماع حتى يتم التحضير لما سيقومون به.