قال الكاتب الصحفي ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، إن الحديث عن الانتخابات الرئاسية الآن ليس مبكرًا ما دامت إجراءاتها تستهل في نهاية يناير أو مطلع فبراير المقبل. وأضاف "رزق"، في مقال له ب "الأخبار"، أن الرئيس السيسي سيقرر خوض الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية لخدمة البلاد، بسبب ضغط الجماهير، مثلما حدث منذ 4 سنوات علي مدي شهور، حتى استجاب وهو شخصيا، مؤكدا أنه طالما لم يتأخر أبداً عن تلبية أي نداء وطني. وتابع قائلا :"الرئيس السيسي حتى الآن لم يعلن ترشحه للانتخابات من عدمه حتى الآن، ربما يري أن أمامه مهام أكثر إلحاحاً في هذه الآونة تستلزم منه التركيز لاسيما فيما يتعلق بشئون الأمن القومي وإصلاح الاقتصاد ومتابعة المشروعات القومية". إلى نص المقال بعد ستة أشهر بالضبط من الآن، ستبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، قبيل 120 يوماً علي الأقل من انتهاء مدة الرئيس عبدالفتاح السيسي في السابع من يونيو 2018. هكذا ينص الدستور في مادته رقم (140). اسم الرئيس الجديد سيعلن يوم السابع من مايو علي الأكثر. ربما تعلن نتيجة الانتخابات واسم الفائز في الأسبوع الأخير من شهر أبريل إذا لم تكن هناك حاجة لإجراء جولة إعادة، وهذا ظني! إذن الحديث الآن عن انتخابات الرئاسة، ليس مبكراً ما دامت إجراءاتها تستهل في نهاية يناير أو مطلع فبراير المقبل، حينما تجتمع الهيئة الوطنية للانتخابات وتصدر قرارها بشأن موعد فتح باب الترشح، ومدة الحملة الانتخابية، وموعد التصويت. حتي الآن.. لم يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي موقفه من مسألة الترشح لمدة رئاسة ثانية. ربما يري أن أمامه مهام أكثر إلحاحاً في هذه الآونة تستلزم منه التركيز عليها لاسيما ما يتعلق بشئون الأمن القومي وإصلاح الاقتصاد ومتابعة المشروعات القومية، وتستوجب أيضاً عدم صرف انتباه الرأي العام بعيدا عنها وإشغاله بموضوع لم يحن أوانه. كل ما ذكره الرئيس السيسي في هذا السياق، أنه سيتقدم إلي الشعب بكشف حساب في يناير أو فبراير المقبلين، أي في موعد مواكب لبدء إجراءات انتخابات الرئاسة، متضمنا تفاصيل كل ما حققه في جميع المجالات وكل ما جري إنجازه من مشروعات خلال ما يقرب من 4 سنوات أمضاها في سدة الحكم. هذا ما أعلنه الرئيس لأول مرة في حواره مع الصحف القومية منذ نحو ثلاثة أشهر، وأعاد التأكيد عليه أمام مؤتمر الشباب الأخير بالإسكندرية منذ قرابة أسبوعين. • • • لي رأي آخر في هذه المسألة. لست أدعي أنني أعرف أن الرئيس حدد موقفه بنسبة مائة في المائة من هذا الموضوع، ولكني أعلم أن عنده »لكل حادث حديث». أي أن حديثه في مسألة الترشح سيكون عندما يحل الأوان. في نهاية الأمر.. لا يساورني شك في أن قرار الرئيس سيكون هو خوض انتخابات الرئاسة لخدمة البلاد في مدة رئاسية جديدة. الجماهير سوف تضغط عليه، مثلما حدث منذ 4 سنوات وعلي مدي شهور، حتي استجاب. هو شخصيا، لن يتأخر. فما تأخر أبداً عن تلبية أي نداء وطني. سبب ثالث وهو إنساني ومشروع، أن من حرث وغرس وزرع، من حقه أن يحصد بيديه، ويقدم الثمار لمن فلح الأرض من أجلهم. رأيي أن هذه الآونة هي الأنسب لإعلان موقف الرئيس بالترشح للانتخابات القادمة. علي مستوي الشارع المصري.. يؤدي الإعلان من الآن إلي حالة هدوء واستقرار وأمن علي المستقبل - وهو بيد الله أولاً وأخيراً -، وينتج عنه تبديد لمناخ شائعات تجري تهيئته، وإجهاض لحملات أكاذيب يتم طبخها! علي مستوي الاقتصاد.. يشجع الإعلان عديداً من المستثمرين الأجانب والعرب بل والمصريين علي الانتقال من وضع الترقب والحذر إلي الإقدام علي الاستثمار من الآن دون انتظار 6 شهور قادمة علي الأقل، في نفس الوقت له انعكاسات إيجابية علي البورصة، وعلي سرعة إنجاز المشروعات القومية، وعلي المضي في برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري وغيرها بإيقاع أسرع، خاصة أن أجواء الانتخابات استُحضِرَت بالفعل، في المنتديات والأروقة! علي مستوي علاقات مصر الدولية.. يعزز الإعلان سياسة مصر الخارجية ويقوي الجسور التي شيدتها مع القوي الكبري. صحيح أن تلك القوي تضع ترشيح الرئيس السيسي كاحتمال غالب، وتضع مسألة فوزه لو ترشح كأمر يكاد يكون محسوماً. لكن إعلان القرار من الآن ينقل التقديرات من منزلة الاحتمال إلي مرتبة التأكد. علي مستوي الحياة السياسية.. يؤدي إعلان الرئيس السيسي من الآن عن نيته في الترشح إلي ترطيب أجواء، يريد البعض أن يفتعلها ساخنة علي غير لهيب أو وقود! سيكون أمام القوي السياسية أو الأحزاب أن تنظر في أمر اختيار مرشحها أو مرشحيها. سيكون أمام الشخصيات التي لا تطل علينا إلا في مواسم الانتخابات أن تحسم مواقفها، فيعلم الرأي العام هل هي تريد الترشح فعلاً أم إنها تعتبره ورقة مقايضة، في عهد لا يقايض علي مواقف وليست عليه فواتير واجبة السداد! ستكون أمام الجماهير فرصة زمنية واسعة، لفرز المرشح الوطني عن المرشح الذي يركب حصان طروادة الإخواني، عن المرشح الذي يستظل بغير المظلة الوطنية. أعلم أن هناك قطاعاً من الناس، تستبد بهم المحبة للرئيس السيسي، لدرجة أنهم لا يتصورون أن يقدم أحد علي الترشح أمامه وهذا أمر غير محمود، فإما أن يؤدي بنا إلي انتخابات استفتائية، وهو ما لا نرضاه لبلدنا، وأحسب الرئيس لا يرضاه، بل إنه يسيء إلي صورتنا في الخارج ويعود بنا إلي عهود ودعناها. وإما أن يؤدي إلي إحجام شخصيات محترمة لها رؤيتها المغايرة، عن الترشح خشية التعرض لحملات اغتيال معنوي، ومن ثم فلن يقدم علي الترشح إلا قرون استشعار الإخوان والباحثين عن الشهرة والمؤلفة جيوبهم. وبالقطع لا يستحق الرئيس السيسي أن يكون هؤلاء هم منافسيه. أدرك أيضا أن هناك قطاعاً لا يستهان به من الناس مقتنع أن دورتين فقط لرئيس الجمهورية مسألة مقبولة بحكم تجارب الماضي، لكنه يتساءل لماذا 4 سنوات فقط للمدة الواحدة؟ ويرغب في زيادتها ولو للمدة القادمة فقط. وأظن ذلك المطلب لو عليه توافق شعبي لابد أن يكون ضمن بعض تعديلات للدستور تستوجبها التجربة خاصة في مسألة التوازن بين السلطات، مع مراعاة أن الدستور يستشرف المستقبل، فمن أدرانا بمن سيأتي بعد السيسي؟! • • • التحدي في انتخابات الرئاسة المقبلة، ليس في ترشح السيسي، ولا من سيترشح أمامه، وليس في نسبة التأييد التي سيحصل عليها السيسي، إنما هو في نسبة المشاركة الشعبية في التصويت. هناك من يقول إن النسبة ستنخفض إذا لم يكن هناك مرشحون آخرون، ومعهم حق. وهناك من يري أن النسبة لن تكون عالية إذا كان المنافسون لا يرقون إلي مستوي انتخابات الرئاسة، ولرأيهم وجاهة. غير أني أحسب الجماهير المصرية كعادتها ستفاجئ أصحاب التكهنات وستقبل علي الصناديق، ليس فقط لاختيار من تريده رئيساً للبلاد، وإنما أيضا لتضعه في أعلي مراتب قوة الشرعية. • • • بصراحة لا تشغلني انتخابات الرئاسة المقبلة بقدر ما أهتم بما هو بعد انتهاء المدة الثانية للرئيس السيسي، إذا ترشح وهذا ما أعتقده، وإذا فاز وهذا ما أحسبه. فالساحة السياسية والحزبية مازالت غير قادرة علي إنتاج كوادر جديدة مؤهلة لتولي هذا المنصب الرفيع وتحمل هذه الأمانة الهائلة في ذلك التوقيت. وهذا يضع القوي السياسية والأحزاب في بؤرة مسئولية عساها تنهض بها، لفرز شخصيات وطنية، مؤهلة، صاحبة رؤية وعزم، وقادرة علي كسب تأييد الجماهير ومعه احترام مؤسسات الدولة وركائزها. وإن كنت أظن نضج الحياة السياسية، لا يتأتي بقرار أو بقانون، ولا يتحقق قبل الأوان بالحَقْن! وأذكر حينما سألت الرئيس عن هذه القضية منذ ثلاثة أشهر، كانت إجابته: إنني منشغل بها من الآن، وليس بما سيكون بعد سنوات. فهو كرجل قدري مؤمن، يعلم أن الأعمار بيد الله.. متعه الله بالصحة والعمر المديد. علي كل حال.. هذه قضية يطول الحديث فيها، ويتشعب! • • • قلت إن الأوان الأنسب لإعلان الرئيس السيسي عن اعتزامه الترشح للرئاسة، هو هذه الأيام، وعددت أسبابي، وأرجو ألا أكون مخطئاً! وأقول إن الأوفق أن يكون التركيز الآن ليس فقط علي إعداد كشف الحساب الذي سيتقدم به الرئيس للشعب في يناير أو فبراير، وإنما أيضا علي خطة المستقبل في مدة الرئاسة الثانية لاستكمال المشروع الوطني لبناء الدولة الحديثة، بعد أن استقرت دعائمها أو كادت.. ولعلي في هذا علي صواب! يومها.. سيقف السيسي أمام الشعب، حاملاً كتابيه بيمينه. كتاب الأمس واليوم وكتاب الأمل في المستقبل. حينئذ سنحمد الله علي نعمة عناد مبارك وقراراته المتأخرة منتهية الصلاحية، وعلي نعمة عدم فوز منافس مرسي، فلو كان فاز لسقط بعد شهور، ولجاء الإخوان من بعده علي جياد بيضاء يقبعون سنوات وسنوات علي صدورنا، سنحمد الله علي نعمة عمي بصيرة مرسي واستعلاء واستكبار وطغيان جماعته، سنحمد الله علي نعمة الجيش المصري العظيم، وعلي سلامة نظم الترقي وإسناد القيادة في المؤسسة العسكرية المصرية التي لا توسد إلا للأكفاء القادرين. لولا كل ذلك وغيره، ما عرفنا السيسي. إنها تصاريف الأقدار.