* كفيف متهم بقنص ضابط شرطة.. و"طفل الببرونة" متهم بمقاومة السلطات * مواطن طريح الفراش وآخر يعانى من شلل أطفال متهمان بحرق كنيسة * طفل 4 سنوات متهم بمقاومة الشرطة وقتل 3 مواطنين "ياما فى الحبس مظاليم"، هذا المثل الشعبى عانى منه العديد من المواطنين فى السجون المصرية خلال الفترة الأخيرة، نتيجة عدم الدقة فى التحريات الأمنية عن بعض المتهمين الذين قاموا بتنفيذ بعض العمليات الإجرامية فى مصر، وهكذا يدفع بعض المواطنين ممن ليس لهم ذنب، أيامًا من عمرهم داخل السجون المصرية لفترة غير معلومة إلى أن تثبت براءتهم. والأغرب من ذلك، أن معظم المتهمين من أصحاب الإعاقات الجسدية، فنرى شخصًا كفيفًا ألقى القبض عليه بتهمة "القنص" وطفل ارتكب جريمة وهو لم يتعد الثلاث سنوات، وآخر متهم بتفجير كنيسة، وهو مريض يركض "طريح الفراش"، وهو الأمر الذى جعل هؤلاء يحصلون على براءات من هذه التهم التى قبض عليهم فيها دون عمل تحريات كاملة. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" انتشار مثل هذه العمليات غير الدقيقة فى الضبط، والتى غالبًا ما يصبح هذا المتهم بعد فترة من القبض عليه بريئًا خارج السجون.. "طفل الببرونة" ومقاومة السلطات تعد قضية اتهام طفل بمقاومة السلطات من أشهر قضايا العصر الحديث، فلو اطلع أحد على تحريات المباحث التى اتهمت الطفل بسرقة مواد من المحاجر ومقاومة السلطات والهروب أثناء ضبطه، لاعتقد للوهلة الأولى أنه عتيد فى الإجرام، لكن المفاجأة المدهشة، أن المتهم طفل لم يتجاوز عمره الثلاثة أعوام. فقد قضت محكمة مدينة نصر فى وقت سابق، ببراءة الطفل الصغير زياد حسن قناوي، المعروف إعلاميًا ب«طفل الببرونة» فى قضيتي «سرقة مواد محجرية ومقاومة سلطات» والتى حكم فيهما بحسبه عامًا لكل قضية. وتعود تفاصيل الواقعة، عندما تلقت مباحث قسم شرطة أول مدينة نصر، بلاغًا من مدير إدارة الأمن بمشروع المحاجر بالقاهرة يتهم فيها حسن قناوى "والد الطفل" بقيادة سيارة محملة بالرمال، بسرقة مواد محجرية، والقيادة بصورة جنونية، وتعريض القوة المرافقة له للخطر، ومقاومة السلطة. ومن خلال الاستعلام من إدارة مرور القاهرة، تبين أن السيارة مسجلة باسم نجله البالغ من العمر 3 سنوات، حيث قام والد الطفل بكتابة ملكية السيارة باسمه، وأثناء عمله بها فى أحد المحاجر، استوقفه أحد الأشخاص وطالبه بدفع المصروف الشرعى لحمل الرمال واتهمه بالسرقة. وتمت إحالة القضية لمحاكمة عاجلة، انتهت بالحكم على المتهم، وهو الطفل المسجل باسمه السيارة من قبل والده بالحبس 3 أشهر مع الشغل والنفاذ، فيما طالب دفاع الطفل أمام المحكمة بإجراء تحريات دقيقة فى مثل هذه القضايا، فكيف لطفل فى هذه السن الصغيرة أن يسرق ويقاوم السلطات؟ وقال محامى الطفل محمود الشناوي، إن الطفل زياد لم يتجاوز الثالثة من عمره، طبقًا لشهادة الميلاد، فاطلع عليها القاضى فوجدها تحتوى على بيانات الطفل المتهم، وأنه من مواليد الشرقية بتاريخ 3 يوليو 2013. وقد مثل "طفل الببرونة" أمام محكمة مدينة نصر لمعارضته على حكم حبسه فى قضية اتهامه بسرقة المواد الحجرية ومقاومة السلطات، وهو ما انتهت إليه المحكمة من إصدار حكم لصالحه بالبراءة. "الضرير القناص" "تكسير وترهيب وحمل سلاح أبيض وقطع طريق واستعراض قوة وقنص ضابط شرطة".. تهم عندما تسمعها تعتقد أن الفاعل يتمتع بكامل صحته، إلا أن الواقع خلاف ذلك تمامًا. فقد برّأت محكمة جنايات دمياط، الشيخ الكفيف "ربيع أبو عيد" المتحدث الإعلامى لرابطة علماء الأزهر سابقًا، بعد أن تم إخلاء سبيله فى أغسطس من عام 2015، نظرًا لظروفه الصحية. وكان الشيخ الكفيف، متهمًا فى القضية رقم 17248 لسنة 2013 جنايات مركز دمياط المقيدة برقم كلى 328 لسنة 2014 المعروفة ب "قضية الشارع الحربي"، والمتهم فيها 23 شخصاً آخرين، وتم الحكم عليه فيها ب15 سنة سجنًا بتهمة "تكسير وترهيب وحمل سلاح أبيض وقطع طريق واستعراض قوة بجانب ا?خبار التى ترددت عن قنصه ضابط شرطة". وكانت المحكمة قد أخلت سبيل الشيخ الكفيف بعد أن تم حبسه لمدة 547 يومًا، بعد أن نشرت إحدى الصحف رسائل استغاثة له من داخل محبسه يستغيث فيها بالعالم الخارجى لإنقاذه من التهم الموجهة إليه، لأنه كفيف وإعاقته تمنعه من ارتكاب أى جريمة. اتهمته الداخلية وبرّأته النيابة عقب تفجير كنيستى الإسكندرية وطنطا، أصدرت وزارة الداخلية، بيانًا لها بأسماء العناصر الإجرامية التى استهدفت تفجير الكنيستين، ورصد مبلغ مالى للوصول لمنفذى الهجوم السافر، الذى راح ضحيته العديد من الأرواح، فكان من بين هؤلاء "على محمود محمد حسن" والذى سلم نفسه عقب مشاهدة صورته واسمه على وسائل الإعلام المرئية. وفى مفاجأة كبيرة، تعد الأغرب من نوعها، أفرجت نيابة محافظة البحر الأحمر عن "على محمود محمد حسن" الذى يقيم برأس غارب فى الغردقة، بعد أن اتهمته وزارة الداخلية بأنه ضمن خلايا تفجير الكنيستين. وقالت النيابة، فى بيان أصدرته، إنه بإجراء التحقيقات والفحص، تبين أنه يعانى من أمراض القلب والجلطة، وإنه كان طريح الفراش، ولا يقدر على الحركة خارج المدينة، بالإضافة إلى التحريات الأمنية التى أثبتت أنه لم ينتم لأى تنظيم دينى أو سياسي، ولا يرتبط بأى خلايا إرهابية. وراجعت النيابة وزارة الداخلية، وأخطرت قسم رأس غارب، وتحرر المحضر رقم 21 أحوال القسم. لكن الشخص قام بتسليم نفسه، مؤكدًا براءته، وعدم مغادرته مدينته رأس غارب، طوال الشهور السابقة. وتبيّن من خلال التحقيقات، وشهادات الشهود، صدق رواية الشخص، البالغ من العمر 45 عامًا، إذ أكدت التحريات الأمنية أنه مريض بالقلب، ولم ينتمِ إلى أى تنظيم دينى أو سياسي، ولا يرتبط بأى جماعة مسلحة. يعانى من شلل الأطفال والتهمة حرق كنيسة أحمد ربيع عبدالفتاح, يبلغ من العمر 27 عامًا من مواليد محافظة الفيوم، يعانى من شلل أطفال وضمور فى قدمه اليسرى، حكم عليه ب15 سنة، والتهمة حرق كنيسة وقطع طريق. وقد دخل أحمد ربيع، فى إضراب كامل عن الطعام منذ 14 شهرًا نتيجة الحكم الظالم عليه، وصفت أسرته الحكم ب"القاسي" للغاية، فى حق معاق لا يستطيع التظاهر ولا الوقوف على قدميه مع إقرار النيابة بذلك فى محضرها، الذى أمرت فيه بحبسه احتياطيًا لمدة تجاوزت ال14 شهرًا، ثم الحكم عليه ب15 سنة. وأضافت زوجته، أن هذا الإضراب يعرض حياة زوجها للخطر ويؤثر على زوجته وطفلتيه؛ فإن المحكمة والنيابة تتعنتان فى إصدار قرار بالإفراج الصحى عنه نتيجة ظروفه الصحية. طفل المؤبد يهاجم الشرطة أما الطفل أحمد منصور، البالغ من العمر 4 سنوات، حكم عليه ب 25 سنة سجنًا بتهم "حرق أقسام، ومهاجمة رجال الشرطة، وأعمال شغب"، وذلك بعد أن أصدرت محكمة غرب القاهرة العسكرية، قرارًا بالسجن المؤبد على 116 متهمًا من بينهم الطفل أحمد منصور. ومن جانبه، قال والد الطفل، إنه فوجئ بالحكم الصادر ضد ابنه، مضيفاً: "النيابة وجهت لابنى تهمة قتل 3 مواطنين"، مشيرًا إلى أن النيابة قامت بحبسه على ذمة التحقيقات. وأوضح والد الطفل، أن أحد الضباط جاء إلى المنزل لأخذ الطفل لتنفيذ حكم الحبس ضده، ولكن عندما علم العمر الحقيقى لطفله وهو 4 سنوات تركه وغادر. عبدالسلام: يحق للمتهم أن يقاضى مأمور الضبط القضائى الذى حرر محضر التحريات من جانبه، قال عمرو عبد السلام، المحامى والناشط الحقوقي، إنه من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن الدولة غير مسئولة عن أعمال القضاء، ومن ضمنها سلطة التحقيق، التى تعد شعبة من شعب القضاء، وهى التى تتولى تحريك الدعوى الجنائية، إلا إذا كان هناك خطأ جسيم وقعت فيه سلطة التحقيق، لأن حكم البراءة فى ذاته يعد تعويضًا معنويًا. وأضاف عبدالسلام: "لكن إذا كان الحكم الصادر بالبراءة أسس على محضر تحريات ثبتت مخالفته للحقيقة بوجود تزوير فى مضمونه، ففى هذه الحالة يحق للمتهم أن يقاضى مأمور الضبط القضائى الذى حرر محضر التحريات، وبناء عليه يحق له مطالبته بالتعويض عن جريمة التزوير". وأكد الحقوقي، أنه أما فيما عدا ذلك من حالات فلا يحق للمحكوم عليه أن يطالب بالتعويض بعد الحكم عليه بالبراءة، ولكن يجوز له أن يطالب بالتعويض عن فترة الحبس الاحتياطى التى قضاها منذ تاريخ القبض عليه، وحتى الحكم بالبراءة، وقد حدد القانون مقدارها، وهى خمسة جنيهات عن كل يوم حبس قضاها.