لم يكد قائد الانقلاب يفيق من صفعة تقرير "هيومان رايتس وواتش" الذي وثق عمليات تعذيب بشعة في السجون واتهم ضباط داخلية الانقلاب وقضاة ووكلاء نيابة الانقلاب بالمشاركة في الجريمة، حتى أصدرت الأممالمتحدة والعفو الدولية تقريرين آخرين يفضحان جرائم لتعذيب واعتقال أبرياء. واتهم أحدث تقرير ل"لجنة مناهضة التعذيب" التابعة للأمم المتحدة - لأول مرة - مسئولين من العسكريين الانقلابيين في مصر بممارسة التعذيب بجانب ضباط داخلية الانقلاب (من الصفحة 23)، رغم أن تقارير محلية عديدة أشارت لهذا ولانتشار التعذيب في السجون الحربية وأبرزها سجن الإسماعيلية (سلخانة العزولي).
وكان التقرير الثالث ضد الانقلاب لمنظمة العفو الدولية (إمينيستي) الذي صفع السيسي وعصابته بتقرير جديد يدين اعتقال ابنة الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي وزوجها، مشيرًا لكيدية التهم والانتقام من الشيخ القرضاوي في أبنائه.
العسكر يعذبون الإخوان لمعاقبتهم
وأكد تقرير "لجنة مناهضة التعذيب" التابعة للأمم المتحدة، أن التعذيب لأعضاء جماعة الاخوان المسلمين تحديدا تكثف منذ عام 2013 عقب الانقلاب العسكري "لمعاقبتهم وانتزاع اعترافات بالإكراه"، وأن هروب مجرمي التعذيب من العقاب "واسع الانتشار".
وكشف تقرير الاممالمتحدة أن "التعذيب في مصر واسع الانتشار، وليس حصرًا بمدن بعينها، ولكنه ينتشر في كل السجون وأقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزي ومقار الأمن الوطني بكافة المحافظات".
وشدد على أن "التعذيب يجري في مصر بشكل منهجي متعمد وليس جزافيا"، ويتهم عسكريين ورجال شرطة وحراس السجون ومسئولين بالأمن الوطني بارتكابه.
كما يتهم التقرير الصادر عن لجنة مناهضة التعذيب بالأممالمتحدة "القضاة والنيابة العامة ومديرو السجون بالتواطؤ في ارتكاب جريمة التعذيب في مصر".
ويؤكد أن قائد الانقلاب "أغلق الأبواب أمام المنظمات الحقوقية الدولية ولاحق قضاته الحقوقيين المصريين ومنعوهم من السفر وجمدوا أموالهم، لكن جرائمه صارت أكثر وضوحًا رغم ذلك".
وكان جمال خاشقجي الصحفي السعودي قال عقب صدور التقرير الاول من هيومان رايتس عن التعذيب أن "الأفضل لمصر عدم تجاهل التقرير لأنه "حتى ادارة ترامب لم تعد قادرة على الدفاع او حتى السكوت عن الانتهاكات الفظيعة الجارية هناك"، ولكن جاء تقريري الاممالمتحدة والعفو الدولية اللاحقان ليزيدان الضغط على سلطة الانقلاب.
ويغطي التقرير الجديد للأمم المتحدة الفترة ما بين 14 مايو 2016 إلى 12 مايو 2017 وهي الفترة التي عقدت فيها لجنة مناهضة التعذيب دوراتها 58 و59 و60، ويتهم سلطة الانقلاب بعدم الامتثال لمطالب الاممالمتحدة المتكررة بوقف التعذيب.
وبخلاف النظر في بلاغات قالت انها تلقتها من منظمات حقوقية منها مؤسسة الكرامة، قالت لجنة مناهضة التعذيب أنها نظرت معلومات عن التعذيب واردة من مسئولين وهيئات في الاممالمتحدة منها: مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الطفل، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، والفريق العامل بحالات الاختفاء القسري، واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، وكلها تؤيد أن التعذيب يسير في مصر "بشكل منهجي".
وتحدثت لجنة التعذيب بالأممالمتحدة عن تقارير وصلتها من مركز النديم والعفو الدولية وهيومان رايتس وواتش والمنظمة المصرية لحقوق الانسان والاتحاد الدولي لحقوق الانسان والمجموعة المتحدة للمحامين والمستشارين، والمدافعين عن حقوق الانسان ترصد "الاف حالات التعذيب" وتركز على 94 حالة تعذيب تفصيلية في الفترة بين 2011 و2015.
استنفار سلطة الانقلاب يكشف رعبها
وردًا على فضح تقرير هيومان رايتس للتعذيب علي ايدي زبانية الانقلاب، استنفرت سلطة الانقلاب كل اجهزتها، واخرجت مجلس حقوق الانسان الحكومي من نومه العميق على الانتهاكات ليقول رئيس عضو التنظيم الطليعي الناصري السابق محمد فائق أنه لا يوجد تعذيب في مصر!.
أيضًا ظهر الصحفي الانقلابي كرم جبر لينفي أي تعذيب ويزعم ان التقرير الدولي غير منصف أو مهني، كما هاجمت خارجية الانقلاب التقرير، ودافع نواب الانقلاب عن التعذيب واصفين المنظمة الدولية انها مؤامرة اخوانية اسرائيلية صهيونية قطرية!.
وجاء تشكيل وفد يقوده ضابط متهم بالتعذيب (علاء عابد) يرأس لجنة حقوق الانسان بنواب الانقلاب ليشير الي حالة التدني التي وصل لها الانقلاب وخداعة للمصريين بعدما أزعج الانقلاب الصفعة الثانية التي وجهها الكونجرس للسيسي بتقليص المساعدات العسكرية الاقتصادية 334 مليون دولار بحجة انتهاكات حقوق الانسان.
وتساءل د. طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمون" في بيان عن اسباب "الصمت على القتلة والمجرمين"، مؤكدًا أنه "لهو بمثابة مشاركة في جرائمهم، فضلاً عن كونه خيانة لمبادئ حقوق الإنسان".
وقال "فهمي" إنه لا يوجد مبرر وحيد لدعم هذا النظام المجرم بدلاً من حصاره ونبذه وإسقاطه، وأن تجاهل تطبيق القانون الدولي العادل على هؤلاء الانقلابيين "يعني بوضوح إطلاق يدهم لارتكاب مزيد من تلك الجرائم، بخلاف كونه سقوطا لقيم الحق والعدل، والحريّة، كما أنه سقوط مروع لمصداقية تلك المؤسسات الدولية، والدول الكبرى".
وقال إنه بعد تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الواضح والدامغ لجرائم الانقلاب العسكري الوحشية داخل السجون المصرية والتي وصفها بالجرائم ضد الإنسانية لم يعد هناك "سبب واحد لصمت الأممالمتحدة ومنظماتها الحقوقية والقضائية وللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وللبيت الأبيض والاتحاد الأوروبي ودول العالم أجمع، يمنعهم من التحرك العاجل لمحاكمة قادة هذا الانقلاب على ما يقترفونه من جرائم بشكل يومي وممنهج أمام المحكمة الجنائية الدولية وأمام محاكم تلك الدول.
وقالت "هيومن رايتس ووتش": إن ضباط وعناصر الشرطة و"قطاع الأمن الوطني" في مصر يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني، بأساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء وأحيانًا الاغتصاب.
وأشارت المنظمة الحقوقية الدولية، في تقرير لها، الأربعاء 6 سبتمبر 2017، إلى أن التعذيب الواسع النطاق والمنهجي من قبل قوات الأمن قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
وقال جو ستورك، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن السيسي أعطى ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا.. لم يترك الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي أي أمل للمواطنين في تحقيق العدالة".
ويوثق التقرير كيف تستخدم قوات الأمن، ولا سيما عناصر وضباط الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، التعذيب لإرغام المشتبه بهم على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات، أو لمعاقبتهم.