تجاهلت مصر تمامًا، عدة سدود تقام في السودان وإثيوبيا وأوغندا، فيما صبت كل اهتمامها حول سد النهضة، ما اعتبره خبراء مصريون "إهمالا آخر" في قضية تتعلق بالأمن القومي المصري. تشيّيد إثيوبيا سدين جديدين على النيل أكثرهما خطورة بعد النهضة هو سد "مندايا"، الذي وضع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلى ميريام ديسالين حجر الأساس له، في أكتوبر الماضي، وسط صمت مصري تام. وفي السودان، هناك سد "ستيت" وسد أعالي عطبرة، كما تشيد أوغندا هي الأخرى سدًا على النيل، وعلى الرغم من أنها سدود ليست بنفس حجم سد النهضة، إلا أنها ستساهم بشكل أو بآخر في حجز مياه نهر النيل. هناك شيء واحد يشغل بال القيادة المصرية، وهو سد النهضة، والذي يزن نحو 15طنًا، ويتواجد في منطقة شديدة الخطورة، ما ينذر بانهياره، والحقيقة أن مصر لاتتخوف من انهيار سد النهضة لحجز المياه فحسب، بل تتخوف من انهيار مفاجئ. وقال الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود الدولي، إن أوغندا ستفتح سد "كاروما" في بداية عام 2017، مشيرًا إلى أن السد يمكنه حجز 2.5 مليار متر مكعب، ويأتي ذلك على حساب حصة دولتي المصب "مصر والسودان". وأوضح حافظ في تصريحات صحفية، أن هناك خطورة على مصر من السودان أيضًا، والتي قامت برفع سد الرصيورص بالجنوب لتزيد حجم سعته من 3.0 مليار متر مكعب ل7.4 مليار متر مكعب، لافتًا إلى أن كل تلك السدود تؤثر بشكل كبير على حصة مصر. من جانبه، قال الدكتور علاء الظواهري، عضو اللجنة الثلاثية لسد النهضة، إن اهتمام القيادة بسد النهضة، لأنه الأكثر خطورة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى عدم تجاهل باقي السدود والدليل على ذلك، هي الزيارات المصرية المتكررة لأوغندا والسودان. وأوضح الظواهري ل "المصريون"، أن مصر دعمت السودان في إقامة السدود لأن من حقها التنمية، بل وساعدتها "ماديًا ومعلوماتيًا"، لكن ذلك قبل أن تفاجئ بموقفها من سد النهضة. وأشار إلى أن بعض السدود المقامة في إثيوبيا بخلاف سد النهضة لا تقع مباشرة على النيل وهو ما يجعل تأثيرها السلبي محدودا بخلاف سد النهضة الذي يتحكم في النهر بشكل تام. وقال الدكتور ضياء القوصي، خبير المياه، إن مصر على علم بالسدود التي تبنى على النيل، لكن خطورة سد النهضة تطغى على أي شيء، لافتًا إلى أن الوضع الحرج وما تقوم به إثيوبيا من استفزازات، جعل الاهتمام المصري منصبا حول "النهضة". وأوضح القوصي ل "المصريون"، أنه لا شك في أن أي سد يقام على النيل يخصم من حصة مصر ويضعف المياه في المجرى، لكن في الوقت ذاته لا يمكن أن تحرم دولة من التنمية، معتبرًا أن كل دول حوض النيل التفت إلى بناء سدود بعدما اتخذت إثيوبيا الخطوة الأولى. وتنظر مصر إلى سد النهضة الإثيوبي باعتباره الخطر الأعظم الذي يواجهها في المرحلة القادمة، خصوصًا وأنه من المتوقع أن يخصم السد نحو 10 مليار متر مكعب من المياه، في الوقت الذي يزداد فيه أعداد المصريون ويطالبون بزيادة الحصة المائية.