ربما تكون موقعة الأحذية نهاية تطلعات أحمد شفيق نحو إعادة النظام المخلوع، مثلما كانت موقعة الجمل النهاية الفعلية لعصر مبارك. موقعتان لا تتشابهان فى الكيفية ولا فى الطرف المهاجم، لكنهما قد تتشابهان فى نتائجهما، فموقعة الجمل شنها المباركيون ثانى يوم لليلة خطابه الذى تعاطف معه كثيرون، حتى ظننا أن الشعب خدع وغسلت أحلامه دموع التماسيح. فشل المهاجمون على ظهور الجمال والبغال وانهزموا شر هزيمة، لكنها على الجانب المعنوى شحنت الشعب شحنًا بعبوات إضافية من الصبر والتصميم على اسقاط نظام مبارك مهما كان الثمن. فى آخر وقت لانتخابات اليوم الأول (الأربعاء) وبعد أن أثار تأخر شفيق عن التصويت تساؤلات حائرة وملحة ذهب بعضها إلى تصديق أنه ممنوع من التصويت بموجب قانون العزل السياسى، ما أوقع مخططى حملته فى خطأ إستراتيجى كبير قد يكلفه خسارة فادحة لتطلعات المنصب الرفيع. أدرى أنه تأخر خوفًا من هجوم الناخبين عليه، وأنه أجرى اتصالات لتحويل لجنته الانتخابية إلى مناطق أخرى تزيد فيها كثافة الفلول أو تأثير رجال أعمالهم مثل لجنة مصر الجديدة ولكن لم يكن ذلك سهلاً ولا مقبولاً، وقد يسبب إشكاليات للدولة باتهامها بأنها تحابيه وتسانده وتعامله كأنه الرئيس الفعلى. كان مخططو حملته يريدون على الناحية الأخرى نفى ما أثارته وسائل الإعلام والفضائيات من تساؤلات عن عدم إدلائه بصوته، خصوصًا أن الكاميرات كانت تنتظره فى لجنته بالقاهرة الجديدة. رأوا أن ذلك التأخير قد يؤثر على التصويت له فى اليوم التالى فجازفوا وغامروا مع طلب حماية إضافية من الجيش والشرطة وهو ما توفر بالفعل. لكن رميه بالأحذية لم يكن يهدف إلى الإضرار الجسدى به ولا الوصول إليه لإصابته، كانت رمزًا للحط من الكرامة ولإثبات أنه شخص ضعيف غير قادر على إدارة دولة كبيرة. لم تخطط جهة من القوى السياسية لذلك، فهذا ليس ميدانها، كان الفعل عفويًا من شعب غاضب منه ومن تصريحاته العنترية التى هددت بتحويل ميدان التحرير إلى نزهة للقوات المسلحة للقضاء على أى احتجاجات رفضًا لفوزه الحتمى كما يظن ويعتقد. الأحذية التى انهالت على رأس شفيق.. وكلماته وهو يلهث بأنه لا داعى للإهانة حطت من كبرياء متوهمة وأسقطت كرامته وقوته.. فللضرب بالحذاء معنى عند الضمير الجمعى المصرى، فعندما ضربت شجرة الدر على رأسها بالقباقيب كان المعنى والرمز هو المقصود، ولو المراد قتلها فقط لاستخدموا وسيلة أخرى أسهل وأسرع. الأحذية بمثابة رسالة بأنه رئيس ضعيف مهان منزوع القيمة لا يمكن أن تقبل به مصر عريسًا. [email protected]